» » عندما يصبح المعلم موضع إتهام...



أسا بريس :
عالي طوير،طالب باحث بكلية الحقوق سطات

إهتزت مدينة كليميم بداية هذا الأسبوع على وقع جريمة بشعة كان بطلها أحد أساتذة التعليم الإبتدائي الذي وجه طعنة قاتلة لمعلم آخر داخل باحة مؤسسة حمان الفطواكي الإبتدائية فأرداه قتيلا على الفور.

وبعيدا عن الغوص في تفاصيل هذا الحادث المأساوي،فإن هذا الأمر يدق ناقوص الخطر أكثر من ذي قبل ويعطي إشارت غير مطمئنة عن واقع المنظومة التعليمية ككل،والتي تحتم التحرك بعمق كبير لمحاولة تشريحه وإيجاد حلول شافية له.فإذا كان الكل متفق على عظمة الدور الذي تمارسه  ثاني مؤسسة تنشئة اجتماعية في المجتمع, ألا وهي "المـــدرســــة" بأعمالها الجليلة  من طرف رجال التعليم والأساتذة, والمدراء, الذين نذروا حياتهم على نسق تناهى في التّضحية ونكران الذات, وعلى نحوٍ يجلُّ عن النظير, فإنه رغم ذلك تثار في غير ما مرة لبعض هؤلاء المربين هفوات في  حق البـــــــــــــــراءة والطفــــولة, من حيث يدرون, أو من حيث  لا يدرون . وهنا لا نصدر أحكاماً مطلقة على الجميع,  ولكن هناك حقائق صعبة  وواقع مرير يتحدث عن نفسه...نعم واقع مرير مرأى العين والسَّمع, وكما يقولون ( ليس مع العين أين الدليــــل!!), ونجد بقرارة أنفسنا أنها أمانة ووجب التبليغ بها, بعد أن  بلغ السّيلُ الزبى لِما نسمعُ ونرى؟!! وإن يسكب علينا  البعض جـــامّ غضبه , فلا ضيـــر, فنحن نشهد الله  أننا لن  نقصد الإساءة لأحد, فلكل شريحة في المجتمع منها القمح, ومنها القش التي خلت قلوبهم من التهذيب, وطفحت ألسنتهم وعقولهم بالجهل, وما هم إلا كالرِّيحِ الهوجاء, تُفسد من حولها, وتكسر الورود اليانعة, وتبعثر البراعم البريئة؟! فلِمَ التستر على القشّ ؟!  ولِمَ لا نُنصف هذه البــــراعم أو رجال الغد   بالإشارة لما يرتكب في حقهم وحق التعليم من مخالفات ولو بكلمـــــة!!
ومـــــن هنـــــــــا نبـــدأ-
 مدير يجز رأس استاذ في مجموعة مدارس م.م بتاونات.

أستاذ يقتل زميله الاستاذ داخل مدرسة بكليميم.

استاذ يتحرش بتلميذاته بإعدادية في الدار البيضاء.

أستاذ يقتل زميله الاستاذ داخل مدرسة بكليميم.
استاذ يتحرش بتلميذاته بإعدادية في الدار البيضاء.
أستاذ يقتل زميله الاستاذ داخل مدرسة بكليميم.
استاذ يتحرش بتلميذاته بإعدادية في الدار البيضاء.خنق الأستاذِ الجامعي حتى الموت للطالبة سناء هدي في مختبر كلية العلوم بأكادير، حيث كان يشرف على أطروحتها لنيل شهادة الدكتوراه.
وما خفي كان أعظم...
 واعتذر عما سبق من النذر اليسير، والذي يحار به العقل الحصيف,  وتحديدا نطقها من معلم ؟! رغم أن العديد سيقول أن هذه الحالات هي حالات فردية أو إستثنائية ( و الإستثناء لا يقاس عليه) لا تعبر عن حقيقة رجال التعليم الراقية في محيطهم المجتمعي. ثانيــــــــا : عندما يرى فلذات كبدنا هذه الجرائم فإن ذلك  يخلــــق "العُقد النفسيَّة" في نفوس الأطفال, بعض المعلمين قد يُلقي كلمة, أو يُمارس سلوكاً, لا يُعير له بالا, تؤجِّج العواطف, وتعصف المشاعر, وقد تخلق لدى الطفل عقدة نفسية ترافقه مدى الحياة, بما تمتلكه العقدة من قوة دفع لا شعورية للسلوك, ويصعب السيطرة عليها في كثير من الأحيان, وقـــــد يبالغ الفرد في بذل الجهود, والكفاح بوسائل غير مشروعة أو غير مرغوبة, من أجل التغلب على هذه العقدة.

