» » » «أونا».. حكاية أخطبوط بسط نفوذه على الاقتصاد الوطــنــي


قبل‭ ‬أن‭ ‬تصلنا‭ ‬رياح‭ ‬الربيع‭ ‬العربي‭ ‬التي‭ ‬أخرجت‭ ‬شباب‭ ‬العشرين‭ ‬من‭ ‬فبراير،‭ ‬كان‭ ‬الهولدينغ‭ ‬الملكي‭ ‬الذي‭ ‬يشرف‭ ‬على‭ ‬شركة‭ ‬أومنيوم‭ ‬شمال‭ ‬إفريقيا‭ ‬اأوناب‭ ‬قد‭ ‬انتبه‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬احتكار‭ ‬المواد‭ ‬الأساسية‭ ‬من‭ ‬زيت‭ ‬وسكر‭ ‬وحليب،‭ ‬لا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يستمر‭. ‬وإذا‭ ‬كان‭ ‬محمد‭ ‬السادس‭ ‬هو‭ ‬ملك‭ ‬الفقراء،‭ ‬فالضرورة‭ ‬تفرض‭ ‬ألا‭ ‬يكون‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬يستفيد‭ ‬من‭ ‬مكاسب‭ ‬هذه‭ ‬المواد‭ ‬التي‭ ‬تعرف‭ ‬بين‭ ‬الفينة‭ ‬والأخرى‭ ‬ارتفاعا‭ ‬كلما‭ ‬ارتفع‭ ‬سعرها‭ ‬في‭ ‬السوق‭ ‬العالمي‭. ‬لذلك‭ ‬بدأت‭ ‬خطوات‭ ‬التخلي‭ ‬عن‭ ‬احتكار‭ ‬هذه‭ ‬المواد‭ ‬لفائدة‭ ‬شركات‭ ‬أخرى‭ ‬قبل‭ ‬2011‭. ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬مفاجئا‭ ‬أن‭ ‬تتضمن‭ ‬بعض‭ ‬شعارات‭ ‬حركة‭ ‬العشرين‭ ‬من‭ ‬فبراير‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬أونا‭ ‬والهولدينغ‭ ‬الملكي،‭ ‬من‭ ‬قبيل‭ ‬افصل‭ ‬المال‭ ‬عن‭ ‬السياسةب‭. ‬لذلك‭ ‬تبدو‭ ‬ااوناب‭ ‬اليوم،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تغيرت‭ ‬صورتها،‭ ‬تلك‭ ‬الشركة‭ ‬التي‭ ‬تتخلى‭ ‬عن‭ ‬قطاع‭ ‬المواد‭ ‬الغذائية،‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تفرط‭ ‬في‭ ‬قطاعات‭ ‬المال‭ ‬والاتصالات‭ ‬والتوزيع‭ ‬والسياحة‭ ‬والعقار‭ ‬ومواد‭ ‬البناء‭ ‬والطاقة‭ ‬والبيئة‭.‬

لقد‭ ‬تأسست‭ ‬شركة‭ ‬أومنيوم‭ ‬شمال‭ ‬إفريقيا‭ ‬المعروفة‭ ‬اختصارا‭ ‬بـ«أونا‮»‬‭ ‬في‭ ‬عشرينيات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬المعمر‭ ‬‮«‬جون‭ ‬إيبينات‮»‬،‭ ‬وبالاعتماد‭ ‬على‭ ‬سلطة‭  ‬القائد‭ ‬التهامي‭ ‬الكلاوي،‭ ‬الذي‭ ‬كانت‭ ‬له‭ ‬سلطة‭ ‬مطلقة‭ ‬بجنوب‭ ‬المغرب‭ ‬لا‭ ‬تضاهيها‭ ‬سلطة‭ ‬أخرى‭ ‬بالبلاد،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تتحول‭ ‬ملكيتها‭ ‬تدريجيا‭ ‬بعد‭ ‬الاستقلال‭ ‬للأسرة‭ ‬الملكية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬رأس‭ ‬مالها،‭ ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬تعيين‭ ‬مدرائها‭ ‬ومسيريها‭ ‬بصورة‭ ‬مباشرة،‭ ‬أو‭ ‬عبر‭ ‬مجلس‭ ‬في‭ ‬إدارة‭ ‬ظل‭ ‬في‭ ‬مجمله‭ ‬صوريا،‭ ‬ليجعل‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬الأسرة‭ ‬الملكية‭ ‬إحدى‭ ‬أغنى‭ ‬الأسر‭ ‬الحاكمة‭ ‬بالعالم‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭.‬

لم‭ ‬تأت‭ ‬قوة‭ ‬الشركة‭ ‬ولا‭ ‬شساعة‭ ‬مجال‭ ‬استثمارها‭ ‬مع‭ ‬توالي‭ ‬الأيام‭ ‬من‭ ‬خاصية‭ ‬ما‭ ‬يميز‭ ‬نشاطها‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬تأتى‭ ‬لها‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬طبيعة‭ ‬ملكيتها،‭ ‬وطبيعة‭ ‬الارتباطات‭ ‬التي‭ ‬فتحت‭ ‬لها،‭ ‬ولا‭ ‬تزال‭ ‬تفتح‭ ‬في‭ ‬السبل‭ ‬والإمكانات‭.‬

فليس‭ ‬من‭ ‬الهين‭ ‬حقا‭ ‬حصر‭ ‬حصة‭ ‬العائلة‭ ‬الملكية‭ ‬بمجموعة‭ ‬‮«‬أونا‮»‬،‭ ‬ولا‭ ‬معرفة‭ ‬عدد‭ ‬القطاعات‭ ‬والمجالات‭ ‬التي‭ ‬تفعل‭ ‬فيها‭ ‬مباشرة،‭ ‬أو‭ ‬بطريقة‭ ‬غير‭ ‬مباشرة‭. ‬وليس‭ ‬من‭ ‬الهين‭ ‬الوقوف‭ ‬بدقة‭ ‬عند‭ ‬عدد‭ ‬وأحجام‭ ‬فروعها‭ ‬داخل‭ ‬البلد‭.‬‮ ‬لكن‭ ‬الأكيد‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬‮«‬أونا‮»‬‭ ‬ظلت‭ ‬تسيطر‭ ‬على‭ ‬جل‭ ‬القطاعات‭ ‬الحيوية،‭ ‬أو‭ ‬ذات‭ ‬الطبيعة‭ ‬الاستراتيجية،‭ ‬ابتداء‭ ‬بمجالات‭ ‬الفلاحة‭ ‬والصيد‭ ‬البحري،‭ ‬والصناعات‭ ‬التحويلية‭ ‬والمعادن‭. ‬مرورا‭ ‬بقطاعات‭ ‬التوزيع‭ ‬والصناعات‭ ‬الغذائية‭ ‬والأنشطة‭ ‬المالية‭ ‬والمصرفية،‭ ‬وانتهاء‭ ‬بقطاع‭ ‬المعلومات‭ ‬والاتصالات،‭ ‬لدرجة‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬يعثر‭ ‬المرء‭ ‬على‭ ‬قطاع‭ ‬أو‭ ‬مجال‭ ‬نشاط‭ ‬اقتصادي‭ ‬أو‭ ‬مالي،‭ ‬إلا‭ ‬وللمجموعة‭ ‬حصة‭ ‬ما‭ ‬برأس‭ ‬ماله،‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬بمجمله،‭ ‬فعلى‭ ‬الأقل‭ ‬بمستوى‭ ‬حصة‭ ‬تمنح‭ ‬المجموعة‭ ‬سبل‭ ‬مراقبته،‭ ‬والتحكم‭ ‬فيه‭ ‬ولو‭ ‬عن‭ ‬بعد‭.‬

وعلى‭ ‬هذا‭ ‬الأساس،‭ ‬تفرع‭ ‬نشاط‭ ‬المجموعة‭ ‬وتعدد‭ ‬إلى‭ ‬درجة‭ ‬التشابك‭ ‬فيما‭ ‬يشبه‭ ‬الأخطبوط‭ ‬الذي‭ ‬تمكن‭ ‬بفضل‭ ‬موقعه،‭ ‬وما‭ ‬راكمه‭ ‬من‭ ‬أملاك،‭ ‬من‭ ‬رهن‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الوطني‭ ‬وارتهانه،‭ ‬بل‭ ‬والتحكم‭ ‬في‭ ‬مفاصله‭ ‬الكبرى‭ ‬استثمارا‭ ‬وإنتاجا‭ ‬وتوزيعا‭ ‬واستهلاكا‭.‬

قد‭ ‬لا‭ ‬يبدو‭ ‬للمرء‭ ‬أن‭ ‬ثمة‭ ‬عيبا‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬بالمغرب‭ ‬أو‭ ‬له،‭ ‬مجموعات‭ ‬اقتصادية‭ ‬كبرى،‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬منافسة‭ ‬ما‭ ‬سواها‭ ‬من‭ ‬مجموعات‭ ‬كبرى‭ ‬أخرى‭ ‬إقليمية‭ ‬أو‭ ‬دولية‭. ‬فعلى‭ ‬الأقل‭ ‬تساهم‭ ‬في‭ ‬نمو‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الوطني،‭ ‬وإشاعة‭ ‬بريقه‭ ‬هنا‭ ‬وهناك‭. ‬وقد‭ ‬لا‭ ‬يبدو‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬العيب‭ ‬في‭ ‬شيء‭ ‬أن‭ ‬توسع‭ ‬المجموعة‭ ‬إياها‭ ‬نشاطها‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬قطاع‭ ‬وفضاء‭ ‬اشتغال،‭ ‬فهي‭ ‬مقاولة‭ ‬والقوانين‭ ‬لا‭ ‬تمنعها‭ ‬من‭ ‬ذلك‭.‬

لكن‭ ‬العيب،‭ ‬يأتي‭ ‬من‭ ‬طبيعة‭ ‬علاقتها‭ ‬بالقصر،‭ ‬وتدثرها‭ ‬خلفه‭ ‬لاعتماد‭ ‬سلوك‭ ‬غير‭ ‬ذي‭ ‬طبيعة‭ ‬اقتصادية‭. ‬أو‭ ‬له‭ ‬علاقة‭ ‬بمنطق‭ ‬المنافسة‭ ‬والتباري‭ ‬بالسوق‭.‬‮ ‬

