المنطقة الاكثر مواردا.. القليلة سكانا، الغنيّة أرضا.. الفقيرة شعبا، ليس واردا ولا منطقيا الحديث عن بطالة أو عطالة، إذ لا معايير موضوعية للتوظيف، ولا اعتبار بالكفاءة ولا بالأهلية، وغاية ما هناك غنائم تتقاسم بين طبقة "البورجوازية " و"الاشباح" بمسميات وظيفية تمويهية، أو بصفقات ومشاريع وهمية، أما الكفاءة العلمية والخبرة العملية والأمانة والمسؤولية فقلما تكون وحدها مرتقى إلى مناصب سامية، أو حتى وظائف لائقة .
يقف المتتبع مندهشا أمام ثنائية الشعب والأرض، بينما يزايله الاستغراب أول وهلة لظاهرة تفشي البطالة واستشرائها، لكثرة دواعي ذلك ودلائله، ومنها :
ـ أن كثيرا من الإدارات والمؤسسات بقيت من حين إنشائها منذ آماد بعيدة حكرا على شخصيات بعينها، حتى ارتبطت مكاتبها ومسمياتها الوظيفية بتلك الشخصيات، فالمدير هو نفسه المدير منذ عقود، والمحاسب هو نفسه، والمستشارون هم أنفسهم، وحتى السكرتيرة أو السكرتير هو هو، فلا مكان ثمت لدماء جديدة قد تربك سير أسطوانة العبث المتآكلة بفعل التقادم والركود .
- أن عشرات الوظائف في عشرات الإدارات الحكومية، ليست سوى رواتب "أعطيات" تصرف آخر الشهر لمحسوبين على نافذين في تلك الإدارات، لا يعرف الواحد منهم من وظيفته إلا راتبها، ولا من إدارته إلا اسم ولي نعمته، ولو أن تلك الوظائف أسندت إلى مستحقيها من ذوي الكفاءة العاطلين "المعطلين" لقاموا بها في تفان وبكل مسؤولية ولتحولت من أعطيات يصرفها من لا يملكون لمن لا يستحقون، هدرا وتلاعبا بالمال العام إلى رواتب مرشّدة مثمرة .
- ازدياد اعداد الموظفين الاشباح في كل الادارات الحكومية في الاقاليم الصحراوية وازدياد الحاجة في المقابل لكل هذه الموارد البشرية بشكل كبير ومستعجل لقضاء مصالح الناس على كل المستويات والمهام ، مع الاشارة ان هناك اطار للمعطلين باقليم طانطان يدعى "اطار تجمع الكرامة للمعطلين " قد قام بسابقة من نوعها وذلك بمراسلة مجموعة الوزارات المعنية قصد طرد الموظفين الاشباح بالاقليم وتعويضهم بفئات عريضة منهم تنتظر اي فرصة لتبرز مجهوداتها وتفانيها في العمل .
4 ـ مع أن أجيالا من الشباب المتسلحين بالخبرات والمعارف، يعرضون خبراتهم ـ باستمرار ـ على الجهات العليا في الدولة، إلا أن الملاحظ في قرارات التوظيف أنها تحرص على التحرز منهم، والدوران في فلك الجهلة وأشباههم، من قدامى سلك الوظيفة العمومية، أو قدامى سلك التبحليس والنفاق، ليس لذلك من تفسير سوى أن القائمين على هاته الاقاليم ، أو ـ على الأقل ـ الجهات المكلفة برسم سياسات التوظيف، تحرص وتتفانى في سبيل أن تبقي الصفقات والسرقات بمنأى عن عيون بريئة، قد لا تتحمل لأول وهلة تلك المشاهد المهولة للتعدي ونهب المال العام، وعن عقول متفتحة اعتادت السؤال والمساءلة عن كل شيء، ومن طبيعتها الأكاديمية تعمّد الإحراج، ولأنّ الأيادي البيضاء النقيّة تُنئ بالملوَّثة المضرّجة.. فليس للمفسدين بمصلحةٍ أن تلوّحا في آن .
Chaoui.mohamed8@gmail.com