» » » رسالة مفتوحة للمؤتمر السابع لاتحاد العام لعمال الساقية الحمراء ووادي الذهب مؤتمر الشهيد سعيد دمبر


رسالة مفتوحة للمؤتمر السابع لاتحاد العام لعمال الساقية الحمراء ووادي الذهب 
مؤتمر الشهيد سعيد دمبر  
 المصطفى عبدالدائم


تغمرني مشاعر خاصة كلما وجدتني أمام مثل هذه المحطات التاريخية لتقييم الفعل النضالي , أنا الذي نادرا ما أغادر هذه الذات المتلفعة بدفء الكلمات الودودة المتقدة المتوثبة . ولا أنتقل إلى مثل  مؤتمركم إلا إذا أحست هذه الذات  بغبطة العلاقات الإنسانية القادرة على جعل محطتكم فضاء للإنصات الهادئ والجميل لبعضنا البعض وبذل مجهود جبار من اجل إنتاج الأفكار السديدة بخصوص مصيرنا في سياق التحولات والابدالات الثقافية والمجتمعية الجديدة .
 إن مؤتمركم وكل مؤتمراتنا  ليست بالضرورة محطات للمناورة والحسابات السياسية والتنظيمية المعتمة، بل مراجعة عميقة  لموقعنا من التحولات الثقافية والمجتمعية والفكرية الحديثة· وإذا كانت بلدان وتجارب أخرى تتأسس فيها الاتحادات  لتوحد الاختلافات وتقريب  الفر وقات فان ميلاد الاتحادات لدينا في واقع اللجوء شكل إطارا حيويا لإنضاج الذات وتقوية أدوات الفعل الخلاق وتوفير شروط ممارسة  ديمقراطية تسهم في استنبات آليات كفيلة بتيسير التداول على أرضية الشرعية والكفاءة والقدرة المتجددة على العطاء.
وهنا كان بالإمكان أن أستعيد ـ لا على سبيل التذكر وإنما كمن يبحث عن جذوره ـ حشدا ممن عبدوا الطريق ورسموا الآفاق وحددوا بدقة الأهداف .. أولئك الذين بفضلهم أستند في هذه الرسالة المفتوحة إلى مؤتمركم على رصيدهم التاريخي والرمزي , إن انطلاقة الفعل النضالي الذي مهد به الطريق الزعيم التاريخي محمد سيد إبراهيم بصيري , واستكمال الفعل النضالي بوضع مشروع تحرري وطني أفقه البين قيام دولة صحراوية مستقلة كاملة السيادة على وطنها وعاصمته العيون, هذا المشروع الذي قاده عريس الشهداء الولي مصطفى السيد من خلال الأداة الثورية الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب الممثل الشرعي والوحيد للشعب الصحراوي . هذه الأسس القوية وسندها النظري مكنت من نشر الإيمان  في صفوف كل الجماهير الصحراوية و منذ البداية بجدلية الاستمرارية والتجديد ولم تتصرف مطلقا ومهما كانت الظروف  كابن عاق مقطوع الصلة بالجذور مندفع بشهية مفتوحة نحو " قتل الأب" وعصيان التاريخ . بل على العكس تماما
آمنت أن الحاضر امتداد للماضي وتغلل في المستقبل , وبمثل هذا الإيمان يجب الذهاب إلى هذه المحطات النضالية وجعلها فرصة تاريخية لإكساب الذات  مناعة أكبر تحول دون تسيُّب الأمزجة والإرادات الشخصية وأن الحقيقة نصنعها جماعيا ولا نمتلكها بالمفرد .
لكني آمنت أيضا ومن رحم التجارب أن الركون إلى  الرصيد التاريخي وحده وان كان مفيدا فانه لابد أن يزاوج بالوعي بقدرات  الذات على الأداء والعطاء والتجدد .
وان سيرورة العمل النضالي في إطاره السياسي والثقافي لابد  له من معرفة كيف نتحرر ونحرر اتحاداتنا من التوترات ومعضلات التواصل، ومن بعض أنواع اليقين التي اكتشفنا أنها خارج سياقها أو لم تعد في موضعها ومنها أن الإنصات للذاكرة لا يجب أن يكون اهتماما منصبا على الماضي , بل يجب أن يكون وبالضرورة تبصر وتفكر في المستقبل وإشراك للجميع تحت طائلة الوحدة الوطنية التي تستوجب الآن تدقيقا في التعريف يقطع مع استغلالها اللفظي ويؤكد أنها اتحاد حول المبادئ الفكرية لثورة العشرين ماي الخالدة من أجل تحرير الوطن الصحراوي وقيام الدولة الصحراوية المستقلة الديمقراطية والعصرية التي يحظى فيها الجميع بتكافؤ الفرص على قاعدة الكفاءة والاستحقاق .
 