إن‭ ‬مجموعة‭ ‬‮«‬أونا‮»‬‭ ‬بهذا‭ ‬المنطق‭ ‬إنما‭ ‬أضحت‭ ‬دولة‭ ‬داخل‭ ‬الدولة‭. ‬فلا‭ ‬رقيب‭ ‬على‭ ‬أنشطتها‭ ‬ولا‭ ‬حسيب‭ ‬على‭ ‬سلوكها‭. ‬بل‭ ‬ولا‭ ‬من‭ ‬يجرؤ‭ ‬على‭ ‬مساءلتها‭ ‬بلجان‭ ‬تحقيق‭ ‬أو‭ ‬بإمكانية‭ ‬التدقيق‭ ‬في‭ ‬حساباتها،‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬اشتغالها‭. ‬فهي‭ ‬في‭ ‬السوق‭ ‬الخصم‭ ‬والحكم‭. ‬ولا‭ ‬راد‭ ‬لقراراتها‭ ‬حتى‭ ‬وإن‭ ‬كانت‭ ‬مضرة‭ ‬بـ»الخاصية‭ ‬الليبيرالية‮»‬‭ ‬للنظام‭ ‬الاقتصادي‭ ‬الذي‭ ‬اعتمده‭ ‬المغرب‭ ‬منذ‭ ‬الاستقلال‭ ‬وإلى‭ ‬اليوم‭.‬

‮ ‬والدليل‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬المؤشرات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والتجارية‭ ‬حينما‭ ‬توجد‭ ‬بأدنى‭ ‬مستوياتها،‭ ‬تكون‭ ‬مؤشرات‭ ‬المجموعة‭ ‬في‭ ‬أحسن‭ ‬صورة‭ ‬لها‭. ‬ومن‭ ‬الأمثلة‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬نسبة‭ ‬نمو‭ ‬أرباح‭ ‬العام‭ ‬2007‭ ‬ارتفعت‭ ‬بنسبة‭ ‬80‭ ‬بالمائة‭ ‬مقارنة‭ ‬بسنة‭ ‬2006‭.‬‮ ‬‭ ‬إن‭ ‬حالة‭ ‬‮«‬أونا‮»‬‭ ‬لا‭ ‬تحيل‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬التضخم‭ ‬الاحتكاري‭ ‬الذي‭ ‬باتت‭ ‬خلفه،‭ ‬بل‭ ‬ويحيل‭ ‬أيضا‭ ‬ومباشرة‭ ‬على‭ ‬تشابك‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬السياسة‭ ‬والسوق‭ ‬بالمغرب‭ ‬‮«‬المستقل‮»‬،‭ ‬كما‭ ‬بمغرب‭ ‬‮«‬العهد‭ ‬الجديد‮»‬‭.‬

هي‭ ‬علاقة‭ ‬متوترة‭ ‬بكل‭ ‬المقاييس،‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬جراء‭ ‬هيمنة‭ ‬المؤسسة‭ ‬الملكية‭ ‬عبرها،‭ ‬على‭ ‬قطاعات‭ ‬وأملاك‭ ‬ضخمة‭ ‬وشاسعة،‭ ‬ولكن‭ ‬أيضا‭ ‬لأن‭ ‬قواعد‭ ‬اللعبة‭ ‬غير‭ ‬محددة‭ ‬بالمرة‭. ‬بل‭ ‬إنها‭ ‬تحدد‭ ‬من‭ ‬لدن‭ ‬مستويات‭ ‬دخيلة‭ ‬على‭ ‬ميكانيزمات‭ ‬السوق،‭ ‬وآليات‭ ‬المنافسة‭. ‬وبعيدة،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬ذلك،‭ ‬عن‭ ‬رقابة‭ ‬المستوى‭ ‬التشريعي‭.‬

لا‭ ‬ينحصر‭ ‬الأمر‭ ‬عند‭ ‬هذا‭ ‬الحد‭. ‬بل‭ ‬يتعداه‭ ‬عندما‭ ‬كانت‭ ‬المجموعة‭ ‬تعمد‭ ‬للتصرف‭ ‬في‭ ‬الأسعار‭ ‬دونما‭ ‬موجب‭ ‬حق‭ ‬اقتصادي،‭ ‬حيث‭ ‬ظل‭ ‬المواطن‭ ‬يكتوي‭ ‬جراء‭ ‬ذلك،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تقرر‭ ‬‮«‬أونا‮»‬‭ ‬اليوم‭ ‬التخلي‭ ‬عن‭ ‬جل‭ ‬الصناعات‭ ‬الغذائية‭ ‬لكي‭ ‬لا‭ ‬تكون‭ ‬طرفا‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬هذا‭ ‬المواطن‭ ‬البسيط‭.‬‮ ‬

منطق‭ ‬السوق‭ ‬يفرض‭ ‬الرفع‭ ‬من‭ ‬ثمن‭ ‬المواد‭ ‬الاستهلاكية‭ ‬حينما‭ ‬يرتفع‭ ‬سعرها‭ ‬في‭ ‬السوق‭ ‬الدولية‭. ‬لكن‭ ‬حينما‭ ‬يتعلق‭ ‬الأمر‭ ‬بمواد‭ ‬محتكرة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬شركة‭ ‬مملوكة‭ ‬لأعلى‭ ‬سلطة‭ ‬في‭ ‬البلاد،‭ ‬ففي‭ ‬الأمر‭ ‬إحراج‭ ‬كبير،‭ ‬خصوصا‭ ‬وأن‭ ‬محمد‭ ‬السادس‭ ‬ظل‭ ‬يوصف‭ ‬بملك‭ ‬الفقراء،‭ ‬وراهن‭ ‬على‭ ‬تصفية‭ ‬تركة‭ ‬والده‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬وسعى‭ ‬لإنصاف‭ ‬ومصالحة‭ ‬المناطق‭ ‬المهمشة‭. ‬لذلك‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تستقيم‭ ‬سياسته‭ ‬الاجتماعية‭ ‬مع‭ ‬احتكار‭ ‬الشركة‭ ‬المملوكة‭ ‬للهولدينغ‭ ‬الملكي‭ ‬للمواد‭ ‬التي‭ ‬يستهلكها‭ ‬غالبية‭ ‬المغاربة‭ ‬من‭ ‬حليب‭ ‬وسكر‭ ‬وزيت‭.‬

لقد‭ ‬وصل‭ ‬رقم‭ ‬معاملات‭ ‬الشركة‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬30‭ ‬مليار‭ ‬درهم‭ ‬بمتم‭ ‬العام‭ ‬2007‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تجاوزت‭ ‬أسعار‭ ‬منتجاتها‭ ‬طاقة‭ ‬ما‭ ‬يستطيعه‭ ‬المستهلك‭ ‬المتوسط‭ ‬بمجمل‭  ‬فروعها‭  ‬الغذائية‭ ‬كالحليب‭ ‬والخبز‭ ‬والسكر‭ ‬والزيت‭. ‬

واليوم‭ ‬حينما‭ ‬نستحضر‭ ‬بعض‭ ‬محطات‭ ‬الانتفاضات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬التي‭ ‬عرفها‭ ‬مغرب‭ ‬الحسن‭ ‬الثاني،‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬أن‭ ‬نتوقف‭ ‬عند‭ ‬يونيو‭ ‬من‭ ‬سنة‭ ‬1981‭ ‬حينما‭ ‬انتفض‭ ‬السكان‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬قررت‭ ‬الحكومة‭ ‬الرفع‭ ‬من‭ ‬أسعار‭ ‬المواد‭ ‬الغدائية،‭ ‬وفي‭ ‬مقدمتها‭ ‬الزيت‭ ‬والسكر‭. ‬وهي‭ ‬المواد‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تحتكر‭ ‬تسويقها‭ ‬مجموعة‭ ‬‮«‬أونا‮»‬‭ ‬التابعة‭ ‬للهولدينغ‭ ‬الملكي‭ ‬على‭ ‬عهد‭ ‬الحسن‭ ‬الثاني‭.‬

قبل‭ ‬أن‭ ‬تقرر‭ ‬أونا‭ ‬التخلي‭ ‬عن‭ ‬نشاطها‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬المواد‭ ‬الغذائية‭ ‬لارتباطها‭ ‬باستهلاك‭ ‬بسطاء‭ ‬المغاربة،‭ ‬خصوصا‭ ‬وأن‭ ‬الأمر‭ ‬كان‭ ‬يعني‭ ‬مواد‭ ‬السكر‭ ‬والزيت‭ ‬والحليب،‭ ‬كانت‭ ‬قد‭ ‬عانت‭ ‬من‭ ‬منافسة‭ ‬شرسة‭ ‬قادتها‭ ‬الشركات‭ ‬السعودية‭ ‬التي‭ ‬دخلت‭ ‬السوق‭ ‬المغربية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬شركة‭ ‬‮«‬سافولا‮»‬

التي‭ ‬اعتمدت‭ ‬سياسة‭ ‬تكسير‭ ‬الأثمان‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬عرض‭ ‬المنتوجات‭ ‬بثمن‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬كلفتها‭. ‬لذلك‭ ‬قامت‭ ‬شركة‭  ‬لوسيور‭ ‬–‭ ‬كريسطال‭ ‬وقتها‭ ‬بتقديم‭ ‬شكوى‭ ‬لدى‭ ‬المحكمة‭ ‬التجارية‭ ‬ضد‭ ‬العلامة‭ ‬التجارية‭ ‬‮«‬عافية‮»‬‭ ‬التي‭ ‬تسوق‭ ‬زيت‭ ‬المائدة،‭ ‬قالت‭ ‬فيها‭ ‬إن‭ ‬البيانات‭ ‬الواردة‭ ‬في‭ ‬تلفيف‭ ‬عافية،‭ ‬لا‭ ‬تعكس‭ ‬حقيقة‭ ‬المنتوج‭. ‬وبالتالي‭ ‬فهي‭ ‬بمثابة‭ ‬تغليط‭ ‬للمستهلك‭. ‬فحسب‭ ‬البيانات،‭ ‬فإن‭ ‬زيت‭ ‬‮«‬عافية‮»‬‭ ‬مستخرجة‭ ‬من‭ ‬الذرة‭. ‬في‭ ‬حين‭ ‬أنه‭ ‬خليط‭ ‬من‭ ‬الذرة‭ ‬والصوجا‭..‬



