» » » معركة المجازين و تموقع نخبة الإقليم

أسا بريس  : سواخ براهيم

بداية لا يسعني إلا أن أحيي الحراك الاحتجاجي للمجازين الصحراويين بالإقليم الساعين وراء تحقيق مكاسبهم العادلة و المشروعة ، فالحراك الاحتجاجي الذي تقدم عليه هذه الفئة، هو فيما لا شك فيه مسألة حتمية و ضرورة لا مفر منها في ظل "جدلية الصراع و الانتصار" في مجابهة السلطة السياسية بالإقليم، و هذا الاحتجاج الذي عبر عن عمق رقي الفعل الاحتجاجي لدى الجماهير الواسعة بالإقليم و الذي لم يكن حكرا فقط على المقاربة الذكورية للفعل الاحتجاجي بل شكل نسيجا لمختلف الأطياف الصحراوية و الذي لم يستثني الصغير و الكبير و لا حتى الأمهات اللواتي لم يقفن في مواكبة ركب الفعل النضالي لأبنائهن في تحقيق مكاسبهم العادلة و المشروعة، فقد جسد رسالة واضحة لسلطة السياسية الوصية على الإقليم من جهة ، و من جهة أخرى للنظام السياسي القائم بالمغرب ، أن إمكانية الالتفاف على مكاسب المنطقة ليس بالشيء الهين أمام قوة الجماهير الشعبية باسا .
إن مكسب " الكارطيات " لا يمكن اعتباره واجبا على السلطة السياسية بالإقليم بل هو حق من حقوق الساكنة ، والذي يشكل المخرج الوحيد و الأوحد للإنسان البسيط بالمنطقة لتصريف أزماته الاجتماعية و الاقتصادية في ظل غياب موارد معينة لتحقيق اكتفائه الذاتي أمام المتطلبات المتزايدة و الغير منتهية، الشيء الذي يفرض الرفع من مستوى الحراك الاحتجاجي لضمان هذا الحق الذي يشكل  المدخل الوحيد للإنسان البسيط بالمنطقة ، فمنذ خروج هذا المكسب الى حيز الوجود من مبادرة لبعض المناضلين بالمنطقة لا ننسى بعض المحاولات الفاشلة للسلطة السياسية للالتفاف على هذا الحق و الدليل القاطع على ذلك هو " معركة حماة المكاسب" الموسم الفارط و بالتالي فإن معركة المجازين اليوم بالإقليم ماهي إلا امتداد لهذه المعركة في الحفاظ على هذا المكسب، وإن عدم الاستجابة لحلحلة ملف المجازين نعي جيدا أنها سياسة فوقية متعلقة بالخصوص بكواليس الساهرين على تدبير الشأن السياسي المغربي المتزعم من طرف الحكومة الظلامية الغير واعية بأن المنطقة الصحراوية لديها خصوصية واضحة و الغير مأخوذة في أجندتها خصوصا فيما يتعلق بالتوظيف المباشر ، و التوزيع العادل للثروة و إصلاح صندوق المقاصة ... و ما إلى ذلك من الشعارات و الخطابات التي لا تنسجم مع خصوصية المنطقة الصحراوية و الشيء الذي يضع مجازي هذا الموسم في وضعية صعبة تجاوزت السلطة السياسية الوصية على الإقليم لأنهم لم ينجوا من المخططات الظلامية الفوقية، و الشيء الذي يفرض كذلك الإقدام على خطوات نضالية  جريئة و معقلنة وفق المبدأ القائل " الحق ينتزع و لا يعطى " متيقنين كل اليقين أن هناك طاقات نوعية لا تنظر إلى هذا المطلب نظرة ضيقة محدودة بل ترى فيه مطلبا جماهيريا يستدعي النضال من أجله و توحيد الصفوف لانتزاعه.
فإن الحديث عن ملف المجازين اليوم ، فهو لا يخرج عن إطار مجموعة من الإشكاليات البنيوية التي تتخبط فيها الساكنة ، و هنا تجدر الإشارة الى ضرورة القول لماذا إقليم اسا الزاك و منذ انطلاق الفعل الاحتجاجي سنة 1991 و الذي زادت حدته بزيادة عمق الإشكاليات الاجتماعية و الاقتصادية و السياسية منذ سنة 2005 الى حدود ألان يعيش غياب تدخل "النخبة " لترافع على هذا المكسب و على احتياجات المنطقة ، فما موقع نخبة الإقليم من هذا الحراك الاحتجاجي ؟ و أين تتموقع في ظل الوضع المزري للإقليم ؟
فإذا كان علال الفاسي ينظر الى" النخبة بكونها من نتاج الشعب ،  للتعبير عن معاناتهم و مطالبهم في علاقتها بالنظام السياسي "، فهو ما لانجده في الإقليم ،  فالنخبة السياسية بالمنطقة  هي إن صح التعبير الإبن الغير شرعي للساكنة مادامت لم تلج عتبة المناصب السياسية إلا بطرق غير قانونية  ، و بالتالي غياب التفكير الاجتماعي لها و سيطرة النزعة الذاتية في عقليتها ،  و  بتالي غياب التواصل مع السلطة المركزية لسياسة أمور ساكنتها ، أما النظام السياسي القائم بالمغرب فالمقاربة التصفوية للذات الصحراوية أصبحت مؤكدة ،  والشيء الذي مهد لهذا التوجه التصفوي هو غياب نخبة سياسية بالإقليم مثقفة وواعية و متشبعة بالفكر التحرري من الذل و المهانة و التي تضع ضمن أولوياتها الدفاع عن مطالب المجتمع بشموليته ،  ليظل إنعدام وجود نخبة سياسية في الإقليم مشكلا تاريخيا للترافع على إشكاليات المنطقة .
عموما لا يسعني إلا أن أحيي مجازي هذا الموسم و أهنئهم على هذا الفعل الاحتجاجي الراقي في نضالهم على مكاسبهم العادلة و المشروعة ،  و لو أن الشارع  سيبقى المجال الوحيد لإيصال صوت مطالبهم لمن يهمه الأمر في ظل غياب نخبة سياسية جريئة في الإقليم,، الشيء الذي يجعلني أستحضر ما قاله لي أحد تلامذة المدرسة الاشتراكية متألما و هو يصف المشهد السياسي المغربي " المجرتل " على حد تعبيره    " ليتني كنت فاقدا لملكة العقل لأنها في بعض الأحيان لا تأتي إلا بالمصائب ، لأن فاقده على الأقل لا يحس باليأس من واقع شعبه المرير ، وأنا بكامل قوايا العقلية لا تقودوني إلا لليأس من هذا الواقع المرير الذي كاد يقتلني ".
فواقع آسا اليوم من يتدبر فيه و  يشخصه يوما بيوم ،  و يتتبع أخباره لا يصيبه إلا باليأس ، آملين من نخبنا أن تستفيق من سباتها الذي طال و عمر طويلا للترافع على مطالب أبنائها و عن ساكنتها . و خير ما أختتم به هذه السطور المتواضعة لمجازينا و الى كل السواعد المعطلة الصحراوية " الى الأمام الى الأمام نصر من الله و فتح قريب".


كاتب المقال Unknown

حول كاتب المقال : قريبا
«
Next
رسالة أحدث
»
Previous
رسالة أقدم
التعليقات
0 التعليقات

ليست هناك تعليقات:

دع تعليقك