في الأسبوع الماضي اتخذ مجلس الحكومة، برئاسة السيد عبد الإله بنكيران، قرارا تاريخيا يستحق أن يكتب بماء الذهب، لكي يخلد في سجل المنجزات التي أقدمت عليها هذه الحكومة بشكل خاص والدولة المغربية بشكل عام، ليكون مدخلا لقراءة التحولات الجوهرية التي حصلت في مرحلة ما بعد دستور 2011. القرار إياه يتعلق بضرورة» التفاعل السريع والتجاوب الفعال مع الشكايات والمقترحات الواردة من المجلس الوطني لحقوق الإنسان(على الحكومة)، ولجانه الجهوية على المستوى الوطني». وفي إطار هذا التفاعل قررت الحكومة»تعيين نقاط اتصال دائمة ومخاطبين محددين داخل الوزارات المعنية بشكل أكثر بهذه الشكايات، وتحديد مدة معينة، لا تتعدى في أقصى الحالات ثلاثة أشهر، للإجابة عن هذه الشكايات، والعمل على نشر الردود المتعلقة بها».
وهذا إنجاز غير مسبوق في مضمار حماية حقوق الإنسان المستباحة، يجعل شعار»دولة الحق والقانون» عملا ملموسا في الواقع، بدل أن يظل مجرد عبارة مستهلكة. ثم إنه مؤشر على أن الحكومة أيقنت في الأخير أنها قصرت كثيرا على مدار الحقبة الماضية من ولايتها تجاه المواطنين، وقررت في لحظة صحوة الضمير أن تشرع في اتخاذ القرارات الجوهرية التي لا تتطلب سوى مجرد النوايا الحسنة والإرادة السياسية حتى تعيد ثقة المواطن في المؤسسات.
لكن هذا القرار لا يهم جميع المغاربة وجميع الجهات، بل يخص فقط فئة منهم تنتمي إلى الأقاليم الجنوبية، وأساسا في العيون والداخلة وطان طان، حسبما جاء على لسان وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة. وهكذا، بدلا من أن يكون هذا القرار هدية إلى جميع المغاربة، كان صفعة على وجوههم.
قد يقال إن الوضع في الصحراء يتميز بنوع من الخصوصية يقتضي نوعا من التمييز، وأن الصورة الدولية للسياسة الداخلية في بلادنا يتم التقاطها من تلك المنطقة لا من هنا، حيث نوجد نحن، وأن الدولة يجب أن تستثمر سياسيا في تلك الأقاليم، لأن الاستثمار هناك استثمار في صورتها على المستوى الدولي. كما قد يقال بأن الوضع هناك لا يقبل الانتظار أو التأجيل، بينما يمكن للأمور التي تتعلق بالمناطق الأخرى أن تؤجل، لأن العجلة من الشيطان. وهذا في الحقيقة هو ما حصل، لأن القرار الحكومي كان محكوما بهذه الإكراهات.
لكن على فرض أن هذا الأمر صحيح، وهو كذلك، ما الذي يمنع من أن يستفيد جميع المغاربة من هذه الديناميكية الحقوقية التي أعطيت لمنطقة دون أخرى؟. فالواضح أن القرار لم يتم استصحابه بكلفة مالية باهظة حتى يُبرر بهذه الصيغة الاستثنائية التي جاء بها، وكل ما في الأمر أن الحكومة والمجلس الوطني لحقوق الإنسان اتخذا قرارا من صميم صلاحياتهما، التي هي ليست منحة بالمناسبة، ولا هي امتيازات تمنح للمواطنين. فالحكومة هي حكومة منتخبة من جميع المواطنين في الجهات الستة عشر، والمجلس هو مجلس لحقوق الإنسان بالمعنى الحصري، وليس مجلسا لحقوق الإنسان في الصحراء، أو في جهة معينة دون ما عداها.
عندما يقال للمغاربة ـ في مناسبات متعددة ـ إن هناك مغربا واحدا بشماله وجنوبه، شرقه وغربه، يسلم المواطنون بذلك لأن هذا هو الواقع والأصل، ولكن المشكلة اليوم أن الحكومة بهذا القرار تقوم بتصنيف المغاربة حسب الانتماء الجهوي، وهو ما يتعارض صراحة مع دستور 2011 الذي ينص في تصديره على «حظر ومكافحة كل أشكال التمييز، بسبب الجنس أو اللون أو المعتقد أو الثقافة أو الانتماء الاجتماعي أو الجهوي أو اللغة أو الإعاقة أو أي وضع شخصي، مهما كان». والرسالة الضمنية من وراء ذلك القرار ـ وهي غير مقصودة بالطبع لكنها مقروءة ـ هي أن هناك مغربين يتعايشان تحت سقف واحد، وأنا متأكد من أن هذا القرار سيترك جروحا ودماميل في نفوس المغاربة، لأنه ليس من القرارات التي توضع وتنسى بسرعة، بل هو يؤسس لما سماه الأستاذ المهدي المنجرة ـ الذي يوجد اليوم طريح الفراش وندعو له بالشفاء ـ الذلقراطية، التي تعني أن ينتخب الناس حكومة بالشكل الديمقراطي المتعارف عليه، لكي يكون الشكل الديمقراطي عبورا إلى المذلة الجماعية.