‭  ‬لذلك‭ ‬فهذه‭ ‬الخطوات‭ ‬الجريئة‭ ‬اليوم‭ ‬للإنسحاب‭ ‬من‭ ‬القطاعات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬ذات‭ ‬العلاقة‭ ‬المباشرة‭ ‬باستهلاك‭ ‬المواطنين،‭ ‬هي‭ ‬الدليل‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الهولدينغ‭ ‬الملكي‭ ‬أدرك‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬الجالس‭ ‬على‭ ‬العرش‭ ‬هو‭ ‬ملك‭ ‬الفقراء،‭ ‬وهو‭ ‬المستفيد‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬الآن،‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬خطوة‭ ‬للرفع‭ ‬من‭ ‬أسعار‭ ‬المواد‭ ‬التي‭ ‬يستهلكها‭ ‬هؤلاء‭ ‬الفقراء‭ ‬من‭ ‬سكر‭ ‬وزيت‭ ‬وحليب‭.‬



كيف‭ ‬أصبح‭ ‬االتجاري‭ ‬وفا‭ ‬بنكب‭ ‬الذراع‭ ‬البنكي‭ ‬والمالي أونا

ظلت‭ ‬مجموعة‭ ‬‮«‬أونا‮»‬‭ ‬تتحكم‭ ‬في‭ ‬جزء‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬القطاع‭ ‬البنكي‭ ‬والمالي‭ ‬بفضل‭ ‬تحكمها‭ ‬في‭ ‬‮«‬التجاري‭ ‬وفا‭ ‬بنك‮»‬‭ ‬و»أكسا‮»‬‭ ‬و»أكما‮»‬‭. ‬فالتجاري‭ ‬وفا‭ ‬بنك‭ ‬يعتبر‭ ‬أول‭ ‬أكبر‭ ‬بنك‭ ‬بالمغرب‭ ‬العربي‭ ‬حاليا‭ ‬حيث‭ ‬يتوفر‭ ‬على‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مليون‭ ‬زبون‭ ‬و450‭ ‬وكالة‭.‬

أما‭ ‬أكسا،‭ ‬فتنشط‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬التأمينات‭. ‬فيما‭ ‬تعتبر‭ ‬مجموعة‭ ‬‮«‬أكما‮»‬‭ ‬رائدة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الوساطة‭ ‬منذ‭ ‬أن‭ ‬أبرمت‭ ‬شراكة‭ ‬مع‭ ‬المجموعة‭ ‬الأمريكية‭ ‬‮«‬مارس‭ ‬وماك‭ ‬ليتان‮»‬‭.‬

فبمجرد‭ ‬ما‭ ‬تنازل‭ ‬ورثة‭ ‬علي‭ ‬الكتاني‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬سنة‭ ‬2003‭ ‬عن‭ ‬رأسمال‭ ‬شركة‭ ‬‮«‬صوبار‮»‬،‭ ‬المتحكمة‭ ‬في‭ ‬مجموعة‭ ‬‮«‬أومنيوم‭ ‬التدبير‭ ‬المغربي‮»‬‭ ‬المسيطر‭ ‬على‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬70‭ ‬في‭ ‬المائة‭ ‬من‭ ‬تأمينات‭ ‬الوفاء‭ ‬والمراقب‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬36‭ ‬في‭ ‬المائة‭ ‬من‭ ‬رأسمال‭ ‬بنك‭ ‬الوفاء،‭ ‬لفائدة‭ ‬البنك‭ ‬التجاري‭ ‬المغربي‭ ‬تأكدت‭ ‬بجلاء‭ ‬هيمنة‭ ‬مجموعة‭ ‬‮«‬أونا‮»‬‭ ‬على‭ ‬القطاع‭ ‬البنكي‭ ‬والمالي‭ ‬بالمغرب‭.‬

وتمت‭ ‬هذه‭ ‬الصفقة‭ ‬بقيمة‭ ‬تجاوزت‭ ‬2000‭ ‬مليون‭ ‬درهم‭ ‬وبتوقيع‭ ‬التنازل،‭ ‬أعلن‭ ‬عن‭ ‬ميلاد‭ ‬عملاق‭ ‬مالي‭ ‬أصبح‭ ‬يهيمن‭ ‬على‭ ‬القطاع‭ ‬البنكي‭ ‬والمالي‭ ‬بالمغرب‭. ‬آنذاك‭ ‬كان‭ ‬رقم‭ ‬معاملات‭ ‬بنك‭ ‬الوفاء‭ ‬يفوق‭ ‬86‭ ‬مليار‭ ‬درهم،‭ ‬أما‭ ‬رأسماله‭ ‬فناهز‭ ‬10‭ ‬مليارات‭ ‬من‭ ‬الدراهم‭ ‬وقروضه‭ ‬تجاوزت‭ ‬42‭ ‬مليار‭ ‬درهم،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬فاقت‭ ‬موارده‭ ‬73‭ ‬مليار‭ ‬درهم‭.‬

وبعد‭ ‬ابتلاع‭ ‬بنك‭ ‬الوفاء،‭ ‬أصبحت‭ ‬مجموعة‭ ‬‮«‬أونا‮»‬‭ ‬تتوفر‭ ‬على‭ ‬قدرة‭ ‬كبيرة‭ ‬للهيمنة‭ ‬والتحكم‭ ‬في‭ ‬الاستثمارات‭ ‬وتوجيهها،‭ ‬ومنحتها‭ ‬هذه‭ ‬القوة‭ ‬موقعا‭ ‬تنافسيا‭ ‬مريحا‭ ‬لمواجهة‭ ‬الرأسمال‭ ‬الأجنبي‭ ‬الذي‭ ‬ظل‭ ‬حاضرا‭ ‬بقوة‭ ‬في‭ ‬كبريات‭ ‬البنوك‭ ‬بالمغرب‭ ‬كالبنك‭ ‬المغربي‭ ‬للتجارة‭ ‬الخارجية،‭ ‬والبنك‭ ‬المغربي‭ ‬للتجارة‭ ‬والصناعة،‭ ‬والشركة‭ ‬العامة‭ ‬للأبناك‭ ‬بالمغرب،‭ ‬ومصرف‭ ‬المغرب‭.‬

ويعتبر‭ ‬‮«‬التجاري‭ ‬وفا‭ ‬بنك‮»‬،‭ ‬الآن،‭ ‬الذراع‭ ‬البنكي‭ ‬والمالي‭ ‬لمجموعة‭ ‬‮«‬أونا‮»‬‭.‬

لقد‭ ‬فاجأت‭ ‬الجميع‭ ‬خطوة‭ ‬انهيار‭ ‬‮«‬مملكة‮»‬‭ ‬عثمان‭ ‬بنجلون‭ ‬المالية،‭ ‬خصوصا‭ ‬وأن‭ ‬هذا‭ ‬الرجل‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬أبرز‭ ‬المقربين‭ ‬للمخزن‭ ‬بدون‭ ‬منازع‭. ‬وكانت‭ ‬الضربة‭ ‬القاضية‭ ‬هي‭ ‬ابتلاع‭ ‬مجموعة‭ ‬بنك‭ ‬الوفاء‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬يقودها‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬مجموعة‭ ‬البنك‭ ‬التجاري‭ ‬المغربي‭. ‬

وكانت‭ ‬قد‭ ‬سبقت‭ ‬هذه‭ ‬الضربة‭ ‬القاضية‭ ‬إشارات‭ ‬قوية‭ ‬جدا،‭ ‬منها‭ ‬تنحية‭ ‬عثمان‭ ‬بنجلون‭ ‬من‭ ‬المجلس‭ ‬الإداري‭ ‬لجامعة‭ ‬الأخوين،‭ ‬وغيابه‭ ‬المتكرر‭ ‬من‭ ‬مجلس‭ ‬مؤسسة‭ ‬محمد‭ ‬الخامس،‭ ‬ومن‭ ‬مجموعة‭ ‬‮«‬ماروك‭ ‬سوار‮»‬‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬قد‭ ‬اقتناها‭ ‬قبل‭ ‬بضع‭ ‬سنوات‭.‬

وقد‭ ‬فسر‭ ‬البعض‭ ‬هذه‭ ‬الإجراءات‭ ‬بالدخول‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬إعادة‭ ‬ترتيب‭ ‬البيت‭ ‬المغربي‭ ‬عبر‭ ‬تجديد‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬الدوائر‭ ‬الحاكمة‭ ‬والدوائر‭ ‬المالية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬وإعادة‭ ‬ضبط‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬السلطة‭ ‬والمال‭.‬