لا أريد هنا أن أجازف ولكن واجبي اتجاه المستقبل يلزمني بالقول أنه لا وجود لثورة محافظة كما أنه لا وجود لتجربة نضالية سليمة وطاهرة ولذا، فإننا إن لم نتوجه نحوها بالنقد ستظل تحجب الرؤية والتمثل الجيد لمعطيات الواقع وتحولات المجتمع .
ولا أريد أيضا أن أكون صادما و أ زعم أنه كان بإمكاننا دائما - لو فكرنا ثقافيا وبعمق -أن نثبت أن مسار تجربتنا النضالية كان يمكن أن يكون على غير ما كان عليه.
 ولأننا لا نستطيع اليوم إعادة صوغ تجربتنا التاريخية من جديد، فهل بإمكاننا أن نعيد قراءة هذه التجربة قراءة نقدية ؟
لقد آن الأوان لان نمتلك جرأة المراجعة والمكاشفة ووضوح الموقف وإنزال العقاب بمن منا تحت ذرائع الجهل (والانتماء إلى التراب ) والميدانية الفجة يتخطى الخطوط الحمراء ومازال يؤمن بأن الشتائم يمكن أن تكون وجهة نظر.
وفي هذا السياق، فاني لا أخاطب الجانب النقابي في  الاتحاد  العام للعمال، بل أخاطب- ومن موقعي كمهتم بالثقافة ومهموم إن أردنا التدقيق بالكتابة- الإطار الوطني الذي يجر وراءه تركة التاريخ ويتفاعل مع التحولات التي تصنع المستقبل والذي  عليه يقع واجب الالتزام بالمواقف السياسية والثقافية المنسجمة مع التاريخ الجماعي للشعب الصحراوي  ومع المبادئ الكبرى لثورته الخالدة ضد الاحتلال وتوقه المشروع ولأول مرة في تاريخه للحرية والانعتاق ، مع مراعاة المتغيرات الجديدة التي مست مجتمعنا ثقافيا وفكريا و فتحته أيضا على آفاق غير مسبوقة في العمل السياسي.
إننا لا ننطلق في تصورنا من نظرة سوداوية لان ذلك يناقض طبيعة المناضل المتفائلة على الدوام فالأصل في النضال تحقيق سعادة الإنسان . لكننا في نفس الوقت نشدد على كون التاريخ ملك جماعي ولا وجود  لامتيازات أو فوارق  لصالح أفراد أو جماعات كما أننا لسنا نتيجة نموذج نظري غير محدد أو منغلق، وهذا مبعث  حرصنا على المبدأ المتمثل في البعد الايجابي النقدي للثقافة ولأدوار المثقفين في التاريخ . لأننا تعلمنا من
     التاريخ أن التخلي عن الروح النقدية يولد ثقافة التسويغ والتبرير، ويوظف المنتوج الثقافي الرمزي لخدمة مصالح        ظرفية لا تصمد أمام امتحانات التاريخ . 
                                           المصطفى عبدالدائم 

كاتب المقال Unknown

حول كاتب المقال : قريبا
«
Next
رسالة أحدث
»
Previous
رسالة أقدم
التعليقات
0 التعليقات

ليست هناك تعليقات:

دع تعليقك