» » علي سالم التامك يرد على مدير جريدة العلم المغربية عبدالله البقالي


علي سالم التامك
طالعتنا جريدة ـ العلم  ـ  لسان حزب الاستقلال الذي قاد الحكومة المغربية لمرات عديدة و يشارك في الحكومة الحالية ـ ، في غلاف عدد 29422 الصادرة بتاريخ 24 مايو 2012 بالعمود المعنون ب "حديث اليوم" لصاحبه مدير الجريدة السيد عبد الله البقالي بمقال ردا  على الرسالة التي وجهتها لوزيرالتعليم العالي والبحث العلمي و تكوين الأطرالمغربي  بخصوص مصادرة حقي في الدراسة الجامعية  .
     هذا الرد السريع يترجم ظاهريا موقف الحزب الذي يمثله انطلاقا من موقعه المهني ك"مدير جريدة العلم" و التنظيمي داخل الهيئة السياسية المذكورة  ك"عضو اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال أعلى هيئة تنفيذية " وعمليا ينضبط لتوجيه جهة غير معلومة تشكل ظلا لطالما أوحى و أوصى للذين انتصبوا و اختاروا أن يقودوا حربا قذرة و متسخة بالوكالة على أساس شوفيني وعدواني ضد المناضلين والمدافعين الصحراويين عن حقوق الإنسان، الذين يجهرون بآرائهم السياسية و التي كنتم سباقين دائما للانخراط فيها بمعية "منبركم الإعلامي " ضدا على كل المقاييس المهنية في نقل الخبر و الاكتفاء فقط بترديد اسطوانة المخزن المشروخة و الاجتهاد في اختلاق مبرراتها و مسوغاتها لإكسابها  الشرعية أو التغطية عليها على الأقل  ( الحملات التي شنت  ضدي سنتي2004 /2005  والمصاحبة  للاعتقالات والمحاكمات المتكررة للمدافعين الصحراويين عن حقوق الإنسان  والتي توجت بخطاب الملك بتاريخ  6نونبر2009 و الإبعاد القسري لجزيرة لانثالوتي للمناضلة و الحقوقية الصحراوية المعروفة  " أمينتو حيدار " سنة 2009 ).
     أعود لمضمون العمود المتضمن لمجموعة من المغالطات التي تحتاج لتدقيق و توضيح أوردها في الملاحظات التالية :
    1 ـ شكك صاحب المقال في مصادرة حقي في التعليم الجامعي ووضعه بين معقوفتين، بالرغم من أن الوقائع المتسلسلة التي ذكرت بشكل منهجي وانتهت بحصولي على وصل إيداع مختوم بخاتم إدارة كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بجامعة الحسن الثاني بالمحمدية ومراسلتي لجهات رسمية و جمعوية مغربية و خارجية متعددة في الموضوع تثبت موضوعيا وقانونيا وجود خرق واضح لحق أساسي ألا و هو الحق في التعليم منذ سنة 2007 و مصادرته بناء على الرأي كما جاء في التقرير السنوي لوزارة الخارجية الأمريكية حول موضوع حقوق الإنسان لسنة 2008 .
    هذا التجاوز كان يفترض من الناحية المهنية و الصحفية استفساركم لوزارة التعليم العالي بهذا الشأن أو المنظمات الحقوقية المغربية ذات المصداقية و الدفاع عن هذا الحق بغض النظر عن قناعات صاحبه إن كنت ديمقراطيا و تؤمن بحقوق الإنسان في مرجعيتها  الكونية.
.   2 ـ أما بالنسبة لانتمائي لمدينة أسا /جنوب المغرب والذي يشهر عادة كورقة محروقة ومبتذلة كلما أثير رأيي  السياسي في قضية الصحراء الغربية ( كان آخر ذلك خلال  محاكمتي و مجموعة من المدافعين الصحراويين عن حقوق الإنسان أمام هيئة المحكمة بالقطب الجنحي بعين السبع بالدار البيضاء بتاريخ 14 يناير 2011 ) ، و هو جزء من مقاربة المخزن التشكيكية التي تؤطر تعاطيه مع  جبهة البوليساريو ومناضليها، والذي يختلق لهم أصولا وهمية انطلاقا من أماكن ولادتهم.
    و للتوضيح فأنا لم أنكر يوما، بل و أعتز بانتمائي إلى منطقة أسا و التي لم أبادر كما ادعيت لا حماسة و لا اقتناعا سياسيا  بربط أسا بمنطقة النزاع بالرغم من أنها إلى جانب مجموعة من المدن المجاورة الواقعة شمال الصحراء الغربية جزء من الحدود التاريخية و الطبيعية للإقليم و التي تشكل الامتداد الديمغرافي و الثقافي و الحضاري للشعب الصحراوي، و صحراويوها معنيون بالمستقبل السياسي لإقليم الصحراء الغربية أسوة بباقي المواطنين الصحراويين.
     و لكن ما أثارني بقوة هو الانتقائية في التعامل مع قرارات الأمم المتحدة التي استعملها كاتب المقال لتعزيز و شرعنة موقف بتر و اقتطاع مدينة أسا بمبرر أنها غير معنية بالنزاع، و لكنه بالمقابل يقر باستناده على مرجعية ما يصدر عن الأمم المتحدة كون إقليم الصحراء الغربية موضع نزاع و يصنف من المنظور الأممي الصرف من الأقاليم التي لم تتمتع  شعوبها  بتقرير المصير  باعتبار قضيتها قضية تصفية الاستعمار.
      3ـ لقد انطلقتم في بناء موقفكم على مرجعية الأمم المتحدة و قراراتها و باستحضار مضامينها، جميل أن أذكركم إذا سمحتم بقرار 34/37 الصادر بتاريخ 5 أغسطس سنة 1979 الذي يصف المغرب كقوة احتلال بالصحراء الغربية ، و من ثمة فالقانون الدولي واضح و بالتحديد اتفاقية جنيف الرابعة الصادرة في 5غشت في المادتين 2 و 4 سنة 1949 ، و التي تؤطر العلاقة بين نظام الاحتلال و الساكنة الخاضعة له على أساس أن تتمتع وجوبا و قانونا بكل الحقوق الأساسية بما فيها حمل الجنسية و التنقل والشغل و السكن و الاستفادة من الثروات الوطنية و الترشح و التصويت والانتماء النقابي والحزبي و غير ذلك من الحقوق الأخرى المنصوص عليها في الاتفاقية الانفة الذكر وكافة المواثيق الدولية .
    و بالتالي فالجنسية و الوثائق الأخرى لا تعكس الانتماء الوطني و القومي لصاحبها أو حاملها فعلى سبيل المثال : فلسطينيو 1948 يحملون الجنسية الإسرائيلية و ممثلون في الكنيست الإسرائيلي، فهل هذا يعني أنهم اسرائليون ؟، هل ساكنة سبتة و مليلية من أصول مغربية والتي تحمل جنسية و وثائق اسبانية في نظرك هم اسبان؟.
 إن معظم النخبة المغربية التي درست إبان حقبة الاستعمار الفرنسي بفرنسا و حملت جنسيته و ووثائقه الإدارية و من ضمنهم مسؤولون حكوميون سابقا وحاليا وبعض قادة الحركة الوطنية المغربية، فهل يعني ذلك أنهم فرنسيون أيضا؟، و هل كل من يحمل جنسية البلد المحتل ووثاتقه الإدارية يتم إنكار حقوقه الأساسية ؟.
     يا سيدي لا ينظر بهذه النظرة التبسيطية والسطحية للأمور، فالمواطنون الصحراويون بالجزء المحتل من الصحراء الغربية و مناطق جنوب المغرب و مخيمات اللاجئين الصحراويين  بجنوب غرب الجزائر وفي مناطق الشتات الأخرى، و الذين يحملون جنسيات مختلفة من ضمنها " مغربية  " و " اسبانية "  و " موريتانية "  و غيرها ، ليسوا بمغاربة و لا  اسبان و لا موريتانيين، بل صحراويو الهوية و الانتماء، و بسبب ذلك الانتماء العضوي الهوياتي يعيشون مشكل اسمه الصحراء الغربية الذي خيضت بسببه الحرب بين جبهة البوليساريو و المملكة المغربية لمدة 16 سنة توجت سنة 1991 بتواجد بعثة الأمم المتحدة لتنظيم الاستفتاء بالصحراء الغربية  MUNRSOالتي جيء بها في إطار تطبيق قرار مجلس الأمن رقم 690 القاضي بإعمال المخطط الأممي الإفريقي  بدءا بوقف إطلاق النار بين الطرفين و وصولا لتحديد من يحق لهم التصويت كناخبين صحراويين و ليسوا مغاربة...