لقد‭ ‬كان‭ ‬مسار‭ ‬عثمان‭ ‬بنجلون،‭ ‬يوضح‭ ‬بجلاء‭ ‬العلاقات‭ ‬المعقدة‭ ‬بين‭ ‬المال‭ ‬والسلطة‭ ‬بالمغرب،‭ ‬علما‭ ‬أن‭ ‬درجة‭ ‬القرب‭ ‬من‭ ‬القصر‭ ‬الملكي‭ ‬تلعب‭ ‬دورا‭ ‬حاسما‭ ‬لكونها‭ ‬كفيلة‭ ‬بفتح‭ ‬كل‭ ‬الأبواب‭ ‬الموصدة‭ ‬وإزاحة‭ ‬كل‭ ‬العقبات‭ ‬حتى‭ ‬ولو‭ ‬تطلب‭ ‬ذلك‭ ‬تجاوز‭ ‬القانون‭ ‬والدوس‭ ‬عليه،‭ ‬وهذا‭ ‬القرب‭ ‬من‭ ‬القصر‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬سمح‭ ‬لعائلة‭ ‬عثمان‭ ‬بنجلون‭ ‬أن‭ ‬تتحرك‭ ‬بالكثير‭ ‬من‭ ‬الحرية‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬الأعمال‭ ‬والمال‭. ‬فمنذ‭ ‬فجر‭ ‬الاستقلال‭ ‬تمكنت‭ ‬من‭ ‬الاستحواذ‭ ‬على‭ ‬جملة‭ ‬من‭ ‬الصفقات‭ ‬قدمت‭ ‬لها‭ ‬على‭ ‬طبق‭ ‬من‭ ‬ذهب‭ ‬ولعل‭ ‬أولها‭ ‬هي‭ ‬صفقة‭ ‬تزويد‭ ‬إدارة‭ ‬الأمن‭ ‬الوطني،‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬على‭ ‬رأسها‭ ‬آنذاك‭ ‬الغزاوي،‭ ‬بالسيارات‭ ‬باعتبار‭ ‬أن‭ ‬آل‭ ‬بنجلون‭ ‬كانوا‭ ‬يحتكرون‭ ‬تمثيل‭ ‬الشركة‭ ‬السويدية‭ ‬‮«‬فولفو‮»‬‭ ‬بالمغرب،‭ ‬وكانت‭ ‬هذه‭ ‬الصفقة‭ ‬بمثابة‭ ‬جسر‭ ‬للاستفادة‭ ‬من‭ ‬صفقة‭ ‬تفوق‭ ‬الأولى‭ ‬حجما‭ ‬وأهمية‭ ‬وهي‭ ‬صفقة‭ ‬تزويد‭ ‬الجيش‭ ‬الملكي‭ ‬بالسيارات،‭ ‬والشاحنات،‭ ‬والمعدات‭ ‬والآليات‭. ‬وأصبحت‭ ‬هذه‭ ‬الصفقة‭ ‬الضخمة‭ ‬مضمونة‭ ‬بعقد‭ ‬قران‭ ‬عثمان‭ ‬بنجلون‭ ‬بليلى‭ ‬أمزيان‭ ‬ابنة‭ ‬المارشال‭ ‬أمزيان‭. ‬وبهذا‭ ‬الزواج‭ ‬أضحى‭ ‬عثمان‭ ‬صهر‭ ‬المارشال‭ ‬والجنرال‭ ‬المذبوح،‭ ‬رجل‭ ‬ثقة‭ ‬الملك‭ ‬الحسن‭ ‬الثاني‭ ‬قبل‭ ‬تفكيره‭ ‬في‭ ‬التخطيط‭ ‬لانقلاب‭ ‬يوليوز‭ ‬1971‭.‬



وبعد‭ ‬المحاولتين‭ ‬الانقلابيتين‭ ‬الفاشلتين،‭ ‬برز‭ ‬عثمان‭ ‬بنجلون‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬في‭ ‬دائرة‭ ‬الوساطة‭ ‬بخصوص‭ ‬تزويد‭ ‬الجيش‭ ‬الملكي‭ ‬بمختلف‭ ‬المعدات‭ ‬والوسائل‭ ‬لتحديثه‭. ‬وبذلك‭ ‬تمكن‭ ‬من‭ ‬ترسيخ‭ ‬موقعه‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬المالي‭ ‬وتأكد‭ ‬هذا‭ ‬الدور‭ ‬بتسييره‭ ‬للشركة‭ ‬الملكية‭ ‬للتأمين‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬الثمانينيات،‭ ‬ثم‭ ‬وضع‭ ‬يده‭ ‬على‭ ‬شركة‭ ‬التأمين‭ ‬‮«‬الوطنية‮»‬‭. ‬كما‭ ‬توالت‭ ‬مساهماته‭ ‬في‭ ‬جملة‭ ‬من‭ ‬الشركات‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬أصبح‭ ‬على‭ ‬رأس‭ ‬إحدى‭ ‬أهم‭ ‬مجموعة‭ ‬مالية‭ ‬بالمغرب‭. ‬وبإيعاز‭ ‬من‭ ‬السلطة،‭ ‬اقتنى‭ ‬مجموعة‭ ‬‮«‬فينانس‭ ‬كوم‮»‬‭ ‬التي‭ ‬قادته‭ ‬إلى‭ ‬التحكم‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الشركات،‭ ‬وإلى‭ ‬تنويع‭ ‬مجالات‭ ‬تدخله‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬مجال‭ ‬الإعلام‭ ‬والصحافة،‭ ‬حينما‭ ‬اقتنى‭ ‬ماروك‭ ‬سوار‭. ‬لكن‭ ‬سرعان‭ ‬ما‭ ‬بدأ‭ ‬يصادف‭ ‬الصعوبات،‭ ‬حيث‭ ‬كانت‭ ‬‮«‬صفقة‮»‬‭ ‬ابتلاع‭ ‬مجموعة‭ ‬بنك‭ ‬الوفاء‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬الدراع‭ ‬المالي‭ ‬لمجموعة‭ ‬‮«‬أونا‮»‬‭ ‬إعلانا‭ ‬لبداية‭ ‬مسلسل‭ ‬اندحار‭ ‬المملكة‭ ‬المالية‭ ‬لعائلة‭ ‬عثمان‭ ‬بنجلون‭ ‬ومع‭ ‬هذه‭ ‬الصفقة‭ ‬برزت‭ ‬قوة‭ ‬مالية‭ ‬جديدة‭ ‬تهيمن‭ ‬على‭ ‬القطاع‭ ‬المالي‭ ‬والبنكي‭ ‬بالمغرب،‭ ‬وتزداد‭ ‬قوتها‭ ‬بفعل‭ ‬تبعيتها‭ ‬لمجموعة‭ ‬‮«‬أونا‮»‬‭ ‬الخاضعة‭ ‬للهولدينغ‭ ‬الملكي‭ ‬‮«‬سيجير‮»‬‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تتحكم‭ ‬في‭ ‬60‭ ‬في‭ ‬المائة‭ ‬من‭ ‬رأسمالها‭.‬



الوجه‭ ‬السياسي‭ ‬لأخطبوط‭ ‬أونا

على‭ ‬عهد‭ ‬الملك‭ ‬الراحل‭ ‬الحسن‭ ‬الثاني،‭ ‬ظلت‭ ‬المعارضة‭ ‬توجه‭ ‬انتقاداتها‭ ‬الشديدة‭ ‬لمجموعة‭ ‬‮«‬أونا‮»‬‭ ‬التي‭ ‬تصفها‭ ‬بالأخطبوط‭ ‬الذي‭ ‬يحتكر‭ ‬سوق‭ ‬المواد‭ ‬الغذائية‭ ‬التي‭ ‬يستهلكها‭ ‬غالبية‭ ‬المغاربة،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬المجموعة‭ ‬كانت‭ ‬متواجدة‭ ‬في‭ ‬عدة‭ ‬قطاعات‭ ‬إستراتيجية‭ ‬أخرى‭ ‬كالمعادن،‭ ‬ومواد‭ ‬البناء،‭ ‬والزراعة،‭ ‬والتوزيع‭ ‬والخدمات‭ ‬والقطاع‭ ‬المالي‭ ‬والبنكي‭. ‬مع‭ ‬انفتاحها‭ ‬اليوم‭ ‬على‭ ‬مجالات‭ ‬نمو‭ ‬جديدة‭ ‬خصوصا‭ ‬السياحة‭ ‬والتكنولوجيا‭ ‬الجديدة‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬شراكات‭ ‬دولية‭. ‬وبذلك‭ ‬تنوعت‭ ‬أنشطة‭ ‬الهولدينغ‭ ‬الملكي‭ ‬داخل‭ ‬المغرب‭ ‬وخارجه‭. ‬

ومن‭ ‬التساؤلات‭ ‬التي‭ ‬ظلت‭ ‬مرتبطة‭ ‬بمجموعة‭ ‬‮«‬أونا‮»‬،‭ ‬تلك‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالتداخل‭ ‬القائم‭ ‬بين‭ ‬المجالين‭ ‬السياسي‭ ‬والاقتصادي‭ ‬وعلاقة‭ ‬هذه‭ ‬الإشكالية‭ ‬بإمكانية‭ ‬توليد‭ ‬مقاومة‭ ‬سياسية‭ ‬واقتصادية‭ ‬قد‭ ‬تتخذ‭ ‬أشكالا‭ ‬لم‭ ‬يسبق‭ ‬أن‭ ‬عرفها‭ ‬المغرب‭ ‬من‭ ‬قبل‭.‬

على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬جل‭ ‬الخبراء‭ ‬والفاعلين‭ ‬الاقتصاديين‭ ‬يطرحون‭ ‬السؤال‭: ‬هل‭  ‬تساهم‭ ‬اونا‭ ‬في‭ ‬تنمية‭ ‬ثروة‭ ‬الملك،‭ ‬أم‭ ‬الثروة‭ ‬الوطنية؟

تأسست‭ ‬مجموعة‭ ‬أومنيوم‭ ‬شمال‭ ‬إفريقيا‭ ‬‮«‬أونا‮»‬‭ ‬في‭ ‬منتصف‭ ‬عشرينيات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭ ‬حينما‭ ‬قام‭ ‬الفرنسي‭ ‬‮«‬جون‭ ‬أبينا‮»‬‭ ‬بإحداثها‭ ‬سنة‭ ‬1924‭ ‬كشركة‭ ‬لاستغلال‭ ‬معادن‭ ‬جليجة‭. ‬وكان‭ ‬قد‭ ‬اعتمد‭ ‬على‭ ‬الباشا‭ ‬الكلاوي‭ ‬لتوسيع‭ ‬نفوذه‭ ‬في‭ ‬جملة‭ ‬من‭ ‬مناطق‭ ‬المغرب‭. ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬فيه‭ ‬الحسن‭ ‬الثاني،‭ ‬وهو‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬وقتها‭ ‬وليا‭ ‬للعهد،‭ ‬مسيرا‭ ‬لشركة‭ ‬‮«‬سماك‮»‬‭ ‬التابعة‭ ‬للمجموعة‭ ‬آنذاك‭.‬

وبعد‭ ‬الاستقلال،‭ ‬سيقوم‭ ‬مالك‭ ‬أونا‭ ‬الفرنسي‭ ‬ابينا‭ ‬بالاستحواذ‭ ‬على‭ ‬جل‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلاحية‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬يملكها‭ ‬المعمرون‭. ‬ومن‭ ‬يومها،‭ ‬اهتم‭ ‬الملكالراحل‭ ‬الحسن‭ ‬الثاني‭ ‬بمجموعة‭ ‬‮«‬أونا‮»‬،‭ ‬ووضع‭ ‬يده‭ ‬على‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬رأسمالها‭.‬

