هاجمت القوات الموالية للرئيس
السوري بشار الاسد معاقل للمعارضة في مدينة حلب يوم الاربعاء في واحد من أكبر
هجماتها البرية منذ سيطرت قوات المعارضة المُسلحة على أجزاء من أكبر المدن السورية
قبل ثلاثة أسابيع.
ويحتاج الأسد إلى
الانتصار في معركة حلب لأنه سيعيد توطيد سيطرته على البلاد رغم ان توجيه القوات
العسكرية إلى حلب لاستعادة السيطرة هناك سمح بالفعل لمقاتلي المعارضة بالاستيلاء
على مساحات واسعة في الريف في الشمال.
وتعرضت حلب التي تقع في
قلب الاقتصاد السوري المتهاوي لقصف عنيف منذ اشتد فيها عود الانتفاضة التي تقاتل
لاسقاط الاسد منذ 17 شهرا وذلك بعد ان ظلت المدينة لفترة طويلة بعيدة في الاغلب عن
أحداث الانتفاضة.
وعلى مدى يوم الأربعاء
تفاوتت التقارير عن السيطرة الميدانية على حي صلاح الدين البوابة الجنوبية لحلب.
ولدى وصول صحفيين من
رويترز خلال يوم الأربعاء إلى الحي صاح فيهم مقاتل "تراجعنا.. اخرجوا من
هنا". وأزيلت نقاط تفتيش قريبة كانت تحت سيطرة مقاتلي المعارضة طوال الاسبوع
الماضي.
وقال التلفزيون السوري
إن القوات الحكومية دخلت صلاح الدين وقتلت أغلب مقاتلي المعارضة هناك كما دخلت
أجزاء أخرى بالمدينة في هجوم جديد.
وأضاف أن عشرات
"الإرهابيين" قتلوا في حي باب الحديد بوسط حلب قرب القلعة القديمة وباب
النيرب في الجنوب الشرقي.
لكن متحدثا باسم
المعارضة المسلحة في صلاح الدين نفى تحقيق قوات الاسد للسيطرة الكاملة. وقال ابو
محمد "القوات السورية تتمركز في جانب واحد من صلاح الدين لكنها لم تدخل
والاشتباكات مستمرة."
وقال نشط في الجيش
السوري الحر لرويترز طلب عدم الكشف عن هويته إن المقاتلين تراجعوا إلى حي سيف
الدولة القريب الذي يتعرض الآن لنيران الدبابات داخل صلاح الدين ومن طائرات مقاتلة.
وفي وقت لاحق قال نشطاء
سوريون ان قوات الحكومة السورية انسحبت من أجزاء من حي صلاح الدين بعد اشتباكات
عنيفة مع مقاتلي المعارضة.
وقال عمر وهو نشط من
المنطقة لرويترز عبر برنامج سكايب على الانترنت "حدثت حرب شوارع. اوقعوا
(مقاتلو المعارضة) خسائر فادحة في قوات الاسد التي انسحبت الان. صلاح الدين تحت
سيطرة الجيش السوري الحر."
واكد مقاتلون اخرون من
المعارضة روايته.
وتشير شدة الصراع في حلب
ومناطق أخرى إلى أن الأسد ما زال متشبثا بالسلطة بدعم من إيران وروسيا رغم ما
يواجهه من انتكاسات مثل انشقاق رئيس وزرائه المعين حديثا يوم الاثنين.
وقال المرصد السوري
لحقوق الانسان - وهو جماعة معارضة تتخذ من بريطانيا مقرا لها - ان اكثر من 60 شخصا
قتلوا في أنحاء سوريا حتى الان يوم الاربعاء من بينهم 15 مدنيا في حلب. وقال
المرصد ان اجمالي عدد القتلى في انحاء البلاد يوم الثلاثاء وصل إلى 240 شخصا.
ونشرت منظمة العفو
الدولية صورا بالأقمار الصناعية توضح نطاق القصف المدفعي في حلب منذ 23 يوليو تموز
إلى اول اغسطس آب وظهر فيها اكثر من 600 حفرة خلفتها القذائف المدفعية على الارجح.
وقالت "تشعر العفو
الدولية بالقلق من أن يؤدي نشر أسلحة ثقيلة في مناطق سكنية في حلب وحولها إلى
انتهاكات أخرى لحقوق الإنسان وخروقات خطيرة للقانون الدولي."
واضافت المنظمة الحقوقية
ان جانبي الصراع من الممكن ان يحاسبا جنائيا على عدم حماية المدنيين.
وتأتي هجمات الجيش في
حلب بعد حملة ناجحة لاستعادة أحياء سيطرت عليها المعارضة في دمشق بعد هجوم في 18
يوليو تموز أسفر عن مقتل أربعة من أقرب مساعدي الأسد منهم صهره آصف شوكت.
وتعرض الاسد يوم الاثنين
لحرج شديد بعد انشقاق رئيس وزرائه رياض حجاب بعد شهرين فقط من تعيينه. وفر حجاب
إلى الاردن مع اسرته.