    و بالمحصلة لا بد من التسليم بأن مشكل الصحراء الغربية مشكل ذو أبعاد قانونية وسياسية ودولية وتاريخية، و هي قضية معروفة تعالج ضمن سياق أممي بين و بالتأكيد لا تعيشه جهة الدار البيضاء أو الرباط أو غيرها من جهات المغرب للأسباب السالفة الذكر.
    و جدير بالإشارة على أنني لم أقل يوما بأنني مغربي مقابل أن أتمتع بحقوقي التي يكفلها القانون الدولي خاصة وأن المغرب يعترف في ديباجة دستوره بحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها دوليا و أعتقد أنني توبعت 06 مرات على خلفية ذات القناعة السياسية و لا أحتاج للتذكير أنني حاليا متابع في حالة سراح مؤقت في انتظار صدور حكم قضائي،  فضلا عن تبعات أخرى  نتيجة لدفاعي عن خياراتي التي لم تكن موضع تردد أو ارتباك أو تذبذب.
    إن مطالبتي بحقي المشروع في التعليم الجامعي و الذي اعتبرته " قمة في الانتهازية "، وبالرغم من أنني لا أعرف على ماذا استندت في صياغة تأويلك هذا فانني أجيبك بكوني   لم أخف يوما رأيي السياسي الداعي الى قيام دولة صحراوية مستقلة مع ضرورة استشارة الشعب الصحراوي بشكل ديمقراطي وهو رأي لطالما دافعت عنه جهارا نهارا في المرافعات خلال المحاكمات السابقة و اللقاءات الإعلامية المحلية و الدولية و أثناء الاستنطاقات بحضور الأجهزة الأمنية و المخابراتية المغربية و غيرها ، و لم ألتمس قط عفوا من أحد تعبيرا عن ندم ما أو مراجعة لقناعاتي.
    و هنا، أود أن أحيطك علما ببعض المعطيات أرجو أن تتأكد من صحتها و تضعها في الحسبان ، فإذا كان التعويض المادي والمعنوي و جبر الضرر حقا مشروعا لضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان فانك لن تجد في محفوظات هيئة الإنصاف و المصالحة و لا الهيئة المستقلة لضحايا الاختفاء القسري و التعسفي سابقا، طلبا شخصيا باسمي يرمي إلى التعويض عن سنوات الاعتقال و تداعياته على المستوى الصحي و النفسي و العائلي و لم أقدم ملتمسا لأي إدارة مغربية تذكر أطالب خلاله بإرجاعي للعمل الوظيفي الذي طردت منه منذ سنة 2002 عقب تهجيري القسري إلى مدينة مكناس المنزه بالمغرب.    
     ربما الانتهازية هي التي سلكتها أنت بمحاولتك الركوب على معاناة الشرفاء والمضطهدين ،الذين ترفعوا و سموا على إغراءات المخزن ولازالوا واقفين ثابتين  في زمن السقوط والانهزام وهو موقف يستدعي الاحترام بصرف النظر، هل نتفق أو نختلف معهم لأنهم ببساطة أصحاب نفس طويل ولا تجعل من جراحهم جسرا لتحقيق غاية لم يطاوعك المخزن في الاستجابة لها.
                و ما اقتراحك السيد عبدالله البقالي و إصرارك على التسجيل في " إحدى جامعات الرابوني العظيمة " حسب تعبيرك نكاية وبخطاب لا يخلو من نفحة تحقيرية وازدراء للإنسان الصحراوي ، فذالك الفضاء ( الرابوني بمخيمات اللاجئين الصحراويين  ) استطاع أن يصنع من شعب لاجئ غاطس في القبلية والتخلف والأمية ومغمور إلى شعب متعلم ومنظم وناضج وقادر وتحمل ولايزال  ظروف اللجوء القاسية بمعنويات فولاذية وأدار بكفاءة معركة التحرير الوطنية وعملية البناء وأطر أجيالا تدافع وترافع وتفاوض الآن مع ممثلي الدولة المغربية على قاعدة التناظروالدفاع عن المشروع الوطني الصحراوي  وتكريس شرعيته ومصداقيته  دوليا.
 عكس ما قام به النظام المغربي من طمس لحقائق التاريخ  و عدم الرغبة في تأهيل المواطنين الصحراويين ببناء جامعات ومعاهد من كليميم شمالا الى الداخلة جنوبا  و إقصائهم من متابعة دراستهم في الطيران الحربي والمدني و الطب  وعدم ولوج كل التخصصات الأكاديمية الحساسة و كل ما من شأنه أن يرفع من مستواهم العلمي والمعرفي  على العموم.