فمنذ‭ ‬ولادتها‭ ‬في‭ ‬العشرينيات‭ ‬بمساهمة‭ ‬من‭ ‬بنك‭ ‬باريس،‭ ‬والبلاد‭ ‬المنخفضة،‭ ‬كان‭ ‬الملك‭ ‬الراحل‭ ‬هو‭ ‬مديرها‭ ‬العام‭. ‬وبعد‭ ‬الاستقلال‭ ‬أصبح‭ ‬الملك‭ ‬من‭ ‬أكبر‭ ‬المساهمين‭ ‬فيها،‭ ‬حيث‭ ‬كانت‭ ‬تشتغل‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬المناجم‭ ‬من‭ ‬ذهب‭ ‬وفضة،‭ ‬وزنك،‭ ‬ونحاس،‭ ‬وفوسفاط‭. ‬كما‭ ‬ظلت‭ ‬تسيطر‭ ‬على‭ ‬قطاع‭ ‬التأمينات‭ ‬والسياحة‭ ‬وتركيب‭ ‬السيارات‭ ‬وقطاع‭ ‬النقل‭ ‬والقطاع‭ ‬العقاري‭.‬

ولم‭ ‬يكن‭ ‬الأمر‭ ‬ليثير‭ ‬الغرابة‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬قرر‭ ‬والد‭ ‬الحسن‭ ‬الثاني‭ ‬الملك‭ ‬محمد‭ ‬الخامس،‭ ‬استثمار‭ ‬بعض‭ ‬رؤوس‭ ‬أمواله‭ ‬في‭ ‬الخارج‭ ‬خاصة‭ ‬بإيطاليا‭.‬

وتقول‭ ‬برقية‭ ‬لوزير‭ ‬فرنسي‭ ‬إن‭ ‬الملك‭ ‬اقتنى‭ ‬إقامة‭ ‬بجانب‭ ‬بحيرة‭ ‬‮«‬لاك‭ ‬دوكارد‮»‬،‭ ‬ومتجرا‭ ‬كبيرا‭ ‬بمدينة‭ ‬ميلانو‭ ‬بمبلغ‭ ‬قدره‭ ‬250‭ ‬مليون‭ ‬فرنك‭ ‬فرنسي،‭ ‬وقدرت‭ ‬البرقية‭ ‬المبلغ‭ ‬المستثمر‭ ‬خارج‭ ‬المغرب‭ ‬آنذاك‭ ‬بما‭ ‬يناهز‭ ‬مليار‭ ‬فرنك‭ ‬فرنسي‭. ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬كشفت‭ ‬فيه‭ ‬بعض‭ ‬المعطيات‭ ‬أن

ثروة‭ ‬السلطان‭ ‬كانت‭ ‬تقدر‭ ‬وقتها‭ ‬بما‭ ‬يناهز‭ ‬3‭.‬5‭ ‬مليارات‭ ‬فرنك‭ ‬فرنسي‭. ‬وتضم‭ ‬عقارات‭ ‬وضيعات‭ ‬فلاحية‭ ‬وقصور‭ ‬شخصية‭ ‬وفيلات‭ ‬وأراضي‭. ‬كما‭ ‬أضافت‭ ‬نفس‭ ‬المعطيات،‭ ‬أنه‭ ‬تم‭ ‬تحويل‭ ‬مبالغ‭ ‬مالية‭ ‬مهمة‭ ‬وكميات‭ ‬من‭ ‬الذهب‭ ‬والمجوهرات‭ ‬خلال‭ ‬سنة‭ ‬1957‭ ‬و‭ ‬1959‭ ‬و‭ ‬1960‭ ‬إلى‭ ‬أحد‭ ‬البنوك‭ ‬بسويسرا‭.‬

‭ ‬المخزن‭ ‬الاقتصادي

اشتغل‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬الدارسين‭ ‬للاقتصاد‭ ‬الوطني‭ ‬خصوصا‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬معارضي‭ ‬نظام‭ ‬الحسن‭ ‬الثاني،‭ ‬على‭ ‬فكرة‭ ‬المخزن‭ ‬الاقتصادي‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬للفهم‭.‬

وكانت‭ ‬الخلاصة‭ ‬الأولى‭ ‬هي‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬المخزن‭ ‬يعني‭ ‬بدرجة‭ ‬كبيرة‭ ‬تنامي‭ ‬مجموعة‭ ‬‮«‬أونا‮»‬‭ ‬واقترابها‭ ‬الشديد‭ ‬من‭ ‬القصر،‭ ‬وعلاقتها‭ ‬الوطيدة‭ ‬بالملك‭ ‬وبالعائلة‭ ‬الملكية،‭ ‬الشيء‭ ‬الذي‭ ‬منحها‭ ‬شبه‭ ‬احتكار‭ ‬في‭ ‬جملة‭ ‬من‭ ‬المجالات‭. ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬الدور‭ ‬الاقتصادي‭ ‬المتنامي‭ ‬للملكية،‭ ‬وعدم‭ ‬خضوعها‭ ‬للقانون‭ ‬ولقواعد‭ ‬لعبة‭ ‬المنافسة‭ ‬وقواعد‭ ‬السوق،‭ ‬علما‭ ‬أن‭ ‬الخطاب‭ ‬الرسمي‭ ‬يدعي‭ ‬أن‭ ‬اقتصاد‭ ‬المغرب‭ ‬ليبرالي،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬الواقع‭ ‬يفيد‭ ‬بوجود‭ ‬هيمنة‭ ‬شبه‭ ‬مطلقة‭ ‬على‭ ‬أغلب‭ ‬الأنشطة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬بطريقة‭ ‬تضمن‭ ‬الأرباح‭ ‬وتسهل‭ ‬الاستحواذ‭ ‬على‭ ‬قيمة‭ ‬مضافة‭ ‬بدون‭ ‬أدنى‭ ‬مخاطر‭ ‬اعتبارا‭ ‬للطقوس‭ ‬المخزنية‭ ‬السائدة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭. ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬الصدد،‭ ‬يعتبر‭ ‬البعض‭ ‬مجموعة‭ ‬‮«‬أونا‮»‬‭ ‬آلية‭ ‬من‭ ‬آليات‭ ‬ترسيخ‭ ‬أسس‭ ‬الاقتصاد‭ ‬المخزني‭ ‬رغم‭ ‬تمظهراتها‭ ‬الحداثية‭ ‬والمتطورة‭. ‬

تخضع‭ ‬مجموعة‭ ‬‮«‬أومنيوم‭ ‬شمال‭ ‬إفريقيا‮»‬‭ ‬‮«‬أونا‮»‬‭ ‬للهولدينغ‭ ‬الملكي‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬وطد‭ ‬موقع‭ ‬العائلة‭ ‬الملكية‭ ‬في‭ ‬النسيج‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والمالي‭ ‬بالمغرب‭.‬

علما،‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬الطبيعي،‭ ‬أن‭ ‬يتجنب‭ ‬القائمون‭ ‬على‭ ‬أمور‭ ‬الإدارات‭ ‬والمؤسسات‭ ‬العمومية،‭ ‬وفي‭ ‬مقدمتهم‭ ‬وزارة‭ ‬المالية‭ ‬وبنك‭ ‬المغرب‭ ‬والبورصة،‭ ‬أي‭ ‬عرقلة‭ ‬لإدارة‭ ‬مجموعة‭ ‬‮«‬أونا‮»‬‭ ‬بحكم‭ ‬أن‭ ‬تعيينهم‭ ‬يتم‭ ‬بظهير،‭ ‬الشيء‭ ‬الذي‭ ‬ساهم‭ ‬كثيرا‭ ‬في‭ ‬انتفاء‭ ‬شروط‭ ‬المنافسة،‭ ‬ما‭ ‬دام‭ ‬أننا‭ ‬أما‭ ‬وضع‭ ‬فيه‭ ‬من‭ ‬يقوم‭ ‬بدور‭ ‬الخصم‭ ‬والحكم‭ ‬،‭ ‬لأن‭ ‬المجموعة‭ ‬تفرض‭ ‬سياستها‭ ‬في‭ ‬مأمن‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬منافسة‭ ‬داخلية‭ ‬لأنشطته‭.‬

‭  ‬أخطبوط‭ ‬اأوناب‬

وصفت‭ ‬عدة‭ ‬كتابات‭ ‬على‭ ‬عهد‭ ‬الملك‭ ‬الراحل‭ ‬الحسن‭ ‬الثاني‭ ‬المغرب‭ ‬بـ‭ ‬‮«‬مغرب‭ ‬أونا‮»‬،‭ ‬بالنظر‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬أونا‮»‬‭ ‬أضحت‭ ‬أخطبوطا‭ ‬اقتصاديا‭ ‬ضخما‭ ‬تمكن‭ ‬من‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬النسيج‭ ‬الاقتصادي‭ ‬الوطني‭ ‬عبر‭ ‬تقوية‭ ‬موقعه‭ ‬في‭ ‬جملة‭ ‬من‭ ‬الأنشطة‭ ‬الصناعية‭ .‬

وقد‭ ‬اعتبر‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المحللين‭ ‬الاقتصاديين‭ ‬وقتها‭ ‬أن‭ ‬‮«‬أونا‮»‬‭ ‬استطاعت،‭ ‬بفضل‭ ‬المظلة‭ ‬السياسية،‭ ‬أن‭ ‬تحتكر‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬القطاعات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والأسواق‭ ‬بفضل‭ ‬جملة‭ ‬من‭ ‬الامتيازات‭ ‬التي‭ ‬حظيت‭ ‬بها‭ ‬المجموعة‭. ‬إنها‭ ‬الوجه‭ ‬البارز‭ ‬للمخزن‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬بالنظر‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬العائلة‭ ‬الملكية‭ ‬ظلت‭ ‬هي‭ ‬أول‭ ‬فاعل‭ ‬اقتصادي،‭ ‬وأول‭ ‬مستغل‭ ‬فلاحي‭. ‬والثروة‭ ‬الملكية‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬الثروات‭ ‬بالبلاد‭. ‬هذا‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬السلطة‭ ‬السياسية‭. ‬الشيء‭ ‬الذي‭ ‬يجعل‭ ‬منها‭ ‬حكما‭ ‬وخصما،‭ ‬في‭ ‬ذات‭ ‬الوقت،‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬منظومة‭ ‬اقتصادية‭ ‬تسعى‭ ‬لاعتماد‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الليبرالي،‭ ‬علما‭ ‬أن‭ ‬العائلة‭ ‬الملكية‭ ‬ظلت‭ ‬تتقوى‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬الاقتصادي‭ ‬على‭ ‬امتداد‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة،‭ ‬حيث‭ ‬ساهم‭ ‬هذا‭ ‬الموقع‭ ‬في‭ ‬تسهيل‭ ‬المهمة‭ ‬على‭ ‬جملة‭ ‬من‭ ‬المقربين‭ ‬من‭ ‬القصر‭ ‬الملكي‭ ‬للاستفادة‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الوضع‭.‬

