لقد دأبت وسائل الإعلام الرسمية و غير الرسمية على و صف نزاع الصحراء الغربية بأنه نزاع مفتعل اي و بطريقة ضمنية هذا المشكل السياسي هو مجرد خلاف بين المغرب و الجزائر على الحدود او ما شابه ذلك و ما جبهة البوليساريو الا وسيلة تستعملها الجزائر للضغط على المغرب و تتناسى ان مشكل الصحراء الغربية هو مشكل مطروح في اروقة الامم المتحدة منذ الستينات اي قبل دخول المغرب الى هذا الاقليم منتصف السبعينيات و ذلك عبد اتفاقية مدريد التي بموجبها تم تقسيم اقليم الصحراء الغربية بين موريتانيا المختار ولد داده و المملكة المغربية . وعليه اذن ان هذا النزاع هو اقدم من الدعم الجزائري لجبهة البوليساريو بل هو اقدم حتى من جبهة البوليساريو نفسها ، ثم ان هناك قرارت واضحة للأمم المتحدة في السيتينيات من القرن الماضي توصي بضرورة تقرير مصير الشعب الصحراوي و هذه القرارت كانت موجهة آناذاك الى اسبانيا المستعمر القديم للإقليم و لو كان هذا النزاع اذن مفتعل كما تقول و سائل الاعلام المخزنية لأصدرت الأمم المتحدة قرارات إبان الوجود الاسباني في الصحراء الغربية تحث على ان يتم الحاق اقليم الصحراء الغربية بالمملكة المغربية ، و هذا الامر لم يحدث ابدا .
إن الموقف المغربي إبان اجتياحه للإقليم الصحراء الغربية سنة 1975 يستند او يؤول رأي محكمة لاهاي الدولية التي يرى بأنها تحدثت عن حقوق و روابط تاريخية تجمع بين الصحراويين و العرش العرش العلوي او المملكة المغربية عموما و لم يتحدث المغرب حينها عن تقرير مصير الشعب الصحراوي الذي تحدثت عنه محكمة العدل الدولية ، واذا صحت حسب الادعاء المغربية ان هناك روابط تاريخية بين الصحراويين و المملكة المغربية فيجب ان يعلم المغرب بل هو بالاحرى يعلم بهذا الامر ان هناك روابط تاريخية و ثقافية تجمع بين موريتانيا و الشعب الصحراوي و هذه الروابط التاريخية و الثقافية الأخيرة اقوي بكثير من الروابط التي تحدث عنها الموقف الرسمي المغربي . فهل الصحراويين موريتانيين ؟ !
امتدادا لسياسة التضليل التي يمارسها المخزن المغربي و اعلامه صورت العديد من وسائل الإعلام هذه بأن القرار الاممي حول الصحراء الغربية الاخير 2099 بأنه انتصار للدبلوماسية المغربية و واقع الحال انه ليس كذلك بالمرة صحيح انه تم سحب مسودة القرار الأمريكي و القاضي بتكليف المينورسو بمراقبة حقوق الانسان في الصحراء الغربية ، الا ان هذا القرار لا يعني ابدا انتصارا مغربيا جديدا بل ان هذا القرار شكل تقدم مهم جدا للشعب الصحراوي حيث ان القرار 2099 اوصى بقوة بضرورة احترام حقوق الانسان بالصحراء الغربية و بمخيمات تيندوف ثم اصى كذلك بضرور وضع الية مستقلة و ذات مصداقية لمراقبة حقوق الانسان ، و الحديث عن حقوق الانسان بقوة في الصحراء الغربية و تيندوف هو اعتراف ضمني بأن هناك انتهاك لحقوق الانسان و هذه رسالة مشفرة للرباط بالاساس . ثم هناك نقطة جد مهمة و هي الاخرى ليست في صالح المغرب ان هذا القرار لم يتحدث ابدا عن مقترح الحكم الذاتي المغربي بشكل صريح بل اكثر من ذلك ان الامم المتحدة لا تقبل (بتوطيد الوضع الراهن ) و هذا رفض ضمني لسياسة الامر الواقع التي يحاول ان يفرضها المغرب ،و تبقى النقطة الاهم في القرار و التي اتحدى ان تتحدث عنها وسائل الاعلام المخزنية من القناة الاولى او الرحيبة او دوزيم و اقصد هنا مبدأ تقرير مصير شعب الصحراء الغربية في سياق مبادئ و مقاصد أممية اي أن تقرير المصير يبقى هو الحل المطروح لهذا المشكل و ليس الحل هو المقترح المغربي (الحكم الذاتي) .
حاصل القول اذن ان القرار الاخير لم يكن بأقصى تطلعات الشعب الصحراوي لكنه على العموم يشكل تقدم جيد جدا بالمقارنة مع القرارت السابقة و لأول مرة تتحدث الامم المتحدة عن ضرورة احترام حقوق الانسان ثم انه يحث على احداث اليات لمراقبة حقوق الانسان في تيندوف و في الصحراء الغربية ، و انا أعتقد ان المبادرة الامريكية لم تسحب بشكل نهائي و انما سحبت مؤقتا او لنقل ان المغرب منحة فرصة لاحترام حقوق الانسان وهو ما يشكل ضغط اضافي و قوي على المغرب الذي جعلته الصحراء الغربية يتأزم بشكل كبير في ما يخص هذا الموضع و خصوصا في جانه الحقوقي . و في الاخير اقول للمغرب كما ابرز القرار 2099 ان المسألة ستبقى قيد النظر و نتمى من المملكة المغربية ان تفهم هذا الانذار الحقيقي .
الصديق بوفتاح بوكزان