تعرفه من سحنته، ملامحه عميقة عصية على الشد ، متمردة على البوتوكس، يبتسم دامعا، ينتفض دامعا، يدافع شاردا في غياهب زوايا الانسانية الحالكة ،الحقوقي ظاهرةمتفردة ، صعبة عاصفة، حزينة في فورتها ،ضعيفة في قوتها ، طفولية في رشدها،
الحقوقي كما أعرفه استنفار لا ينتهي للأحاسيس والمشاعر وحالة شجن مستدامة لا تستسلم لمشاهد المحاباة ولا تلين لانصاف الحلول والحقوق، الحقوقي الذي أعرفه متطرف في إنسانيته،عات ظالم في عدله ،
الحقوقي الذي أعرفه تبكيه الكدمات على الأجساد ، تخنقه ألوانها الداكنة الدموية ، تحرقه دموع المعنفات ، تيئسه مشاهد أجسادهن موشومة بعنف جائر متواطئ ، تحبطه صور النساء الجريحات يترصدهن العنف والتحرش والضغط في غياب درع قانوني منصف ورادع،الحقوقي كما أعرفه ، يسابق الزمن التشريعي من أجل نسخ المنظومة الجنائية التي تقيس منسوب الادانة والعقاب بجنس المدان ، يتقزز من كل الفصول القانونية التي تكرس الافلات من العقاب وتفاضل في عقوبات الخيانة الزوجية بين الجنسين وتسجن النقابيين ، الحقوقي كما عرفناه جذوة من الانصاف و حب الانسان و الحياة ، جميل أمام الطفولة متعنت في حمايتها ، ينتفض أمام مجتمعاته التي تستمر في اغتصاب طفلاتها بتواطؤ عقد شرعي ، وتكرس أعراسا شاذة ومواسم انتهاكات يقدم فيها الوالدان فلذات أكبادهن إلى ذئاب تستطيع أن ترى في الأطفال غير برائتهم، الحقوقي كما أراه لا يرى في الطفلات غير مايراه فيهن الطبيب والأب والأخ والعالم والدين والضمير، ولا يقبل - الحقوقي - أن يتهاون في تجريم ومنع تزويج كائنات مستضعفة و الاستماتة من أجل تأمين قانوني لتحويل وجهتهن من مقاعد المدرسة الى أسرة مغتصبي القاصرات، الحقوقي الطبيعي لا يمكن أن يتعلل بالرضائية في علاقات أحد أطرافها قاصر، ولا يمكن أن يشغله الفصل الآلي بين التغرير والاغتصاب والضحية طفلة يصنفها القانون والطب والعقل في خانة القاصرين.
الحقوقي كما رسمته ألام السجون والعذاب والفراق والحساسية والرقة ، لا يقوى على اغتصاب الحياة ،يصلي في محرابها ويسائله في كل لحظة الحق فيها ، الحقوقي الجديد لا يستوقفه أن تقف الحياة أو تسلب الحرية ،هذا الحقوقي الذي لا أعرفه لا يرى حرجا في تكريس الافلات من العقاب ، ولا يرى ظالما القبع في غياهب السجون لسنة كاملة في اطار السجن الاحتياطي رغم الضمانات، ولا يتزحزح عن رأي تقي مزدوج متخاذل في عقوبة الاعدام، السالبة للحياة ،يتنازل عن بعض الحالات المستوجبة لها من أجل الحفاظ على عضوية نادي الحقوقيين ويتشبت بحالات أخرى حفاظا على رتبة قيادية في ناديه المرجعي ،
الحقوقي الجديد لا يجد لتصفية ملفات وضحايا الاختفاء القسري داعيا أو راهنية، و لا يرى في رفع التحفظات عن اتفاقية القضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة إلا انذارا بوضع قيمي كارثي وفاتحة لجهنم تحلل أخلاقي وفكري ، الحقوقي الجديد يستشيط من المساواة ومشتقاتها من مناصفة ومقاربة النوع وتمييز ايجابي و..... ويخشى على قراءته القطعية للمفاهيم المرتبطة بحقوق المرأة من النقاش والتحليل والتبصر.
صفة الحقوقي ليست مهنة تمتهن أو بدلة تقتنى أو موضة تقتبس ، الحقوقي حمولة جينية مخترقة مزمنة ،تستحوذ عليك، ،ترهنك، تحتل عليك انسانيتك، ما ضيك ومستقبلك وحاضرك، الحقوقي وازع يطبعك ، وجع يعتصرك وداء عضال لا ينفع معه علاج ، لا يمكن أن تصبح حقوقيا بتأسيس هيأة حقوقية تتربع علئ رأسها، أو بالمشاركة الدؤوبة في لقاءات و موائد ومناظرات واستعراضات دولية، ولا بنشر صور توثيق المشادات مع قوات الأمن خلال الاحتجاجات أو الوقفات ، الحقوقي الذي أعرفه لا يقوى على تفييئ قناعاته الحقوقية الى درجات متفاوتة في الأهمية و الحرارة يستنفرها في الدفاع عن سجين ملتحي في ظروف مزرية وحالات موجعة في الاعتقال ويثلجها أمام معتقل حليق الوجه في ذات الظروف الصعبة.
الحقوقي حالة استنزاف من القلق الكامن المتمرد المنتفض تستعصي على القراءة ،لا تستكين للمناصب والمسؤوليات الرسمية والغير الرسمية ولا تخلق الخطابات المزدوجة الغامضة التي تحتمل كل القراءات ،وترضي كل الولاءات ،...الحقوقي كما أعرفه يتعفف عن الترجمة السياسوية للفعل الحقوقي ، لا يستثمره لا يحصده لا يرسمله ولا يتملكه ، الحقوقي كما أعرفه نبي زاهد لا يرجو من ثورته الحقوقية غير إسكات فورته الانسانية بجبر ضرر الضحية.
الحقوقي كما عرفناه لم يقرر أن يبتلى بداء الرحمة ، والكرامة والعدالة، هو استجاب لقرار السماء حين قدر له الرحمن وحيا انسانيا ساميا يسري في شرايينه هادرا من أجل بث رحمة السماء في الأرض.