قد يعتقد كثير من المواطنين أن المغرب
قطع أشواطا مهمة نحو الأمام في مجال الحريات و خاصة "حرية التعبير"،وان
شمس احترام الرأي قد سطعت في هذا البلد، و أن القمع الذي جثم على أنفاس السكان و
حرمهم حق الكلام لعقود طويلة قد زال. و قد يعتقد كثير من الناس أن المغرب أصبح
فعلا "دولة الحق و القانون" كما يقال. لكن واقع الحال يثبت عكس ذلك.
فبالأمس القريب قام وزير التربية
الوطنية بتوجيه كلام منحط و دون المستوى لرجل تعليم يعمل بإقليم اسا-الزاك و يدعى "البشير
غانم" لا لشيء إلا لأنه عبر عن عدم رضاه عن التغذية المقدمة للأطر التي
شاركت في التكوين الخاص بالحياة المدرسية و المنظم من طرف الوزارة بالرباط. بل ولم
يكتفي الوزير بهذا الأمر حيث سارع إلى إرسال "إنذار" لرجل التعليم
السالف الذكر كعقاب له على انتقاده للتغذية، ضاربا بذلك ( أي الوزير ) عرض الحائط
مختلف المساطر القانونية المنظمة للعقوبات التأديبية.
لقد تناسى وزير التربية هذا أن أي إجراء
تأديبي ضد أي موظف يكون نتيجة قيام هذا الأخير بمخالفة إدارية معينة ، كما تناسى أن
العقوبات التأديبية تتخذ نسقا تدريجيا حسب جسامة الخطأ أو المخالفة الإدارية . و
هنا نتساءل عن طبيعة المخالفة التي قام بها السيد " البشير غانم " و
التي استدعت إنذاره من طرف الوزير . هل فقط لأنه عبر عن رأيه تجاه وجبة الغذاء؟ أم
لأنه كان جريئا بمجابهته للوزير بحقيقة سوء التغذية ؟
إن هذا الأسلوب الذي تعامل به "
الوفا " مع رجل التعليم السالف الذكر،يذكرنا بمرارة بأسلوب المتغطرسين الذين
مروا عبر تاريخ المغرب أمثال الكلاوي و افقير و البصري و غيرهم من الذين كانوا لا
يعترفون بشيء اسمه حرية التعبير" و
لا بشيء اسمه " حق الكلام" ، و إنما همهم كان فقط يقتصر على قمع الأشخاص
و الزج بهم في السجون متى تكلموا أو فقط أرادوا التكلم و التعبير عن رأيهم. و يبدو
أن الوزير كان يرغب في القيام بذلك لولا الظروف التي لا تتماشى مع رغباته المتعجرفة.
إن الأمر الملفت للانتباه هنا ، هو أنها
ليست المرة الأولى التي يصدر فيها هذا الوزير تصريحات لا تمت بصلة بمجال التربة .
كما أنها ليست المرة الأولى التي يبالغ فيها في استعمال السلطة خاصة تجاه الأطر الصحراوية.
فالكل يتذكر قرار التوقيف الذي أصدره " الوفا " في حق مدير الأكاديمية
الجهوية السابق لجهة كلميم-السمارة "محمد العوينة" ، و ها هو ذا اليوم ينذر
السيد " البشير غانم " و الله يعلم من سيكون دوره غدا.
لقد تمادى هذا الوزير في غيه أكثر من
اللازم و أصبح من الضروري الوقوف في و
جهه ، لأنه بتصرفاته هاته يرجعنا إلى عهد تجاوزنا كثيرا من حرقته و أصبحنا نلمس بعضا
من الأمل بفضل ما شهدته بلادنا من تغيرات ايجابية سيعكر صفوها وجود وزراء من صنف
" محمد الوفا ".
و أمام هذا يتساءل المتتبع متى يتوقف
هذا الوزير عن تصرفاته التافهة وعن تصريحاته المنحطة التي لا تليق بمنصبه و لا
بالقطاع الذي يشرف على تسييره ، كما يتساءل المتتبع عما يمكن قوله لموظف أو طالب
أو تلميذ اصدر هذا النوع من التصريحات إذا كان الوزير المسئول عليهم لا يميز بين
الكلام الصالح و الطالح. إن لسان الحال في هذا السياق يقول : إذا رأيت رب البيت
للدف ضاربا فلا تلمن الصبية على الرقص.و بهذا المنطق ستغيب مبادئ التربية الحقة
التي نسمو إليها و ستعم الفوضى في قطاع التعليم الحساس.
و يستمر المسلسل البهلواني للوزير
ردحذف