أونا‭ .. ‬شركة‭ ‬عابرة‭ ‬للحدود

لم‭ ‬تكتف‭ ‬أونا‭ ‬بنشاطها‭ ‬الداخلي‭. ‬لقد‭ ‬اختارت‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬توسع‭ ‬تواجدها‭ ‬خارج‭ ‬الحدود‭ ‬المغربية‭. ‬فقد‭ ‬قامت‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬شركة‭ ‬‮«‬مناجم‮»‬‭ ‬التابعة‭ ‬لمجموعة‭ ‬‮«‬أونا‮»‬‭ ‬باستثمار‭ ‬24‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭ ‬بغينيا‭ ‬الاستوائية‭ ‬لاستغلال‭ ‬مركب‭ ‬منجمي‭ ‬لاستخراج‭ ‬الذهب‭ ‬يصل‭ ‬إنتاجه‭ ‬السنوي‭ ‬إلى‭ ‬طنين‭ (‬2‭) ‬في‭ ‬السنة‭ ‬ويشغل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬230‭ ‬غينيا‭ ‬وبدأ‭ ‬الاستغلال‭ ‬منذ‭ ‬أبريل‭ ‬2002‭ ‬وقد‭ ‬ساهم‭ ‬هذا‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬خلق‭ ‬مدينة‭ ‬صغيرة‭ ‬بجوار‭ ‬المنجم‭.‬

كما‭ ‬ساهمت‭ ‬المجموعة،‭ ‬عبر‭ ‬نفس‭ ‬شركة‭ ‬“مناجم”‭ ‬في‭ ‬رأسمال‭ ‬الشركة‭ ‬المنجمية‭ ‬الكندية‭ ‬“صيمافو”‭ ‬وذلك‭ ‬بنسبة‭ ‬34‭ ‬في‭ ‬المائة‭ ‬مع‭ ‬تصاعد‭ ‬تدريجي‭ ‬لهذه‭ ‬النسبة‭. ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬دفعها‭ ‬إلى‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬منجم‭ ‬الذهب‭ ‬‮«‬سميرة‭ ‬هيل‮»‬‭ ‬بالنيجر‭ ‬منذ‭ ‬2002‭ ‬ومنجم‭ ‬‮«‬مانا‮»‬‭ ‬ببوركينافاسو‭ ‬سنة‭ ‬2004‭.‬

أما‭  ‬مخطط‭ ‬‮«‬أونا‮»‬‭ ‬المستقبلي،‭ ‬فقد‭ ‬اشتغل‭ ‬على‭ ‬دراسة‭ ‬المهن‭ ‬الإستراتيجية‭ ‬التي‭ ‬سوف‭ ‬تضمن‭ ‬لها‭ ‬البقاء‭ ‬في‭ ‬موقع‭ ‬الريادة‭ ‬مستقبلا‭. ‬وهي‭ ‬قطاع‭ ‬المناجم‭ ‬الذي‭ ‬يمثل‭ ‬22‭ ‬في‭ ‬المائة‭ ‬من‭ ‬رأسمال‭ ‬المجموعة‭..‬

وقطاع‭ ‬التوزيع‭ ‬والذي‭ ‬يمثل‭ ‬16‭ ‬في‭ ‬المائة‭ ‬من‭ ‬رأسمالها‭.‬

والقطاع‭ ‬المالي‭ ‬والبنكي‭ ‬والذي‭ ‬يمثل‭ ‬30‭ ‬في‭ ‬المائة‭ ‬من‭ ‬رأسمالها‭.‬



أما‭ ‬قطاع‭ ‬الصناعة‭ ‬الغذائية،‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬يمثل‭ ‬32‭ ‬في‭ ‬المائة‭ ‬من‭ ‬رأسمالها،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تقرر‭ ‬التخلي‭ ‬عنه‭ ‬لارتباطه‭ ‬بمواد‭ ‬تدخل‭ ‬مباشرة‭ ‬في‭ ‬استهلاك‭ ‬الأسر‭ ‬المغربية‭ ‬الفقيرة‭ ‬من‭ ‬سكر‭ ‬وزيت‭ ‬وحليب‭.  ‬



‭ ‬أونا‭ ‬تجرب‭ ‬حظها‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬الاتصالات‭ ‬



استطاعت‭ ‬الفوز‭ ‬بصفقة‭ ‬الرخصة‭ ‬الثالثة‭ ‬للهاتف‭ ‬الثابت

‭ ‬ظلت‭ ‬مجموعة‭ ‬أومنيوم‭ ‬شمال‭ ‬إفريقيا‭ ‬‮«‬أونا‮»‬‭ ‬تبحث‭ ‬منذ‭ ‬15‭ ‬سنة‭ ‬عن‭ ‬سبيل‭ ‬لولوج‭ ‬قطاع‭ ‬الاتصالات‭. ‬لذلك‭ ‬سعى‭ ‬القائمون‭ ‬عليها‭ ‬إلى‭ ‬تخفيض‭ ‬وتيرة‭ ‬تحرير‭ ‬قطاع‭ ‬الاتصالات‭ ‬إلى‭ ‬حين‭ ‬توفر‭ ‬الشروط‭ ‬الملائمة‭ ‬لتمكينها‭ ‬من‭ ‬نصيبها‭ ‬من‭ ‬الكعكة‭. ‬

لقد‭ ‬انطلقت‭ ‬المنافسة‭ ‬حادة‭ ‬بين‭ ‬‮«‬ماروك‭ ‬كونيكت‮»‬‭ ‬التابعة‭ ‬‮«‬لأونا‮»‬،‭ ‬والمجموعة‭ ‬المصرية‭ ‬‮«‬أوراسكون‮»‬،‭ ‬منذ‭ ‬سنة‭ ‬1990‭ ‬حينما‭ ‬أعلنت‭ ‬‮«‬أونا‮»‬‭ ‬عن‭ ‬رغبتها‭ ‬في‭ ‬الفوز‭ ‬بنصيب‭ ‬من‭ ‬كعكة‭ ‬‮«‬اتصالات‭ ‬المغرب‮»‬‭ ‬التي‭ ‬أسالت‭ ‬وقتها‭ ‬لعاب‭ ‬الكثيرين‭.‬

لقد‭ ‬حاولت‭ ‬‮«‬أونا‮»‬‭ ‬في‭ ‬البداية‭ ‬الاقتراب‭ ‬من‭ ‬مجموعة‭ ‬‮«‬فرانس‭ ‬تيليكوم‮»‬‭ ‬للتمكن‭ ‬من‭ ‬التدخل‭ ‬في‭ ‬القطاع‭. ‬لكن‭ ‬بعد‭ ‬فشل‭ ‬المفاوضات‭ ‬مع‭ ‬الفرنسيين،‭ ‬كانت‭ ‬محاولة‭ ‬أخرى‭ ‬سنة‭ ‬1998‭ ‬مع‭ ‬المجموعة‭ ‬الأمريكية‭ ‬‮«‬أمريكان‭ ‬توش‭ ‬كومنيكايشن‮»‬‭. ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬خضم‭ ‬المفاوضات‭ ‬تمكنت‭ ‬مجموعة‭ ‬‮«‬فودافون‮»‬‭ ‬من‭ ‬سحب‭ ‬البساط‭ ‬من‭ ‬تحت‭ ‬أقدام‭ ‬‮«‬أونا‮»‬‭ ‬بابتلاعها‭ ‬المجموعة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬لذلك‭ ‬قررت‭ ‬مجموعة‭ ‬الهولدينغ‭ ‬الملكي‭ ‬منذ‭ ‬سنة‭ ‬2000‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬نفسها‭. ‬لكنها‭ ‬ستتعرض‭ ‬لفشل‭ ‬آخر‭ ‬في‭ ‬سنة‭ ‬2003‭ ‬عندما‭ ‬تم‭ ‬عرض‭ ‬16‭ ‬في‭ ‬المائة‭ ‬من‭ ‬رأسمال‭ ‬‮«‬اتصالات‭ ‬المغرب‮»‬‭ ‬للخوصصة،‭ ‬حينما‭ ‬حاولت‭ ‬خلق‭ ‬شراكة‭ ‬مع‭ ‬بعض‭ ‬الجهات‭ ‬الأجنبية،‭ ‬منها‭ ‬المجموعة‭ ‬السعودية‭ ‬‮«‬دلة‭ ‬بركة‮»‬،‭ ‬والمجموعة‭ ‬الإماراتية‭ ‬‮«‬اتصالات‮»‬‭ ‬والمجموعة‭ ‬اللبنانية‭ ‬‮«‬أو‭. ‬جي‭ ‬كروب‮»‬‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬في‭ ‬ملكية‭ ‬الوزير‭ ‬اللبناني‭ ‬المغتال،‭ ‬رفيق‭ ‬الحريري‭. ‬لكن‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬ضاعت‭ ‬الفرصة‭ ‬من‭ ‬يد‭ ‬‮«‬أونا‮»‬،‭ ‬إذ‭ ‬فازت‭ ‬مجموعة‭ ‬‮«‬فيافندي‮»‬‭ ‬بالصفقة‭.‬

وفي‭ ‬سنة‭ ‬2004،‭ ‬أعادت‭ ‬‮«‬أونا‮»‬‭ ‬الكرة،‭ ‬وحاولت‭ ‬التفاوض‭ ‬مع‭ ‬أحد‭ ‬أكبر‭ ‬المساهمين‭ ‬في‭ ‬رأسمال‭ ‬‮«‬ميديتيليكوم‮»‬‭ ‬لاقتناء‭ ‬نصيبها،‭ ‬لكنها‭ ‬فشلت‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬مسعاها‭.‬

