» » » أنا مواطن صحراوي، أنا مواطن بدون : شعار إختبارات التوظيف الاخيرة

محمد سالم الزاوي
بينما كنت جالسا بالمنزل أقلب أصابع الفراغ القاتل، وأجتر هموم البطالة الفتاكة، أخبرني أحد سعاة الأنباء بمباراة للوظيفة العمومية كما سنها صحيح بنكيران منذ تقلد كرسي الوزارة الاولى قبل سنوات. فتبادر لذهني الجواب المعتاد القائم على الشك المدعوم بحوافز المحسوبية والزبونية والرشوة، وهكذا دواليك من أصناف المحبطات والمدمرات النفسية التي إعتدناها في هكذا مباريات ، قبل أن أعلم بقضية الحصص التي تمنح لجهتنا الميمونة، حصة متواضعة من كعكعة تلك الوظائف، فزاد الأمر بارقة الأمل الضعيفة عندي مصحوبة ببعض التفاؤل المجهز بجهاز الخطاب الرسمي المألوف في كوننا لنا حق الأسبقية ما دمنا أبناء الجهة وساكنتها الأصلية وهنودها الحمر الذين دونوا تاريخها صاغراً عن كابر. غير أنه لم تسنح لي الظروف في إستكمال إجراءات الدفع قبل فوات الأوان، فوضعت خوذة المنافسة وتأبطت الرجاء مع الدعاء لمن بقي من أصدقائي ورفقاء دربي الذين تم قبولهم لإجتياز هذا الإختبار، فما راعني إلا والقادمون من غزوة الاختبار الكتابي ينبئونني بنبأ مفاده ان الجحافل المتكالبين من باقي الجهات والذين تم أستقدامهم بأمر دبر بليل لمزاحمتنا والتنكيد على قسمة أرزاقنا، وكأننا في جهة يعدُم فيها البطاليون ويقل فيها العاطلون ويفور مستوى الدخل فيها وينافس شعبها شعب سويسرا في رغد العيش.
لتكون بعدها طامة النتائج التي لم تستثني من الصحراويين غير قلة تعد على أصابع اليد أحسبها قبلت "بتقميرة" المصحح، وكأننا كأبناء الجهة الأصليون والسابقون فيها السابقون عن كل خير فيها مبعدون، لأننا رهط من الفاشلين وجمع من اسفل سافلين لا نصلح لغير الرعي وأكل "الكارطون" رفقة مواشينا  كما قال أحد الرسميين المغاربة يوماً.
إن ما جرى في الإختبار الأول كانت يد العنصرية واضحة البصمات فيه بينت المعالم وسط أوراقه التي تزخرف بوابة النيابة بالجهة ، بل الأدهى من ذلك، أمر أن شعبة الرياضة لا تضم أي من أبناء الجهة يحمل بطاقة تعريفها سواء من صحراوييها أو شمالييها، وكأن الرسالة وصلت على غير دراية وحكاية من مدبر هذا العار والشنار، إذ أنتم يا أهل الداخلة شعب فاشل يزرع العجز ويجني الخمول، ولا يعرف عن الرياضة غير مشاهد التلفاز او سماع ما قل ولا دل.
بعد ذلك رأيت كيف إصطبر المقصيون، وقالوا ربما هي إجاباتنا لم تأتي أكلها، ولعل الله يعوضنا في القلة الباقية. غير أن الأمر في غزوة الشفوي كان أعظم من سابقه وأذل لأهله من أوله، إذ تحمل القوم تكاليف السفر الى مدينة العيون، ومنهم من اقترض  مصاريف السفر وهم يمنون النفس بتتويجٍ وظيفي يقيهم حر العيش ونكد البطالة. فقدموهم للجنة غريبةٍ عجيبة كما أخبرني احد الضحايا، إذ بدت الأسئلة صبيانية والجلسة ترفيهية، تذكر من كان في صفحة مشواره الدراسي قد عاش بعضاً من إختبارات القبول ضمن سلك الماستر صحبة أولئك المتبارزين الذين يأتون دون حماية المال أو "الكود بيسطون" .فيصير أن يسيرك الجمعُ أضحوكة بين السؤال والجواب، لأن ما في الجبة هو القابل والرافض.
إن ما جرى في إختبارات التوظيف ضمن قطاع التعليم يوحي قطعاً وجزماً بأن الصحراويين في أعين القائمين على الدولة المغربية ليسوا سوى مواطنين "بدون" يأكلون الغلة ويسبون الملة ، مع ما بات يرافق ذلك من تعاملٍ دوني في كل إختبار يتنافس في ظلعيه صحراويٌ وشمالي. إذ  كما ظل العقل العاميُّ المغربي ينظر لنا كرعاة غنم "وبوزبال مكلخين" لا نفقه غير تسمين نساءنا كما قال معالي الوزير الأشعري يوما. فكذلك تُعاملنا يد الإنصاف والشفافية داخل الإدارة المغربية الرسمية.
إن شدة خشيتنا تكمن في الخوف من أن تكون وراء أكمةِ التوظيف في التعليم ما وراءها، إذ يبدو أن غياب الثقة في الأستاذ الصحراوي هو قطب الرحى· إذ أن الدولة تعتمد نفس الأسلوب والخطط مع الممتحنين في وظائف التربية الوطنية ونتيجة لهذه السياسة فلم يصل الى بر الترسيم غير الغرباء أومن في قلبه غلٌ للصحراء وساكنيها الأقدمين. ولعل تنامي الوضع سيقلب قريباً وضع الجهة المستقر رأساًعلى عقب إذ رأيت وسمعت كيف عاد اشد المتفائلين بمسرحية الإختبار يجر أطنان الخيبة والخذلان ليصبها وعيداً وتهديداً بنفض غبار الصمت ونشر غسيل الإحتقار أمام سياج الإدارة. عندها فقط ستسنح الفرصة لمواطني البدون أن يطلبوا ترحيلهم أو سجنهم أو أمر الحلول في خاطر الدولة وهو تمكينهم من حقوقهم المشروعة التي تسلب منهم بجرات قلم المفسدين وخلف الأبرتايد الجديد.
ختاماً يحذوني الأمل في إنتفاضة شبابية ترفع عنا أثقال الفرديات وتهد جبال اللامساواة وتقد مضجع من ناموا على حقوقنا نوم أهل الكهف. فقد بتنا نعي أن المواطنة كأطراف البدن لا تجزأ ولا تمنح ولا تباع ولا تشترى وعليه إما أن يلفي المرء مواطنته كاملة أو يموت موتةً كريمة.

كاتب المقال Unknown

حول كاتب المقال : قريبا
«
Next
رسالة أحدث
»
Previous
رسالة أقدم
التعليقات
0 التعليقات

ليست هناك تعليقات:

دع تعليقك