للمجتمع الصحراوي
خصوصيته التي تميز أفراده كما تميز طقوسه الحياتية وتفاصيله اليومية، وللمرأة
الصحراوية دورها في بناء هذا المجتمع، ولو كان دورا خفيا لا يجاهر به في مجتمع
يقوده الذكور. فلا يقتصر دور المرأة في تربية الأبناء والاعتناء بشؤون المنزل، بل
كما تنسج المرأة خيوط خيمتها فهي تنسج من الكلمات و الأاسيس شعرا, و يعتبر
الشعر والثقافة الشعبية الصحراوية، جزء لا يتجزأ من حياتها اليومية ويتميز هدا الأخير بتفرده بعدة بحور تقاس بالمتحركات وتختص بعضها عن بعض باضطراب العوامل، أي
النصب والخفض والرفع والسكون، ومن بين هذه البحور من لا يعمل به الآن نظرا لعدم
الاهتمام به أو لرحيل من أتقنوا هذه الصنعة الشعرية. وقد برعت المرأة الصحراوية
أيضا في نظم الشعر بدورها، وتخصصت في شعر يسمى بـ “التبراع”، وهو شعر يتغنى بالحب
في مجمله كما تتغنى فيه النساء الصحراويات بمواضيع عامة أيضا. ويعتبر “التبراع”
شكلا من أشكال التعبير الشعري الحساني الذي يعود ظهوره بالأساس إلى سلطة المجتمع
الصحراوي التي تضع السياجات على مشاعر النساء وتعتبر تعبيرهن عن مشاعرهن تجاه
الرجل عيبا وأمرا غير مستحب، لذلك وجدت المرأة الصحراوية متنفسا عبر “التبرع” وقول
مشاعرهن بعيدا عن سلطة المجتمع الذكورية.
“التبراع” شعر نسائي للتغزل بالرجال
برز شعر التبراع في البيئة الحسانية بكونه شعرا نسائيا خالصا على مستوى الإبداع موضوعه الغزل، والمخاطب به هو الرجل، كما يمكن أن يكون موضوعه ظواهر عامة، تهم المرأة وأسرتها.
ومن أبرز نماذج هذا الشعر الحساني، نجد أولا ما يصطلح عليه بـ “التبريعة الافتتاحية”، وهي دائما تكون على شكل مقدمة يذكر فيها اسم الله، وتبرز فيها مكانة رسول الله (ص) عند المتبرعة، فيقال مثلا:
لايلاه إلا الله ياخوتي لايلاه إلا الله
لايلاه إلا الله مغل علي رسول الله
ومباشرة بعد هذه المقدمة اللازم توفرها في مطلع كل “تبريعة” يتم الدخول في صلب موضوع “التبراع” الذي هو الغزل، وخير مثال على ذلك، “التبريعة” التي تجسد معاناة إحدى النساء الحسانيات مع رجل تحبه وهو لا يعلم بذلك، فنجدها تقول مثلا :
مصابي كديحة يشرب بي تحت اطليحة
ومعناه: يا ليتني كنت قدحا يشرب مني تحت شجرة الطلح.
ونجد أيضا وعلى نفس المنوال الشعري، تقول إحدى النساء ناشدة:
عند تبسيم باني فيها ابليس خويم
برز شعر التبراع في البيئة الحسانية بكونه شعرا نسائيا خالصا على مستوى الإبداع موضوعه الغزل، والمخاطب به هو الرجل، كما يمكن أن يكون موضوعه ظواهر عامة، تهم المرأة وأسرتها.
ومن أبرز نماذج هذا الشعر الحساني، نجد أولا ما يصطلح عليه بـ “التبريعة الافتتاحية”، وهي دائما تكون على شكل مقدمة يذكر فيها اسم الله، وتبرز فيها مكانة رسول الله (ص) عند المتبرعة، فيقال مثلا:
لايلاه إلا الله ياخوتي لايلاه إلا الله
لايلاه إلا الله مغل علي رسول الله
ومباشرة بعد هذه المقدمة اللازم توفرها في مطلع كل “تبريعة” يتم الدخول في صلب موضوع “التبراع” الذي هو الغزل، وخير مثال على ذلك، “التبريعة” التي تجسد معاناة إحدى النساء الحسانيات مع رجل تحبه وهو لا يعلم بذلك، فنجدها تقول مثلا :
مصابي كديحة يشرب بي تحت اطليحة
ومعناه: يا ليتني كنت قدحا يشرب مني تحت شجرة الطلح.
