» » » المختفون في قضية الصحراء: دكاكين الأحزاب والمثقفون والكوركاس

أسا بريس :
هي الحرب التي ستحسم جولاتها هناك، بعيد عن الوطن وبعيدا عن ساحة الوغى الحقيقية، أي الصحراء، التي ستغدو مغربية أو غربية حسب ما ستؤول إليه نتائج ذات الحرب... ستحسم هناك، في أروقة مجلس الأمن الدولي، حيث ستتقارع الدبلوماسيات، وستنتصر تلك المرتكزة على العمل الطويل النفس، المتمكنة من اللوبيات الأمريكية والدولية، المعتمدة على العمل الجماعي بين أفرادها، وعلى درجة عالية من تشبيك الفاعلين فيها، لا الدبلوماسية المرتكزة على الانفراد بالقرار، العالمة بكل شيء مثلها مثل الواحد القهار، والتي لا تلتفت إلى شركاءها إلا لحظة أزمة واختناق، إذ يكون القطار قد غادر محطة القرارات وتكون هي قد تخلفت، كعادتها عن اللحاق به...
ومع ذلك، لا بأس من طرح بعض الأسئلة المقلقة التي تخترق التفكير كلما تمعنا في هذه الجلبة التي تحاصرنا، أسئلة الذات بالأساس، لعلنا نوفر لهذا النقاش القليل من الموضوعية ونخرجه من دائرة الانفعال التي غالبا لا تنتج تأطيرا فكريا بالقدر الذي تعمم فيه  حالة من الهيجان، لا يفتأ أن يخبو في أول منعطف يزيح الانتباه عما نسميه القضية...
رغم أن الشائع هو انفراد الدولة بملف الصحراء، وهو انفراد يتبدى أساسا في القرارات الكبرى، إجراء مفاوضات من عدمها، استقبال المبعوث ألأممي والرضي عن عمله أو الغضب منه، تدبير السلطة في المنطقة المتنازع عليها، خاصة فيما يتعلق بالجانب الهوياتي، وأعني بهذا تعينه لأعضاء الكوركاس مثلا، وما إلى ذلك من مظاهر هذا الانفراد، رغم كل هذا، هل قامت الأحزاب السياسية بمبادرات من أجل تثبيث الهوية المغربية في منطقة الصحراء؟ بمعنى هل يمكن لنا الآن، في هذه الظرفية تحديدا، أن نقيم حصيلة لاشتغال كل حزب على حدة حول الهوية في قضية الصحراء؟ هل تملك الأحزاب مقرات لها في العيون، والداخلة وبوجدور وأوسرد، وكلتة زمور، وغيرها من الحواضر الصحراوية، خارج تلك الدكاكين التي تكتريها بمناسبة الانتخابات التشريعية أ المحلية؟ هل تشتغل الأحزاب طوال السنة رفقة المواطنين، تأطيرا وتعبئةً، ومواكبة في مشاريعهم ومشاكلهم وأحلامهم؟
كان الهروب سهلا من هذه المهام، بادعاء أن الدولة تضع يدها على ملف الصحراء، وبأنها تمنع كل مزاحمة في تدبيره، لكن هل سبق لأي حزب أن قرر الاشتغال هناك، ومنع من ذلك؟ ما هي أشكال المنع؟ كيف تمت مناهضة هذا المنع، على اعتبار أن الحزب مجبر على النضال من أجل رفع كل الحواجز أمام اشتغاله وفي كل مناطق المغرب، او ليست الصحراء منطقة من مناطق المغرب؟
سؤال اشتغال الأحزاب، يطرح على فئات أخرى، لعلها أبرزها الآن هو سؤال المثقف... وسؤال المثقف ذو شجون وطنية أكبر من قضية الصحراء، إذ أن صمته العام اتجاه ما يدور في المجتمع أصبح يستند إلى رؤى ونظريات في علم الصمت والارتكان للطوابق العليا من الأبراج العاجية، بدعوى التأمل العميق وعدم التسرع في اتخاذ المواقف، بترك الأحداث تنسحب إلى رفوف التاريخ كي يشتغل عليها بعمق وتأني، بعيدا عن غوغاء العامة وحماسة الشعبويين... تنسحب الأحداث فعلا إلى دهاليز التاريخ، لكن صمته يضل حاضرا، في الوقت الذي يجب عليه أن يتكلم، بذات منطق التأمل، وبالحمولة الفكرية الصحيحة، أو بنفحة الإبداع التي تعبر عن واقع المواطن في هذا البلد، كي يشذب تفكيره ولا يتركه عرضة لجذبة السياسيين...
سؤال هامشي آخر لكنه مقلق بدرجة أقل، لأن المعني به لم يكن يوما في صلب قضية الصحراء: أين اختفى الكوركاس؟
 - كود-

كاتب المقال Unknown

حول كاتب المقال : قريبا
«
Next
رسالة أحدث
»
Previous
رسالة أقدم
التعليقات
0 التعليقات