وبعد‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الإحباطات،‭ ‬قررت‭ ‬مجموعة‭ ‬‮«‬أونا‮»‬‭ ‬تغيير‭ ‬إستراتيجيتها‭ ‬رأسا‭ ‬على‭ ‬عقب‭ ‬سعيا‭ ‬وراء‭ ‬الفوز‭ ‬بصفقة‭ ‬الرخصة‭ ‬الثالثة‭ ‬للهاتف‭ ‬الثابت‭. ‬وهذه‭ ‬المرة‭ ‬اختارت‭ ‬الشراكة‭ ‬مع‭ ‬شريك‭ ‬أقل‭ ‬منها‭ ‬قوة‭ ‬ووزنا،‭ ‬وهو‭ ‬مجموعة‭ ‬‮«‬ماروك‭ ‬كونيكت‮»‬،‭ ‬لتتمكن‭ ‬أخيرا،‭ ‬وبهذه‭ ‬الطريقة‭ ‬من‭ ‬تحقيق‭ ‬فوز‭ ‬صغير،‭ ‬لكنه‭ ‬بالغ‭ ‬الأهمية‭ ‬اعتبارا‭ ‬لسعيها‭ ‬الطويل‭ ‬لولوج‭ ‬قطاع‭ ‬الاتصالات‭. ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬نتائج‭ ‬هذه‭ ‬الصفقة‭ ‬كانت‭ ‬قد‭ ‬أثارت‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الجدل‭ ‬بعد‭ ‬تأجيل‭ ‬الإعلان‭ ‬عن‭ ‬نتائجها،‭ ‬خصوصا‭ ‬وقد‭ ‬تحدث‭ ‬البعض‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬عرض‭ ‬مجموعة‭ ‬‮«‬أوراسكوم‮»‬‭ ‬المنافسة،‭ ‬فاق‭ ‬وقتها‭ ‬عرض‭ ‬غريمتها‭ ‬‮«‬ماروك‭ ‬كونيكت‮»‬‭. ‬

وظلت‭ ‬‮«‬ماروك‭ ‬كونيكت‮»‬‭ ‬تعتبر‭ ‬فرعا‭ ‬غير‭ ‬مباشر‭ ‬لمجموعة‭ ‬‮«‬أونا‮»‬،‭ ‬إذ‭ ‬ظل‭ ‬يملك‭ ‬بنك‭ ‬‮«‬التجاري‭ ‬وفا‭ ‬بنك‮»‬‭ ‬نحو‭ ‬90‭ ‬في‭ ‬المائة‭ ‬من‭ ‬رأسمال‭ ‬الشركة‭ ‬منذ‭ ‬خروج‭ ‬مجموعة‭ ‬‮«‬فرانس‭ ‬تيليكوم‮»‬‭ ‬من‭ ‬رأسمالها‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬سنة‭ ‬1999‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬خاب‭ ‬أملها‭ ‬في‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬تحرير‭ ‬قطاع‭ ‬الاتصالات‭ ‬بالمغرب،‭ ‬حينما‭ ‬فازت‭ ‬مجموعة‭ ‬‮«‬فيفاندي‮»‬‭ ‬بصفقة‭ ‬الرخصة‭ ‬الأولى‭ ‬للهاتف‭ ‬النقال،‭ ‬وكانت‭ ‬الرخصة‭ ‬الثانية‭ ‬من‭ ‬نصيب‭ ‬‮«‬كونسورتيوم‮»‬‭ ‬التي‭ ‬تضم‭ ‬شركات‭ ‬مغربية‭ ‬وإسبانية‭ ‬وبرتغالية،‭ ‬علما‭ ‬أن‭ ‬شركة‭ ‬‮«‬ماروك‭ ‬كونيكت‮»‬‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬لتفوز‭ ‬بالصفقة‭ ‬لولا‭ ‬تقديم‭ ‬‮«‬أونا‮»‬‭ ‬وثائق‭ ‬لإثبات‭ ‬التزامها‭ ‬بالبرنامج‭ ‬الاستثماري‭. ‬وقد‭ ‬قيل‭ ‬وقتها‭ ‬إن‭ ‬‮«‬ماروك‭ ‬كونيكت‮»‬‭ ‬تم‭ ‬تأسيسها‭ ‬في‭ ‬سرية‭ ‬تامة،‭ ‬وظل‭ ‬ملفها‭ ‬محجوبا‭ ‬لمدة‭. ‬ومن‭ ‬المعروف‭ ‬أن‭ ‬‮«‬أونا‮»‬‭ ‬سبق‭ ‬لها‭ ‬أن‭ ‬تفاوضت‭ ‬مع‭ ‬مجموعة‭ ‬‮«‬فرانس‭ ‬تيليكوم‮»‬‭ ‬لإحداث‭ ‬شركة‭ ‬للتدخل‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬لكن‭ ‬كل‭ ‬تلك‭ ‬المحاولات‭ ‬باءت‭ ‬بالفشل‭. ‬وبعد‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬التردد،‭ ‬ولجت‭ ‬مجموعة‭ ‬‮«‬أونا‮»‬‭ ‬سوق‭ ‬الهاتف‭ ‬الثابت‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬شراكة‭ ‬تقنية‭ ‬مع‭ ‬المكتب‭ ‬الوطني‭ ‬للكهرباء‭ ‬لاستعمال‭ ‬شبكته‭ ‬التي‭ ‬تغطي‭ ‬كافة‭ ‬التراب‭ ‬الوطني،‭ ‬وكذلك‭ ‬لتهييء‭ ‬دخولها‭ ‬لسوق‭ ‬الهاتف‭ ‬النقال‭ ‬بقوة‭ ‬لمواجهة‭ ‬منافسيها‭.‬



اليوم‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬‮«‬ماروك‭ ‬كونيكت‮»‬‭ ‬ستعتمد‭ ‬على‭ ‬تكنولوجيا‭ ‬جديدة‭ ‬لتقوية‭ ‬موقعها‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬الاتصالات،‭ ‬وهي‭ ‬تقنية‭ ‬برهنت‭ ‬على‭ ‬نجاحها‭ ‬بالولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬واليابان‭ ‬وجنوب‭ ‬شرق‭ ‬آسيا،‭ ‬تضمن‭ ‬جودة‭ ‬أكثر‭ ‬وخدمات‭ ‬إضافية‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الاتصالات‭ ‬اللاسلكية‭ ‬والهاتف‭ ‬المحمول،‭ ‬وكذلك‭ ‬تكنولوجيا‭ ‬‮«‬ويماكس‮»‬‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬البث‭ ‬الإذاعي‭ ‬وهي‭ ‬تكنولوجيا‭ ‬تفوق‭ ‬‮«‬ادي‭ ‬سال‮»‬‭. ‬



أونا‭.. ‬المجموعة‭ ‬الموجودة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مكان



مناجم‭ ‬وتوزيع‭ ‬وصيد‭ ‬بحري‭ ‬وصناعة‭ ‬السيارات‭ ‬

تتحكم‭ ‬مجموعة‭ ‬‮«‬أونا‮»‬‭ ‬في‭ ‬مجموعة‭ ‬‮«‬مناجم‮»‬‭ ‬المعدنية‭ ‬التي‭ ‬تنتج‭ ‬وتسوق‭ ‬خمس‭ ‬شركات‭ ‬هي‭ ‬شركة‭ ‬منجم‭ ‬بوعاز‭ ‬لاستخراج‭ ‬الكوبالت‭. ‬وشركة‭ ‬منجم‭ ‬اميتير‭ ‬لاستخراج‭ ‬الفضة‭. ‬وشركة‭ ‬منجم‭ ‬الحمام‭ ‬لاستخراج‭ ‬الفليورين‭. ‬وشركة‭ ‬منجم‭ ‬غماسة‭ ‬لاستخراج‭ ‬الزنك‭ ‬والرصاص‭ ‬والنحاس‭. ‬ثم‭ ‬شركة‭ ‬منجم‭ ‬أقا‭ ‬لاستخراج‭ ‬الذهب‭.‬

وبموازاة‭ ‬مع‭ ‬استغلال‭ ‬المناجم،‭ ‬كانت‭ ‬مجموعة‭ ‬‮«‬مناجم‮»‬‭ ‬قد‭ ‬أسست‭ ‬شركتين،‭ ‬هما‭ ‬‮«‬ريمينيكس‮»‬‭ ‬المتخصصة‭ ‬في‭ ‬الدراسات‭ ‬والأبحاث‭ ‬والاستغلال،‭ ‬و«تيشسوب‮»‬‭ ‬المتخصصة‭ ‬في‭ ‬التنقيب‭ ‬وأشغال‭ ‬باطن‭ ‬الأرض‭.‬

هذا‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬شركة‭ ‬المعادن‭ ‬‮«‬أميضر‮»‬‭ ‬التي‭ ‬تأسست‭ ‬سنة‭ ‬1969‭ ‬بمساهمة‭ ‬مكتب‭ ‬الأبحاث‭ ‬والمساهمات‭ ‬المعدنية‭ ‬ومجموعة‭ ‬‮«‬أونا‮»‬‭, ‬والتي‭ ‬ظل‭ ‬منجمها‭ ‬أميضر‭ ‬ينتج‭ ‬الفضة‭ ‬الخالصة‭ ‬سنويا‭ ‬ويوجهها‭ ‬نحو‭ ‬التصدير‭ ‬إلى‭ ‬أوروبا،‭ ‬خصوصا‭ ‬إلى‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬فرنسا‭ ‬وسويسرا‭.‬

