» » » الفيزازي يؤم بالملك محمد السادس بطنجة



ألقى الشيخ الفيزازي، عضو السلفية الجهادية والمعتقل السابق في قضايا الإرهاب، الذي كان محكوما بالسجن النافذ لمدة 30 سنة، أمام جلالة الملك محمد السادس، قبل لحظات قليلة، خطبة الجمعة، في خطوة لا تخلو من دلالات عميقة.
تاريخ الرجل، واجتهاداته الفقهية التي تسببت في وقت من الأوقات في شن عدد من أتباع التيار السلفي، لهجومات على المؤسسات، وما أعقبها من أحداث مأساوية بعد تفجيرات الدار البيضاء، واعتقاله وسجنه، وتحميله المسؤولية الأخلاقية والمعنوية عن الأحداث الأليمة، وقضائه سنوات خلف القضبان، واقتناعه في نهاية المطاف بخطأ المسار الذي سلكه، والتداعيات الخطيرة للخطاب الديني المخالف للتوجه الرسمي، وانتفاء الأسباب الموضوعية التي أنتجت الخطاب الديني نظرا للتحولات التي طرأت وتغير الأحوال عن السياق العام، ما جعل الخطاب الديني للسلفية الجهادية في حاجة إلى الملاءمة مع واقع الحال، قبل إعلانه الرسمي عن تغيير توجهه، وعدم صواب اجتهاداته السابقة، وتأسيسه بذلك لبداية مرحلة مراجعات فكرية مهمة، شكلت قطيعة مع ما سبق، مما مهد الطريق لإطلاق سراحه، رفقة عدد من قيادات التيار الإسلامي التي اعتقلت على خلفية أحداث الدار البيضاء.
فسح المجال أمام قادة التيار السلفي من خلال الشيخ الفيزازي الذي يمثل أحد وجوه هذا التيار، لتأثيث المشهد العام، ومساهمتهم من خلال مواقعهم الدينية في التصدي للتطرف والأفكار الهدامة، وكافة أشكال التصادم مع المجتمع، يشكل بالفعل حدثا غير مسبوق، ونموذجا مغربيا فريدا في التوجه نحو المستقبل من خلال طي صفحة أليمة في مشهدنا الديني، بعد أن جرت على المجتمع ويلات وجراح مؤلمة، وقد حان الوقت لتجاوزها.
حكمة جلالة الملك، وتبصره في مقاربة الشأن الديني، وحرصه الشخصي على معالجة الأعطاب التي اخترقت الحقل الديني، في وقت من الأوقات، وأدت في غفلة من الدولة وتسامحها في بعض الأحيان إلى حدوث انحرافات قادت إلى ما نعرفه جميعا، دليل على رغبة جلالته في احتضان جميع القيادات السلفية التي راجعت أفكارها وقناعاتها من الفكر الدموي الهدام، وفسح المجال أمامها لنشر الإسلام المعتدل وفكره التنويري.
فسح المجال أمام الفيزازي ليعتلي منبر الخطابة، وبحضور جلالة الملك، يشكل في هذا الظرف، تعبيرا عن السياسة الرسمية للدولة المغربية التي لا تعادي الدين في حد ذاته، ولا تخاصم أهله، ولكنها تحرص على أن تخلص الدين الذي هو مشترك عام لجميع المغاربة من الاستغلال السياسي، ومن تعميم فهم غير صحيح وخاطئ، لا يعبر عن عمق الرسالة الإسلامية ورسالتها السمحة، ولأن الشأن الدين أكبر من أن تحتكره فئة ما، أو أن يخضع لتفسير ضيق، فإن الدولة أخذت بزمام الأمر، وأرست منذ أحداث الدار البيضاء الأليمة مجموعة من القرارات والإصلاحات الجذرية حتى لا تتكرر مأساة الدار البيضاء.
واليوم قد حان موعد احتضان من يعترفون بأخطائهم ومن يجنبون البلاد الدخول في أتون صراعات دينية، وهو ما يتجلى في مضمون خطبة ليومه الجمعة، التي ألقاها الشيخ الفيزازي في حضرة المؤمنين، وفيها تحدث عن التوبة والمراجعة، وإقراره بحياة الرخاء التي يتمتع بها المغرب من حيث الأمن الغذائي والروحي بفضل صاحب الجلالة ملك المغرب وأمير المؤمنين، ودوره الإيجابي في تسوية مجموعة من المشاكل بالبلاد، إلى درجة جعلته بمثابة صمام الأمان للمملكة المغربية.


كاتب المقال Unknown

حول كاتب المقال : قريبا
«
Next
رسالة أحدث
»
Previous
رسالة أقدم
التعليقات
0 التعليقات

ليست هناك تعليقات:

دع تعليقك