ونجد أيضا وعلى نفس المنوال الشعري، تقول إحدى النساء ناشدة:
عند تبسيم باني فيها ابليس خويم
ويعبر هذا البيت عن
افتتان إحدى النساء بجمال ابتسامة من تحب، وتعتبرها غاية في الإغراء، وأن إبليس
بنى خيمته في هذه الابتسامة واستقر بها، وإبليس في الثقافة الحسانية الشعبية يرمز
إلى الغواية والفتنة والقدرة على التأثير الجمالي، لا سيما ما يتصل منه بالإغراء
والإعجاب والافتتان بالجسد وبحسنه وجماله.
ولا يقتصر شعر “التبراع” عند النساء الحسانيات على التغزل بالرجال فحسب، بل يمتد إلى مجالات أخرى كالتغني بالمكان أو الطبيعة لارتباطها بأحداث وذكريات ماضية جميلة ترسخت في الذاكرة وسكنت في الوجدان لدرجة يصعب نسيانها. وهنا تقول الشاعرة:
يوكي يالواد يعمل بغيو ماه تفكاد
ولا يقتصر شعر “التبراع” عند النساء الحسانيات على التغزل بالرجال فحسب، بل يمتد إلى مجالات أخرى كالتغني بالمكان أو الطبيعة لارتباطها بأحداث وذكريات ماضية جميلة ترسخت في الذاكرة وسكنت في الوجدان لدرجة يصعب نسيانها. وهنا تقول الشاعرة:
يوكي يالواد يعمل بغيو ماه تفكاد
وتقصد المتبرعة هنا بـ
“يوكي”، وهو تعبير حساني يراد به الإعجاب والاندهاش والترحيب. والمقصود بـ “الواد”
في هذه التبريعة وادي الساقية الحمراء. و “بغيو” من البغي، وهو الحب والتعلق
العاطفي والوجداني. أما “التفكاد” فيقصد به التذكر.
هو إذن غزل نسوي تغلب عليه الشكوى من غياب المحبوب واستحالة الوصول إليه، وحرقة الهجران ولوعة الحب، كما يعكس موقفا وجوديا واجتماعيا عميقا بتجاوز تجربة الحب في ذاتها، ويترجم حالة التباعد والتقارب بين الرجل والمرأة واستحالة الوصال وتبادل المشاعر والتقارب خارج شرعية الدين والأعراف ورقابة المجتمع.
ونادرا ما تبوح ناظمة شعر “التبراع” باسم المحبوب، وإنما في الأمر تعبير عن الموقف الوجودي ذاته أي النظر إلى الحب بصفته انفصاما لا جبر له ولا أمل في التغلب عليه، ما يوظف له قاموس الوعظ الديني من إبراز لهشاشة الحياة وتفاهة الدنيا، ومأساوية الفناء والعدم، بدلا من التغني بلذة الوصال وسحر الجمال.
وقد تراجع نظم وإنشاد “التبراع” في السنوات الأخيرة، وكاد يختفي من التقاليد الأدبية، جراء غياب الاهتمام بتوثيقه وكذا جراء زحف الحياة المدنية التي تدعو لهجر كل ما هو تقليدي، رغم قيمته التاريخية والحضارية.
هو إذن غزل نسوي تغلب عليه الشكوى من غياب المحبوب واستحالة الوصول إليه، وحرقة الهجران ولوعة الحب، كما يعكس موقفا وجوديا واجتماعيا عميقا بتجاوز تجربة الحب في ذاتها، ويترجم حالة التباعد والتقارب بين الرجل والمرأة واستحالة الوصال وتبادل المشاعر والتقارب خارج شرعية الدين والأعراف ورقابة المجتمع.
ونادرا ما تبوح ناظمة شعر “التبراع” باسم المحبوب، وإنما في الأمر تعبير عن الموقف الوجودي ذاته أي النظر إلى الحب بصفته انفصاما لا جبر له ولا أمل في التغلب عليه، ما يوظف له قاموس الوعظ الديني من إبراز لهشاشة الحياة وتفاهة الدنيا، ومأساوية الفناء والعدم، بدلا من التغني بلذة الوصال وسحر الجمال.