وفي‭ ‬نهاية‭ ‬التسعينيات،‭ ‬احتج‭ ‬سكان‭ ‬المنطقة‭ ‬على‭ ‬التهميش‭ ‬والإقصاء‭ ‬رغم‭ ‬احتضان‭ ‬أرضها‭ ‬لثروات‭ ‬ظلت‭ ‬تستخرج‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يعاينوا‭ ‬أدنى‭ ‬استفادة‭ ‬منها،‭ ‬فنظم‭ ‬الشباب‭ ‬اعتصاما‭ ‬مفتوحا‭ ‬على‭ ‬جنبات‭ ‬الطريق‭ ‬الرئيسية‭ ‬القريبة‭ ‬من‭ ‬المنجم‭ ‬رافعين‭ ‬لافتات‭ ‬كتبت‭ ‬بأكثر‭ ‬من‭ ‬لغة،‭ ‬وكانت‭ ‬مطالبهم‭ ‬تتعلق‭ ‬بالحق‭ ‬في‭ ‬الشغل‭ ‬بالمنجم،‭ ‬واستفادة‭ ‬منطقتهم‭ ‬من‭ ‬خيراته‭.‬

ومع‭ ‬استمرار‭ ‬الاعتصام،‭ ‬تدخلت‭ ‬قوات‭ ‬القمع‭ ‬تحت‭ ‬جناح‭ ‬ظلمة‭ ‬الليل‭ ‬مما‭ ‬نتج‭ ‬عنه‭ ‬سقوط‭ ‬جرحى‭ ‬واعتقالات‭ ‬واسعة،‭ ‬وتوفي‭ ‬أحد‭ ‬المعتقلين‭ ‬بأحد‭ ‬المعتقلات‭. ‬وهذه‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬الإكراهات‭ ‬التي‭ ‬تعاني‭ ‬منها‭ ‬‮«‬أونا‮»‬‭ ‬حيث‭ ‬كثيرا‭ ‬ما‭ ‬تعرض‭ ‬عمال‭ ‬شركاتها‭ ‬للطرد‭ ‬التعسفي‭ ‬إن‭ ‬هم‭ ‬احتجوا‭ ‬على‭ ‬ظروف‭ ‬العمل‭ ‬أو‭ ‬طالبوا‭ ‬بتحسينها‭ ‬والرفع‭ ‬من‭ ‬قيمة‭ ‬الأجور‭ ‬التي‭ ‬يتقاضونها‭. ‬والحصيلة‭ ‬هي‭ ‬أن‭ ‬جل‭ ‬تلك‭ ‬المعارك‭ ‬التي‭ ‬خاضها‭ ‬عمال‭ ‬شركات‭ ‬أخطبوط‭ ‬‮«‬أونا‮»‬‭ ‬مالت‭ ‬فيها‭ ‬الكفة‭ ‬لصالح‭ ‬شركات‭ ‬الهولدينغ‭ ‬الملكي‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬حقوق‭ ‬بسيطة‭ ‬للعمال‭ ‬والشغالين‭.‬

وشكل‭ ‬قطاع‭ ‬التوزيع‭ ‬هو‭ ‬الآخر‭ ‬واحدا‭ ‬من‭ ‬الاهتمامات‭ ‬الكبرى‭ ‬لأونا،‭ ‬التي‭ ‬أسست‭ ‬أربع‭ ‬شركات‭ ‬تابعة‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬التوزيع‭ ‬وهي‭ ‬‮«‬سوبريام‮»‬‭ ‬ومرجان‭ ‬و»أوبتورك‮»‬‭ ‬وأسيما‭. ‬

فقد‭ ‬ظلت‭ ‬سوبريام‭ ‬هي‭ ‬الممثل‭ ‬المعتمد‭ ‬لسيارات‭ ‬بوجو‭ ‬وستروين‭ ‬بالمغرب‭.‬

أما‭ ‬‮«‬مرجان‮»‬‭ ‬فتخصصت‭ ‬في‭ ‬الأسواق‭ ‬الكبرى‭ ‬منذ‭ ‬1990‭. ‬وفي‭ ‬سنة‭ ‬2001،‭ ‬وقعت‭ ‬‮«‬أونا‮»‬‭ ‬عقد‭ ‬شراكة‭ ‬مع‭ ‬مجموعة‭ ‬‮«‬أوشان‮»‬‭ ‬الفرنسية‭ ‬لخلق‭ ‬مجموعة‭ ‬تراقب‭ ‬حاليا‭ ‬13‭ ‬سوقا‭ ‬كبيرا‭.‬

وتنشط‭ ‬شركة‭ ‬‮«‬اوبتروك‮»‬‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬تسويق‭ ‬المنتوجات‭ ‬البحرية‭ ‬بإفريقيا‭ ‬وهي‭ ‬شركة‭ ‬فرنسية‭ ‬حظيت‭ ‬‮«‬أونا‮»‬‭ ‬بالتحكم‭ ‬فيها‭ ‬منذ‭ ‬1993‭. ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬أضحت‭ ‬تشتغل‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬الأشغال‭ ‬العمومية‭ ‬وبالفلاحة‭ ‬والمناجم‭ ‬وتمكنت‭ ‬من‭ ‬توسيع‭ ‬نشاطها‭ ‬بإفريقيا‭ ‬الوسطى‭ ‬وفي‭ ‬الكامرون،‭ ‬والكونغو،‭ ‬وغينيا‭ ‬الاستوائية،‭ ‬والتشاد‭ ‬وكذلك‭ ‬ساحل‭ ‬العاج‭.‬

واهتمت‭ ‬‮«‬أسيما‮»‬،‭ ‬مثل‭ ‬مرجان،‭ ‬بالأسواق‭ ‬الكبرى،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أنشأتها‭  ‬‮«‬أونا‮»‬‭ ‬بشراكة‭ ‬مع‭ ‬المجموعة‭ ‬الفرنسية‭  ‬‮«‬أوشان‭.‬

ويعرف‭ ‬هذا‭ ‬القطاع‭ ‬منافسة‭ ‬حادة‭ ‬بين‭ ‬الشركات‭ ‬التابعة‭ ‬لمجموعة‭ ‬‮«‬أونا‮»‬‭  ‬ومجموعة‭ ‬الشعبي‭ ‬كأسواق‭ ‬السلام،‭ ‬و»ايبير‮»‬‭ ‬و»لابيل‭ ‬في‮»‬‭ ‬لكن‭ ‬بشراكتها‭ ‬مع‭ ‬المجموعة‭ ‬الفرنسية‭ ‬‮«‬أوشان‮»‬‭ ‬تمكنت‭ ‬‮«‬أونا‮»‬‭ ‬من‭ ‬تقوية‭ ‬تموقعها‭ ‬في‭ ‬القطاع،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬اعتمدت‭ ‬مجموعة‭ ‬الشعبي‭ ‬على‭ ‬محاولة‭ ‬التمييز‭ ‬عبر‭ ‬الاحتفاظ‭ ‬على‭ ‬الطابع‭ ‬المغربي،‭ ‬لاسيما‭ ‬برفضها‭ ‬تسويق‭ ‬الخمور‭ ‬بأسواق‭ ‬السلام‭.‬

أما‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬الصيد‭ ‬البحري،‭ ‬فقد‭ ‬نجح‭ ‬أخطبوط‭ ‬‮«‬أونا‮»‬‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬اليد‭ ‬على‭ ‬11‭ ‬رخصة‭ ‬للصيد‭ ‬بأعالي‭ ‬البحار‭. ‬وبذلك‭ ‬أصبحت‭ ‬شركة‭ ‬‮«‬مارونا‮»‬‭ ‬التابعة‭ ‬لمجموعة‭ ‬أونا،‭ ‬هي‭ ‬المقاولة‭ ‬التي‭ ‬تحتل‭ ‬موقع‭ ‬الصدارة‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬الصيد‭ ‬البحري‭ ‬بالمغرب‭.‬

وقد‭ ‬تمت‭ ‬الصفقة‭ ‬بما‭ ‬قدره‭ ‬120‭ ‬مليون‭ ‬درهم‭. ‬ومن‭ ‬المعلوم‭ ‬أنه‭ ‬منذ‭ ‬ما‭ ‬يناهز‭ ‬10‭ ‬سنوات‭ ‬لم‭ ‬تسلم‭ ‬أي‭ ‬رخصة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الصيد‭ ‬بأعالي‭ ‬البحار‭. ‬

وفي‭ ‬قطاع‭ ‬تركيب‭ ‬السيارات،‭ ‬حرصت‭ ‬مجموعة‭ ‬‮«‬أونا‮»‬‭ ‬على‭ ‬الاهتمام‭ ‬مبكرا‭ ‬بقطاع‭ ‬تركيب‭ ‬السيارات‭.‬

فقد‭ ‬استقرت‭ ‬‮«‬رونو‮»‬‭ ‬بالمغرب‭ ‬منذ‭ ‬سنة‭ ‬1928‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬شركة‭ ‬‮«‬سومار‮»‬‭ ‬التي‭ ‬أصبحت‭ ‬تحمل‭ ‬اسم‭ ‬‮«‬رونو‭ ‬المغرب‮»‬‭ ‬منذ‭ ‬سنة‭ ‬1967‭. ‬وفي‭ ‬1970،‭ ‬حصلت‭ ‬شركة‭ ‬‮«‬سيجير‮»‬‭ ‬المقاولة‭ ‬الملكية‭ ‬على‭ ‬50‭ ‬في‭ ‬المائة‭ ‬وفي‭ ‬سنة‭ ‬2000،‭ ‬وبموافقة‭ ‬مع‭ ‬‮«‬أونا‮»‬‭ ‬ارتفعت‭ ‬مساهمة‭ ‬‮«‬رونو‮»‬‭ ‬من‭ ‬50‭ ‬إلى‭ ‬80‭ ‬في‭ ‬المائة‭ ‬في‭ ‬‮«‬رونو‭ ‬المغرب‮»‬‭. ‬وبذلك‭ ‬تحكمت‭ ‬في‭ ‬شركة‭ ‬‮«‬سياب‮»‬‭ ‬المستورد‭ ‬الوحيد‭ ‬لسيارات‭ ‬‮«‬نيسان‮»‬‭ ‬بالمغرب‭.‬
المصدر:  المساء

كاتب المقال Unknown

حول كاتب المقال : قريبا
«
Next
رحيل عبد الله باها..”الصندوق الأسود” لابن كيران..هذه حياته وما لا تعرفونه عنه
»
Previous
باها في ذمة الله..صدمه قطار وهو يتفقد المكان الذي توفي فيه الزايدي!
التعليقات
0 التعليقات

ليست هناك تعليقات:

دع تعليقك