أسا بريس: اصكام هدا
مساؤكم سعيد
ارتباطاً دائماً بالشأن المحلي، والجوار ذي القواسم المشتركة، ودون الخروج عن دائرة النقاش المفتوح والمتعلق أساساً بالصحراء ومتوالياتها كقاعدة أو منطلقٍ من منطلقات التغيير على جميع الأصعدة والمستويات، والضرورة في تغيير الساكنة لتموقعها من محل شبهة إلى التموقُّع في موقع دفاعي عن تصورها لتدبير الأمور بالصحراء، بعيداً عن مزايدة أي كان في وطنيتها وحقها في العيش الكريم. ورغبة في أن تكون سواسية أمام كفتي ميزان العدالة الاجتماعية وأن لا تطمح إلى مكانة تفضيلية أو محاباة ولكن إلى إيتاء كل ذي حق حقه، على نحو يضمن لجميع أفرادها الإنصاف والكرامة...
فالساكنة يبدو أنها قد رأت في أن "الانتماء" إلى هذه الربوع من الوطن قد كلفها ثمناً باهظاً جدّاً... جدّاً... في حين يبدو أنه على الضفة الأخرى (الدولة ومؤسساتها) كما في النقاش العام الدائر الآن بدأ ينحو في اتجاه تقرير فكرة مؤداها أن هذه الربوع والمنتمين إليها قد أضحيا مكلفين جدا وللغاية لرصيد الدولة السياسي والمالي إلخ... بل إن البعض صار يفصح اليوم وبعلانية أن حاملي "خيار الوحدة" قد أضحوا ابتزازيين وانتهازيين أكثر من أي وقت مضى؟.. وأن الانخراط في هذه "الوحدة" مقابل الابتزاز والمقايضة هو أمر مرفوض تماماً ووجب القطع معه بالمرة، ونحن بدورنا نقر بذلك ليس من منطلق "الاستهلاك السياسي"فقط ولكن انطلاقاً من استيعابنا لواقع المنطقة الراهنة، وظروف التحديات التي يواجهها اللحظة على هذا المستوى، علاوة على ما إلتقطناه وفهمناه من مؤشرات نابعة من رصيد تراكمي لتحليل الخطب الملكية عموماً، وتحديداً "الخطاب الأخير" لما انطوى عليه من "قوة وجرأة" أثارت حفيظتنا لدرجة جعلته يشكل "الاستثناء" بالمقارنة مع سابقيه . سواء من حيث النبرة الذي ميزته، أو المضمون الذي حبل به، أو من حيث تسميته الأشياء بمسمياتها ونعوتها الخاصة. فضلاً عما تخلله من إشارات عدة، ودلالات ومعاني سياسية مكثفة في ظرف مقتضب زمنيا وما حمله من المسؤوليات واضحة لأطراف بعينها.
وعليه، فإنه يمكن الجزم على أن كل ما تضمنه هذا الخطاب قد كان صريحاً وواقعيا للغاية في جانب منه، يشخص الوضع أو الحالة التي وصلت اليها قضية الصحراء بشكل "ميكروسياسي". منطلقاً في ذلك من سنة 1973 إلى حدود اللحظة، ومن ثمة نقر بأن مضامينه يبدو أنها قد أصبحت قناعة وعقيدة لدى كافة أفراد الشعب المغربي على اختلافهم، وصارت تتأكد لديه بشكل يقيني بعد أن كانت تساوره الشكوك التي بددها الخطاب رسميا.
إلا أننا نرى أنه من الضرورة مناقشة بعض الجزئيات أو التفاصيل التي يسكنها الشيطان كما يقولون، ويراوغ بها السياسي "طمعاً" في أن يحدث "فارقاً" في المناورة لصالحه، ويلوكها المواطن العادي دون أن يمتلك قابلية التأويل أو التحليل أو التفعيل...
والحقيقة أنه يشقَ علينا تناول هذه المضامين كلها وإبرازها بشكل جلي هكذا مجملة، ولكن الظاهر بالنسبة لنا أن مقاربتها من ثلاثة زوايا قد تكون أقرب إلى البسط والإيضاح والصواب، وحافزاً لأن يتم تعاطي بموجبها لدى العامة مع مبادرات من هذا الحجم بنظرة تحليلية وزاوية معالجاتية تراعي تمايز المواقع، كلا حسب موقعه، وتصوره للنقاش، اثراءً لثقافة إثارة النقاش حول الشأن العام للبلاد والوطن كلٌّ من منطلق مسؤولياته تجاه محيطه، وما يقتضيه انتمائه إلى هذه الربوع الغراء، من رفع الالتباس والشبهة عنها وعن قاطنيها . ولهذا سنقتصر في تناولنا لهذا الأمر -كما أشرنا أعلاه- على ثلاث مستويات أساسية وهي على التوالي: المستوى السياسي، والمستوى الاقتصادي، والمستوى الحكماتي التدبيري... (يتبع)
اصكام هدا .طالب باحث