          وبمناسبة هذا الحديث و ـ المناسبة شرط كما يقال ـ ،  لابد من أن أحيي كل الديمقراطيين في العالم الذين ساندونا دون أن يتقاطعوا مع أفكارنا أو انتماءنا الثقافي أوالديني أواللغوي أوالإقليمي وكل الشرفاء المغاربة الذين رافعوا وناضلوا ومنهم من أدى ضرائب ثقيلة لاحدود لها دفاعا عن حقنا في التعبير والرأي والوجود انتصارا لمبادئ أممية يؤمنون بها .

          إليهم جميعا تحية عرفان واعتزاز وتحية إجلال وإكبار لرواد هذا المسار وفي طليعتهم أعلام إنسانية استشهدوا يستحقون الذكر ومنهم : سعيدة المنبهي ـ عبداللطيف زروال ـ  جبيهة رحال ـ أمين التهاني ـ مولاي بوبكرالدريدي ـ مصطفى بلهواري ـ عبد الحق شباضة ـ منتصر البربري ـ بن عيسى أيت الجيد  ـ مناصر عبدالله ـ المعطي بوملي  ـ محمد كرينة ـ زبيدة خليفة ـ مصطفى الحمزاوي وأخرون ....
*   سجين الرأي الصحراوي السابق

كاتب المقال Unknown

حول كاتب المقال : قريبا
«
Next
رسالة أحدث
»
Previous
رسالة أقدم
التعليقات
0 التعليقات

ليست هناك تعليقات:

دع تعليقك