(صناعة الألهة أو قابلية الاستبداد )1/2
طيب الله لقاكم
العودة إلى التاريخ ليست نكوصا ولا هروبا من المستقبل .ولكنها خطوة تقتضيها متطلبات المسير إلى هذا المستقبل بحد ذاته عبر طريق خالية من الألغام. تفاديا لأي إنفجار مفاجئ يعطل بالمرة قواعد المسير إلى الأمام.
كنف التاريخ هذا المليء بالقصص التي أرخت أحداثاً عايشتها البشرية ليس من باب العبث ولا عفوية مجانية. بل لأخذ العبرة، والتراث الديني يفيض بذلك . ما يزكي هذا التصور ورود لفض القصص قرابة العشرين مرة في القرآن الكريم مخاطبا الله سبحانه وتعالى فيها رسوله لاستخلاص العبر من مواقف شهدها رسل من قبله و عايشتها مجتمعات بأكملها. منها ما يتعلق بما نود تناوله اليوم وإياكم "صناعة الألهة" وهي صناعة نتاج فراغ روحي أو فكري أو سياسي متأصلة و متأثلة منذ القدم حيث قريش قبل الرسالة كل صباح ومساء تتمسح وتتبرك بالهة من صنع أيديها تتقاسم وإياها فضاءات البيت لا تملك لها ضرا ولا نفعا.
حين خاطب موسى قومه الذين إتخذوا العجل الذي صنعه لهم السامري من الذهب إلهاً من بعد غيابه عنهم (وإذا واعذنا موسى أربعين ليلة واتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون )الاية 51 سورة البقرة.
أو الذين قدسوا فرعونا الى درجة لا توصف حيث فرقهم شيعا وإستظعف فريقا منهم (بني إسرائيل) بل جهر بالقول (أنا ربكم الأعلى) الاية 24سورة النازعات
يقال إن الرئيس البوسني السابق علي عزت بيغوبيتش ذات مرة وصل إلى صلاة الجمعة متأخراً ففتح له الناس الطريق إلى أن وصل الصف الأول فاستدار للمصلين بغضبٍ وقال مقولته الشهيرة " هكذا تصنعون طواغيتكم".
مناسبة هذا القول محاسن الصدف أو مساوئها أو سيرورة التاريخ منذ بدء الخليقة الى عصر هؤلاء المخاليق.
ألهة وطواغيت يزيد تعاظمها على طول الشريط الرابط بين المجتمعات الثالثية التي لا تستفيد من دروس الماضي إلا بالسلب وصولا الى مجتمعنا القابع بين "أكركور" "الواركزيز" وفج "أمزلوك"مرورا بالمجتمعات الانهزامية والأنظمة الدكتاتورية المتواطئة حيث ما وجدت.
هناك قابلية شاسعة لاستعباد الناس طواغيتهم عن طواعية وقبول إستبدادهم بهم. التزام السكوت يصنع تكبرا وتجبرا لا يقاوم هي المشاهد نفسها باسا الألهة تتعاظم يوما عن يوم. ثلاثون سنة ونيف وما دونها نفس الطواغيت ونفس الجبت ونفسهم المستضعفين عن سبق إصرار وترصد يهتفون عاش الزعيم عاش الإله... اللهم امتهم جميعاً وأحي الطغاة يوما بدون قطيع ولا رعيةً ليستفيقوا في الصبح الموالي فلا يجدون من يحكمون فيموتوا جميعاً بالحسرة أو بالجنون
على أمل أن نلقاكم عما قريب
هدا أصكام