ثانيا : يقول بعض فلاسفة علم الاجتماع, أن المدرسة تمارس  دور الاحتواء للطالب, سواء في مرحلة الطفولة, أو في مرحلة المراهقة, التي هي أيضا مرحلة حرجة لتشكيل هوية الإنسان (من أنا), وحينما يفقد الطالب الشعور بمكانته وأهميته, ويتملكه شعور بأنه غير مرغوب به, يؤدي ذلك الى (تدني مفهوم الذات) لديه, والشعور (بالرَّفض الاجتماعي  Social rejection) , الى أين سيتوجه لتعويض هذا النقص والبحث عن القبول؟, حتما سيبدأ  بالتسرُّب من المدرسة, إلى أيــــــــن؟!
بالتأكيد الى الشارع , ماذا في الشارع ؟! الانضمام الى جماعة الرِّفاق السلبية, وماذا بعد؟ يصبح تحت تأثير ( ضغط ) جماعة الرفاق السلبيةNegative peer pressure  ,   والخطورة تكمن هنا بماذا؟! – والتحليل لعلماء النفس طبعا - أن مفهوم الذات السلبي يقود إلى "أفكار لاعقلانيـــــَّة"  تؤدي بالمراهقين للانحـــراف. وكلما تقدم الطفل في العمر, أصبح تأثير الأسرة والمدرسة ( أقــــل) في نموه الاجتماعي, بحيث يصبح لجماعة الرفاق (الدور الأكـــبر)  في تشكيل سلوكات الطفل، لأن الشخص في سن المراهقة  كثيـــراً ما يُعوِّل على نظرة الأصدقاء له من حيث قبولهم له أو رفضهم, وبهذا فإن جماعة الرفاق, تصبح هي الجماعة المرجعية Reference group لديهم, في تحديد سلوكاتهم, وتمارس دور (الضغــــط) على الفرد كي يقوم بأعمال إما تطوعيَّة إيجابيَّة أو سلبيَّة، مثل مقاومة معايير المجتمع, والتصدي لقوانينه, وقيمه, وعاداته, وتقاليده.
 في النهايــــــــــــة نقــــــول: من خلال هذه الحلقة أو السلسلة  التي مرّ بها الطفل, من أين بدأت؟!, وكيف انتهت؟!وما هو الجيل الذي خرّجناه  للمجتمع  ؟! أليس منحرفين ومنحرفات؟!.
 وهنا نذكر بنتائج إحدى الدراسات الإجتماعية التي جرت في إحدى سجون الٍأردن، حين تم إجراء مقابلات على جميع الأحداث الجانحين في الأردن, وكشفت الدراسة عن وجود 80% من الجانحين متسربين من المدرسة ,ولا يجيدون القراءة والكتابة, وأكثر الإجابات تكرارا لهم حينما يُسأل لماذا تركت المدرسة؟! (أكره المدرسة لأني لا أحب المعلم الفلاني  ).و أكثر عامل لعب دوراً كبيراً في انحرافهم, هو جماعة الرفاق السلبية, بعد التسرّب من المدرسة؟!...يجب إذن النظر بجدية لهذه الحقائق ولو كانت مرة حتى لا يفوت الآوان (فالحقيقة المرَّة, أفضل مليون مرة من الوهم المريح), فهؤلاء الأطفال ما هم إلا وديعة بين أيدي رجال التعليم,  ولا بُدَّ للوديعة أن تُسْتَردَّ,  وللأمانة أن تؤدَّى, كيف لا و المعلم كاد أن يكون رسولا...  ختامـــاً نرجو أن تكون تلك الجرائم وغيرها مجرد حالات شاذة وعرضية لا تمنع من بقاء تلك الصورة العظيمة في عقولنا لرجال التعليم الذين أفنوا حياتهم بكل  مسؤولية ونكران للذات خدمة لتكوين أجيال الغد ، رغم أن هذا لا يحول دون ضرورة فتح الوزارة الوصية لحوار وطني مجتمعي يكون من الأستاذ وإلى الأستاذ لملامسة ظروف إشتغال هذه الفئة المهمة التي بصلاحها يصلح المجتمع كله. 

كاتب المقال مراسل كليميم

حول كاتب المقال : قريبا
«
Next
رسالة أحدث
»
Previous
رسالة أقدم
التعليقات
0 التعليقات