وقد تراجع نظم وإنشاد “التبراع” في السنوات الأخيرة، وكاد يختفي من التقاليد الأدبية، جراء غياب الاهتمام بتوثيقه وكذا جراء زحف الحياة المدنية التي تدعو لهجر كل ما هو تقليدي، رغم قيمته التاريخية والحضارية.
حلي المرأة الصحراوية
أهم ما يميز صناعة الحلي في
الصحراء، كونها تحمل صدقا فنيا متفردا رغم أن صانعها لا يستعمل إلا أدوات بسيطة.
وقد كان لكل عضو من أعضاء المرأة حلي خاصة به، ومن هذه الأعضاء نذكر:
++ الرأس: تقوم النساء بصنع ضفيرة
بشعر الرأس، بطرق مختلفة، تتناسب مع كل فئة عمرية معينة، فالشابات المقبلات على
الزواج، يقمن بظفر “سالامانة”، وهي نوع من الظفيرات التي استمدت أصولها من الجذور
الإفريقية، وتزين ضفيرة “سالامانة” بأنواع متعددة من الحلي ومنها “لبكير” و
“لخراب”، “أمجون”….أما النساء المتقدمات في السن فإنهن يضعن على رؤوسهن ما يعرف بـ “المشنفة” وهي عبارة عن سلك حديدي رقيق يصل طوله إلى نصف متر. يتم لفه بقطعة من الثوب، ثم يغلف بالشعر المصنوع ويسمى “برونو” ويزخرف بقطعة جلدية تحتوي على كثير من العقيق، وخاصة بعقيق “لبكير” بألوانه المعروفة الأحمر، الأخضر، الأزرق.
كما يضعن “بف” وهو نموذج جمالي يزين به الشعر، شكله نصف دائري يتم تثبيته في مقدمة الرأس بمشابك خاصة أو مقابض، ويغلف أمامه بقطعة جلدية تمسى “فليز”، وتحتوي على “لبكير” و”أمجون” و”لخراب”.
كما تقوم النساء المسنات بظفر مجموعة من الضفائر. كضفيرة “أمزدحن” مفردها “امزدح” وكذا ضفيرة “وكرون اكلع”. إضافة إلى ضفيرة “السدخات” أو “السوالف”، ويتم تزيينها بـ “الميال” و”لعكيك”. علما أن الشعر الطويل يعتبر سمة من سمات الجمال لدى المجتمع الصحراوي.
الرقبة: تولي النساء الصحراويات أهمية خاصة وعناية كبيرة لعناصر الجمال المرتبطة بالعنق، باعتباره أحد الأعضاء البارزة التي تظهر جمال المرأة، ولذلك يعلقن فيه أنواع خاصة من القلائد التي لها أسماء ومواصفات متعددة مثل:
أبغداد: حيث يتم إلصاق العقيق في قطعة من الجلد دائرية الشكل لتحيط بالعنق.
أمزرد: وهو عبارة عن قلادة مصنوعة من أنواع متعددة من العقيق، وخاصة “اشعيل” و”نكصب” ذو اللون الأحمر.
لقلادة: التي تحتوي على “ألميال” و”لكري” و”اشعيل” وهي أنواع من العقيق.
اليدان: يتم تزينها بأنواع متعددة من الحلي من ضمنها:
- الدمالج: وعادة ما تكون مصنوعة من الفضة.
- لويات: مفردها لية وهي عبارة عن “تسبيح” أو قلادة من العقيق الحر مكون من “لبكري”، لونه أصفر و”ألكرود” وهو يشبه العقيق لونه أحمر و “النيل” لونه أخضر و”الشريع”، ولونه أزرق.
- لرساغ: مفرده رسغ وهو يصنع من العود أو العاج. وله شكل دائري ولونه عادة ما يكون أبيضا أو أسودا.
الأرجل: تضع النساء في
الأرجل الخلاخيل المصنوعة من الفضة.
++ الأذنين: تضع النساء الصحراويات في
أذانهن حلقات، أو بدلات “الطونك” التي تكون عبارة عن “اخراب”، أو “أخراس” مصنوعة
من الفضة أو الذهب.