رغم إختلافي الإيديولوجي الكبير مع أطروحة جبهة البوليساريو إلا أنني آثرت اليوم الحديث عن حدث دخل التاريخ من آوسع أبوابه.
نحتفل هذه الآيام نحن الصحراويين بكل كبرياء وشموخ بالذكرى الثانية لبناء أول خيمة بمخيم أكديم إيزيك يوم 10 أكتوبر 2010.
ففي مثل هذه الأيام سطر الصحراويون ملحمة زاخرة بالمعاني النبيلة التي أبانت عن قدرة الصحراويين على التنظيم الرزين والمحكم لأدق تفاصيل شؤونهم و فندوا بالتالي فكرة لطالما سعى الخصوم لترويجها كون الصحراويين " ناس مكلخين وما كيعرفو النظام"...فقد رأينا كيف تم تشكيل لجان شعبية متعددة،فنجد لجان النظافة ثم لجان الأمن والنظام،ثم متطوعين لحفظ الصحة داخل المخيم...فبالله عليكم من يقدر على ضبط كل هذه الأمور داخل مخيم من فئة 15000 صحراوي داخل أزيد من 2000 خيمة بدون أن يخضع لأي تكوين أكاديمي أو عملي؟ نعم الصحراويون فعلوا ذلك...
رأينا أيظا كيف أصبحت الخيمة تشكل بعبعا وكابوسا يدق مضجع المغاربة ككل.. بعد أن كانت الخيمة رمزا من رموز الإنسان الصحراوي ورمزا لقساوة العيش والعزلة وسط الصحراء داخل "لفريك".فمباشرة بعد تفكيك مخيم أكديم إيزيك أصدرت السلطات قرارا بمنع نصب أي خيمة تحت أي ظرف،فطال المنع بنائها في الشواطئ الصحراوية وحتى أسطح المنازل.. فإذا كان عندك حفل زفاف أو "أسم" فإن المنع سيشملك أيظا وما عليك إلا إكتراء قاعات جاهزة تشبه الخيام بشكل كبير لكنها ليست من الطينة التي ترعب المغاربة..لأن الخيام التي تخيف السلطات هي تلك المصنوعة من " الشراويط ".
وفي هذه الذكرى ننحني تبجيلا للرجال والسيدات الذين بصموا على هذه الملحمة وتحدوا مجمل الصعاب من أجل صون الكرامة وهذا بمساعدة أشخاص يتمتعون ببعد النظر وفي مقدمتهم فئة الشباب .
لقد كان رد فعل السلطات تجسيدا لخوف النظام من الشعب. وكان
الكثيرون قد تقبلوا الخوف ولكن الحرية بقيت منتصرة في النهاية.
إن العنف الذي تمارسه أي سلطة لا يمكنه أن يصمد على المدى
الطويل أمام سعي الكثيرين نحو الحرية. وهذا يسري على كل
منطقة تنشد فيها الحرية والديمقراطية وحقوق المواطنة طريقها.
أسترجع تفاصيل هذه الذكرى الخالدة وأنا أتمعن في صدق الشاعر الموريتاني الكبير أحمدو ولد محمد عبد القادر عندما قال: