» » أنا لا أحب الديموقراطية ولا الدستور الجديد

أسا بريس : محمد نجيب فني   
صناديق الإقتراع لا تحابي أحدا والديموقراطية تضع الكل في الميزان، وهذا ما آل إليه الوضع في بلدنا الحبيب حيث شكلت حكومة بأربعة أحزاب جلسوا على مائدة المفاوضات وخرجوا بتشكيلة عرضت على صاحب الجلالة فقبلها فبدأت تعمل في الواضح.

تتبعنا جميعا اللقاءات الماراطونية لحزب العدالة والتنمية مع باقي مكونات الأغلبية من أجل التفاهمات حول الحقائب الوزارية لكل فريق ولم يكن يدري أحد منا ماذا يحدث في الكواليس، إلا بعض ما يثار في الوسائل الإعلامية حتى ظهرت النتائج بعد مخاض طال انتظاره والكل كان يترقب ما ستؤول إليه التوافقات وكيف سيتم التراضي على الوزارات ذات الثقل الإجتماعي الحساس والتي لها تأثير على العمل الحزبي ومساره في المجتمع ومكانته ومدى ارتباط المهمة ببرنامج الحزب وما وعد به جمهوره وكل فئة تعمل ألف حساب للمسؤوليات التي ستسند إليها وعما قريب سوف تأتي الإنتخابات الجماعية وسيسأل كل حزب على ما قدم.
كل هذه الحسابات كانت حاضرة عند كل طرف وكان يناور من أجل أن يقف موقفا مشرفا في اللحظات المناسبة.
وبغض النظر عن الحصص والتوزيع الذي تم التراضي حوله بدأت الحكومة في اجتماعاتها وأشغالها وانتظرنا جميعا  التقرير الحكومي والإستراتيجية التي ستعمل بها خلال المرحلة المقبلة ووسائل الإعلام تكتب وتحلل وتقارن مدى ملاءمة التحركات مع الدستور الجديد وفي الأخير تم عرض البرنامج الحكومي على البرلمان، هذا كله تم بالمناقشة والتوافق والتراضي ولم يقل أحد غير ما تم عرض وقبلوه من طرف الجميع.
اشتغل كل وزير بجدية وحاول أن يعطي ما في جهده ويبدل كل ما يدخر من أفكار ومبادرات في وزارته ويحاول أن يظهر بالمظهر المناسب والمتميز الذي ينتظره الجمهور المغربي التواق إلى التغيير والمتحمس لكل جديد يبدد عنه ظلمات الفساد والإستبداد ويرفع عنه ضيق المعانات اليومية والفقر والجهل والبطالة وغلاء المعيشة.
أنا لا أظن ولا يأتي على بال واحد منن جميعا أن الوزراء يشتغلون بعيدين عن أحزابهم وبعيدين عن المراقبة الداخلية لهيئاتهم ولمؤسساتهم التي رشحتهم للمسئولية.
أعجبني وراقني كثيرا أن الحكومة اشتغلت بميثاق جماعي ووضعوا لهذا الميثاق مؤسسة بكتابة خاصة يلجؤون إليها كلما كان الإختلاف وتعدد الرؤى من أجل التقريب وتوحيد الأفكار والمخططات.
بدأت نتائج العمل الحكومي تظهر للعيان عبر مجموعة من الملفات سواء في محاربة الفساد من خلال لوائح لاكريمات أو لوائح استغلال المقالع أو الملفات التي عرضت على المحاكم للبث فيها أو لوائح المستفيدين من التفرغ النقابي أو المستفيدين من المنح واللوائح طويلة وآتية...
الغريب في الأمر هو أن يأتي طرف من الحكومة وعلى غير عادة ويعلن عن عقد ندوة أمام الرأي العام للإعلان عن مذكرة مرفوعة لرئيس الحكومة من أجل التغيير الحكومي. هذا يعني أن هذا الطرف يضع الحكومة ورئيسها أمام خيار واحد لا يقبل المناقشة وهو فرض الرأي الواحد لا غير وسلوك اتجاه جديد أحب من أحب وكره من كره ولا علاقة له بالديموقراطية ولا حسن التدبير ولا الحكامة الجيدة ولا مؤسسة للحوار البناء الداخلي ولا جدال ولا نقاش إنما يريد أن يقول هذا رأيي وكفى. بل اكتشف وتبين بالواضح أن القصد كما بينته هيسبريس للعيان أن الأمر يتعلق بالوصول إلى رآسة الحكومة.
والغريب والأغرب في الأمر أن يقول البعض أن رئيس الحكومة لا يقبل النصح وأن التغيير الحكومي أمر عادي وبديهي في الدول الديموقراطية وقد حدث هذا من قبل في المغرب وفي دول مجاورة في كذا وكذا، ومذا سيحدث لو وقع تغيير حكومي وهل هذا هو آخر الدنيا إلى غير ذلك من الكلام الفضفاض الغير متزن والغير محسوب والغير اللائق.
هل بهذه الكيفية أولا تكون النصيحة وداخل الأغلبية؟ فهند العقلاء النصيحىة لها وقتها ومكانها وكيفيتها. فلا الكيفية ولا الوقت ولا المكان يحقق النتيجة المطلوبة. فكان اللائق أن يجلس الطرفان أو كل الأطراف على مائدة المفاوضات كما تم الإتفاق من قبل على تشكيل الحكومة وعلى التقرير الحكومي وغير ذلك من الأمور دون أن يعرف أحد ولا أظن أن أحدا من الأطراف إذ ذاك سيرفض التغيير المطلوب والمقبول والمعقول، والكل ينشد التغيير.
ثم ما معنى مصرنة المغرب؟ وأين تتجلى هذه الوصفة؟ ومن قبلها الإتهام بتأسيس إمارة إسلامية في المغرب، إننها تتجلى بوضوح في غيظ وحقد وكراهية بعيدة كل البعد عن العمل السياسي المتزن. فالإمارة الإسلامية والدولة الإسلامية قائمة والحمد لله بإمارة المؤمنين صاحب الجلالة محمد السادس حفظه الله ونصره على الظالمين المفترين الذين لا يريدون الخير لهذا البلد. أما المصرنة فعيب من رجل سياسي أن أولا أن يتدخل في شؤون دولة عزيزة على المغرب وصديقة حميمة وتعتبر أم الدول العربية والإسلامية وشأنها يعنينا كثيرا فكيف نحطم بلفظة غير محسوبة علاقاتنا مع أحب الناس إلينا. ومصر شهدت تغييرا حقيقيا رغم عسارته وعاشت ديموقراطية واضحة للشرق وللغرب رغم تكالبهما ومحاربتهما لهذه الديموقراطية الناشئة التي لم تعرفها مصر من قبل.
لكن الحاقدين سيظلون مع أمثالهم من الفلول لأنهم يشكلون رأس وعصارة الفساد في أو طانهم وخارجها.
الحاقدون الكارهون لن يقبلوا بالديموقراطية ولا بما جاءت به صناديق الإقتراع وسوف يظلون يحاربون في خندقه كل من يخالفهم الرأي وفي نفس الوقت يدعون أن الآخر لا يقبل بالرأي الآخر. وهم في وسط أحزابهم لا يقبلون بالرأي الآخر ويتهمون بعضهم بشراء الذمم وشراء الأصوات وبالتدخل الخارجي ويتهمون أنفسهم بمحاربة الديموقراطية.
إنهم يخبطون خبط عشواء كآكل الربا؟ إن المتتبع للعمل الحكومي ولعمل الأغلبية، فقد سمع ورأى وقد قالها بكل وضوح الأمين العام لحزب التقدم والإشتراكية نبيل بن عبد الله :إن الذي يقارن المغرب بتونس وليبيا و مصر يلعب بالنار. لماذا قالها هذا السياسي من داخل الحكومة؟
لأنه يعرف ما يقول وكان الأحرى أن يوجه له النقد من أصحابه من التقدميين والإشتراكيين والحداثيين؟ لكن الحقد أعمى.