وهذا إنجاز غير مسبوق في مضمار حماية حقوق الإنسان المستباحة، يجعل شعار»دولة الحق والقانون» عملا ملموسا في الواقع، بدل أن يظل مجرد عبارة مستهلكة. ثم إنه مؤشر على أن الحكومة أيقنت في الأخير أنها قصرت كثيرا على مدار الحقبة الماضية من ولايتها تجاه المواطنين، وقررت في لحظة صحوة الضمير أن تشرع في اتخاذ القرارات الجوهرية التي لا تتطلب سوى مجرد النوايا الحسنة والإرادة السياسية حتى تعيد ثقة المواطن في المؤسسات.
لكن هذا القرار لا يهم جميع المغاربة وجميع الجهات، بل يخص فقط فئة منهم تنتمي إلى الأقاليم الجنوبية، وأساسا في العيون والداخلة وطان طان، حسبما جاء على لسان وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة. وهكذا، بدلا من أن يكون هذا القرار هدية إلى جميع المغاربة، كان صفعة على وجوههم.
قد يقال إن الوضع في الصحراء يتميز بنوع من الخصوصية يقتضي نوعا من التمييز، وأن الصورة الدولية للسياسة الداخلية في بلادنا يتم التقاطها من تلك المنطقة لا من هنا، حيث نوجد نحن، وأن الدولة يجب أن تستثمر سياسيا في تلك الأقاليم، لأن الاستثمار هناك استثمار في صورتها على المستوى الدولي. كما قد يقال بأن الوضع هناك لا يقبل الانتظار أو التأجيل، بينما يمكن للأمور التي تتعلق بالمناطق الأخرى أن تؤجل، لأن العجلة من الشيطان. وهذا في الحقيقة هو ما حصل، لأن القرار الحكومي كان محكوما بهذه الإكراهات.
لكن على فرض أن هذا الأمر صحيح، وهو كذلك، ما الذي يمنع من أن يستفيد جميع المغاربة من هذه الديناميكية الحقوقية التي أعطيت لمنطقة دون أخرى؟. فالواضح أن القرار لم يتم استصحابه بكلفة مالية باهظة حتى يُبرر بهذه الصيغة الاستثنائية التي جاء بها، وكل ما في الأمر أن الحكومة والمجلس الوطني لحقوق الإنسان اتخذا قرارا من صميم صلاحياتهما، التي هي ليست منحة بالمناسبة، ولا هي امتيازات تمنح للمواطنين. فالحكومة هي حكومة منتخبة من جميع المواطنين في الجهات الستة عشر، والمجلس هو مجلس لحقوق الإنسان بالمعنى الحصري، وليس مجلسا لحقوق الإنسان في الصحراء، أو في جهة معينة دون ما عداها.
عندما يقال للمغاربة ـ في مناسبات متعددة ـ إن هناك مغربا واحدا بشماله وجنوبه، شرقه وغربه، يسلم المواطنون بذلك لأن هذا هو الواقع والأصل، ولكن المشكلة اليوم أن الحكومة بهذا القرار تقوم بتصنيف المغاربة حسب الانتماء الجهوي، وهو ما يتعارض صراحة مع دستور 2011 الذي ينص في تصديره على «حظر ومكافحة كل أشكال التمييز، بسبب الجنس أو اللون أو المعتقد أو الثقافة أو الانتماء الاجتماعي أو الجهوي أو اللغة أو الإعاقة أو أي وضع شخصي، مهما كان». والرسالة الضمنية من وراء ذلك القرار ـ وهي غير مقصودة بالطبع لكنها مقروءة ـ هي أن هناك مغربين يتعايشان تحت سقف واحد، وأنا متأكد من أن هذا القرار سيترك جروحا ودماميل في نفوس المغاربة، لأنه ليس من القرارات التي توضع وتنسى بسرعة، بل هو يؤسس لما سماه الأستاذ المهدي المنجرة ـ الذي يوجد اليوم طريح الفراش وندعو له بالشفاء ـ الذلقراطية، التي تعني أن ينتخب الناس حكومة بالشكل الديمقراطي المتعارف عليه، لكي يكون الشكل الديمقراطي عبورا إلى المذلة الجماعية.