لكن من غير المرجح أن
تثني مثل هذه الانشقاقات والضغط الدبلوماسي الخارجي الأسد عما أصبح صراعا مريرا
للبقاء بين مقاتلي المعارضة والنظام الحاكم.
وقال العاهل الاردني
الملك عبد الله انه يعتقد ان الاسد سيتمسك بالقتال حتى اللحظة الاخيرة. واضاف
لقناة سي.بي.اس الامريكية "يعتقد انه على صواب. اظن ان النظام يشعر انه لا يملك
بديلا غير الاستمرار."
واضاف العاهل الاردني ان
الاسد قد يحاول التمسك بجيب علوي اذا لم يستطع السيطرة على سوريا كاملة ووصف هذا
الاحتمال بأنه سيكون "السيناريو الاسوأ" بالنسبة للدول المجاورة.
وقال الملك عبد الله
"اذا انهارت سوريا فهذا سيخلق مشكلات من الممكن ان تحتاج منا إلى عقود للخروج
منها."
ولا يتمتع الاسد بتعاطف
يذكر في الاردن او اي دولة عربية يحكمها السنة في المنطقة لكنه يعتمد على دعم قوي
من ايران التي تعتبر سوريا إلى جانب حزب الله اللبناني من أعمدة "محور
المقاومة" في مواجهة الولايات المتحدة واسرائيل.
واحتجز مقاتلون سوريون
اتهموا إيران بإرسال مقاتلين لمساعدة قوات الأسد 48 إيرانيا في سوريا في الرابع من
أغسطس آب قائلين إنهم أعضاء في الحرس الثوري الإيراني.
وقال وزير الخارجية
الإيراني علي أكبر صالحي إن بعض المخطوفين أعضاء متقاعدون في الحرس الثوري أو
الجيش وكانوا في طريقهم لزيارة عتبات شيعية في دمشق لكنه نفى أن يكون أي منهم في
الخدمة حاليا.
وقال متحدث باسم
المقاتلين السوريين يوم الاثنين إن ثلاثة من الإيرانيين المخطوفين قتلوا في غارة
جوية شنتها الحكومة وإن من تبقى منهم سيعدم ما لم تتوقف الهجمات.
وتتهم دمشق وطهران دولا
خليجية وتركيا بإذكاء العنف في سوريا من خلال دعم مقاتلي المعارضة.
وقال وزير خارجية تركيا
احمد داود اوغلو إن بلاده حذرت إيران "على نحو صريح وودي" من القاء
المسؤولية على أنقرة عن اراقة الدماء في سوريا.
وقال داود أوغلو يوم
الاربعاء بعد ان عقد محادثات مع نظيره الايراني "هذه التصريحات تنطوي على
إمكانية الإضرار بإيران ايضا."
وكانت تركيا قد غضبت هذا
الاسبوع بسبب تصريحات رئيس هيئة الاركان الايراني حسن فيروز أبادي التي القى فيها
باللائمة على تركيا في اراقة الدماء في سوريا واتهم انقرة والسعودية وقطر بدعم
"اهداف امريكا الداعية للحرب."
ودعا الرئيس الايراني
محمود احمدي نجاد إلى حل سياسي في سوريا ونقلت وكالة انباء الجمهورية الاسلامية
الايرانية عنه قوله "كل يوم تستمر فيه الاشتباكات العسكرية في هذا البلد يصبح
الموقف اكثر تعقيدا ويزداد المستقبل ظلمة."
وقاومت ايران إلى جانب
العراق الذي تقوده حكومة شيعية والقوتان العظميان روسيا والصين اي اتفاق بشأن
سوريا يدعو إلى تنحي الاسد في إطار أي عملية تحول سياسي.
ولروسيا عشرات من
المستشارين والفنيين في سوريا بعضهم في قاعدة الصيانة البحرية الروسية في ميناء
طرطوس.
وتقدم روسيا للأسد دعما
دبلوماسيا قويا واستخدمت هي والصين حق النقض (الفيتو) ثلاث مرات ضد قرارات مدعومة
من الغرب في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تهدف للضغط على الزعيم السوري للتنحي
بدلا من محاولة القضاء على المعارضة بالقوة.
وأجبر العنف في سوريا
عشرات الآلاف على الفرار إلى دول مجاورة ووصل نحو 2400 لاجئ منهم ضابطان برتبة
رفيعة إلى تركيا الليلة الماضية.
وقالت وكالة أنباء
الأناضول التركية إن أغلب القادمين نساء وأطفال من مناطق قرب حلب ومدينة إدلب في
شمال غرب البلاد لكن من بينهم أيضا 37 فردا منشقا عن الجيش. ويتلقى تسعة منهم
العلاج في المستشفى.
وقبل أحدث تدفق للاجئين
قالت تركيا إنها تأوي 47500 سوري فروا من الصراع الذي تقول مصادر في المعارضة إنه
أسفر عن سقوط 18 ألف قتيل على الأقل منذ بدء الانتفاضة في مارس اذار 2011.
(إعداد
ابراهيم الجارحي للنشرة العربية - تحرير عماد عمر)
من هديل الشالجي