قالها لأنه يعيش الحقيقة داخل الحكومة ويعيش يوميا مع رئيسها ويعرف لغته وخطابه ويتم الحوار المباشر المستمر بينهما بدون حواجز وبدون عراقل وبرغبة واضحة انطلاقا مما يجمعهما من مواثيق وقوانين طبقا للعمل الديموقراطي النزيه الشفاف وليس الغادر الذي يطعن من الخلف.
أنا هنا لا أدافع عن أحد بعينه ولا عن حزب بعينه ولكني أريد أن أضع الأمور في مواضعها وفي نصابها وأقول لمن يحارب الديموقراطية ويدعي أنه من أهلها أنت كاذب مخادع بين الحقد والكراهية ولا تقبل الرأي الآخر. وقلها بصراحة أنت لا تحب الديموقراطية ولا الدستور الجديد ولا المصرنة لأنها أخت المغربة. إنك بكل وضوح تقبل شيئا واحدا أن تكون أنت فقط ومن على شاكلتك.
وفي أحد المداخلات الفيسبوكية رد علي أحد من هؤلاء أن الديموقراطية غير صالحة للمغاربة لأن جلهم أميون. وهذا رأي حسني مبارك ورأي زين العابدين بن علي ورأي الكدافي ورأي الأسد ورأي الفلول جميعا. هذه هي الحقيقة.
عاش المغرب عاليا قويا مزدهرا وبدستوره الجديد رغم أنفكم بقيادة أمير المؤمنين صاحب الجلالة محمد السادس.
إني أعلم علم اليقين أنهم يشتمونني ويرمونني بالمتخلف والرجعي وخصوصا بعد هذه العبارة الأخيرة، الواضحة المعالم التي يتشبت بها المغاربة جميعا من شمال المغرب إلى جنوبه ومن شرقه إلى غربه. وهي عبارة وحدة المغاربة وقوتهم. ويتمنون بالليل والنهار أن يأتي اليوم الذي تتغير فيه ولكن بعدهم وما يمكرون.
إنهم الحاقدون الذين يحملون شعارا واحدا أبديا: أنا لا أحب الديموقراطية ولا الدستور الجديد.
شعارهم الحقيقي أنهم يحبون أنفسهم وبعدهم الطوفان.
أنا لا أقول العام زين ولكن أقول كونوا واقعيين وقد عشتم معانات حزب العدالة والتنمية حينما أرادوا استئصاله واتهموه بالإرهاب وهو بريئ منه ولم يلجأ إلى العنف بل بادر بالدفاع عن نفسه بالكلمة وبالصبر وبالتي هي أحسن وحاربنه جل المنابر التي تدعي الديموقراطية وتبين أنها تعاني داخليا من الديموقراطية.
وجاءت حركة عشرين فبراير ولم يقل هذه فرصتي وسلك مسلك العقلاء ووقف في صف الرحمة وصف خيار مصلحة البلاد ولازال يسلك نفس المسلك وأنا لا أدافع عنه. ولكن أذكر الحاقدين بأن رأيهم يتغير دائما لمصلحتهم وليس لمصلحة البلد.
إنهم لا يحبون الديموقراطية ولا الدستور الجديد. رغم مطالبتهم بها ومطالبتهم بالتنزيل الحقيقي للدستور، يقولون بأفواههم ما لم تؤمن به قلوبهم.
أقول لهؤلاء كفى من العبث وتوبوا إلى رشدكم فأنتم في مغرب جديد مع ملك شاب طموح، وحكومة خرجت من صناديق الإقتراع، اتركوا لها الفرصة فشعارها العمل المشترك مع الأغلبية والمعارضة واسلكوا درب العقلاء وراجعوا أنفسكم وحاسبوها قبل فوات الأوان، إذا كان لكم رأي للإصلاح فبادروا به وإن كان لديكم مشروع تنمية فبادروا به واتركوا البلد بأمان ولا تلعبوا بالنار.



كاتب المقال Unknown

حول كاتب المقال : قريبا
«
Next
رسالة أحدث
»
Previous
رسالة أقدم
التعليقات
0 التعليقات

ليست هناك تعليقات:

دع تعليقك