بقلم : مراسل كليميم
ترددت كثيرا قبل كتابة هذه الأسطر،التي ارتأيت أن أتكلم فيها عن موضوع حساس شيئا ما إجتماعيا ودينيا... قد يكون رأيي حول الموضوع غريبا أو صادما كما هي دائما جل مواقفي ،لكنني أرفض كتمانه و أبقيه " مجحود" في داخلي.
أتحدث اليوم عن موضوع المثلية الجنسية بعد أن أقر البرلمان الفرنسي قانونا يبيح زواج المثليين.
قبل أن أستطرد،قد يسأل سائل،لماذا نتحدث عن الموضوع و نناقشه و الدين يحسم في مثل هذه الأشياء؟أجيبه مسبقا بأن هذا رأيي الخاص و لا أفرضه على أحد ،ثم إنني لا أتوجه لكل من يزن الأمور بميزان عقله الخاص به،هو فقط.و أعلم جيدا أن هناك من سيقذفني بالإلحاد و العلمانية والمثلية في صميم عقله،و لكنني لا أبالي ما دام رأيي قد يحرك مشاعر البعض،و ما دمت مفكرا حرا،فإنني أسعى للانصات للطرفين و الرؤية بكلتا العينين،كي أنتج رأيي الخاص،من منطلق الحياد.
والمثلية الجنسية Homosexuality هي توجه جنسي يتسم بالانجذاب الجنسي أو الشعوري الذي يحمله الشخص تجاه أبناء جنسه...
المثليون الجنسيون شئنا أم أبينا هم فئة حاضرة في المجتمع العالمي و العربي و يعيشون بيننا رغم أنهم يخفون ميولاتهم في أغلب الأحيان،تجنبا للقدف و السب و الضرب،أغلب الناس يعتبرونهم شواذا خارجين عن الطبيعة،لكن العلم ينتصر لهم و يتبث أن دوافع المثلية الجنسية هي إما وراثية مرتبطة بالجينات،و قد تكون مرتبطة بالمحيط الذي تربى فيه الشخص...
و من الغريب أنه ليس هناك ذنب أو معصية أخرى تلتصق بها باقي معاصي الدنيا غير المثلية ، فمثلا لو كان هناك شاب متدين و لكنه يرتكب معصية كالزنا مثلا أو الفساد ، فسيقول له الأخرون اصبر مثلا او تزوج او صلي بعد ارتكاب المعصية ليغفر لك الله و هكذا . أما اذا كان الذنب انه مثلي فستجد ان هذا الذنب اتصفت به كل ذنوب الأرض من كفر و اشراك بالله و انه من أهل النار... و ماذا سيقول لربه عندما يقابله و انه ملعون و منبوذ و يهز عرش الرحمن و لن تقبل له صلاة و لا أي عمل خير يفعله لا لشئ إلا لأنه مثلي جنسيا...
علينا أن نتجاوز مرحلة التقيد بنمط واحد من التفكير،وأن تكون لنا قابلية لمناقشة جميع المواضيع.و يجب أن نمتلك الشجاعة لإخراج الملفات التي صنفناها سلفا في درج المحظورات و الطابوهات...
شخصيا وخصوصا عند سنوات شبابي الأولى عندما علمت بوجود أشخاص يميلون إلى بني جنسهم،استغربت كثيرا لعدم استيعابي للفكرة من أصلها...حاولت أن أبحث في أسباب الظاهرة و جذورها و ما إن كان الأمر اختياريا أم طبيعيا،و خلصت إلى أن هذه الظاهرة تدخل فيها عدة اعتبارات منطلقة من المحيط و الوراثة كما سبق و أشرت له،و طريقة التربية و الفقر أحيانا...
نعم "الفقر".فقد شاهدنا روبورتاجا في قناة "France 24" تناول موضوع(تنامي المثلية الجنسية في مراكش).و ظهر شاب يروي الظروف التي قادته لامتهان المثلية من أجل كسب رغيف العيش،و قال أنه تعرض للاغتصاب في الصغر و ظل ذلك المشهد راسخا في دهنه،يقلق منامه،و لم يقوى على نسيان الأمر.حيث ظل يعتقد أنه لا يتمتع بالرجولة الكافية لمرافقة النساء بدل الرجال،و دفعه الفقر فيما بعد لمرافقة المثليين الأجانب و ممارسة الجنس معهم من أجل مقابل مالي يعيل به أسرته.
يتضح من هذه القصة و غيرها من القصص،أن التكتم على الفضيحة مخافة الوقوع ضحية للمجتمع الوحشي القاسي،ساهم هذا بطريقة أو بأخرى في تنامي الظاهرة و لم يعد بالاستطاعة،معالجة هذه الحالات بما أنها تجاوزت سن الطفولة و الذي يتيح إمكانية إصلاح الشذوذ بالعلاج النفسي و الجسدي.إذن فالمجتمع جزء من المشكلة،و يجب الاعتراف بذلك.
حتى التصرفات و السلوكات المرتبطة بإهانة المثلي و ضربه أو قتله ،لن تجدي نفعا،و لن تزيد الطين إلا بلة...و سواء جهر المثلي بمثليته أو لم يفعل فهو جزء من المجتمع رضينا أو كرهنا.
أنا لا أدعو لفتح الباب على مصراعيه أمام المثليين،أو فسح المجال أمام الفتيات للتعري في الشارع العام في الوطن العربي،أو السماح بعقد قران المثليين بالمساجد كما رخصت بذلك فرنسا مؤخرا...و لكن على الأقل،يجب أن نحاول التواصل معهم و نصحهم و ومحاولة قيادتهم إلى الصواب،ما إذا كان هناك تجاوب أو قابلية لذلك.هناك عبارة تقول "إن لم تكن جزءا من الحل..فأنت حتما جزء من المشكلة"،لذلك فالعنف و الاستفزازات لن تجدي نفعا مع هذه الحالات،و من يقول عكس ذلك فليأتي بمثال واحد لــ"مثلي" غَيَّر ميوله بعد أن تعرض للتعنيف..إيلا لقيتوه ها وجهي...
أخيرا،قد يكون قلمي صارما أو منفتحا أكثر من اللازم في رأي البعض..لكنني مفكر حر في آخر المطاف،و لا عجب أن يخالفني البعض الرأي،شرط إقامة الحجة و الدليل.