كتب: مولاي محمد اسماعيلي
الصديق العزيز رشيد نيني أسعد الله أوقاتك بكل خير ومحبة، ولو أن أيام السجن لا تعرف للسعادة معنى خاصة عندما يتم الزج بك في السجن بتهم واهية أثبت الزمن أن الحق كل الحق معك وليس مع الآخرين، وأن غالبية الملفات التي كتبت عنها في عمودك الجماهيري كنت مصيبا فيها، لقد أكد المجلس الأعلى للحسابات الإختلالات التي أشرت إليها في عدد كبير من المؤسسات العمومية وشبه العمومية، وأصبح جليا لكل المغاربة أن الفساد مستشر في هذه البلاد، وان أولوية الأولويات هي كشف المفسدين ومحاكمتهم، واسترجاع المال العام المنهوب الذي تحتاجه خزينة الدولة بشكل ملح في هذه الأيام.
عزيزي رشيد
لا أدري كيف مرت عليك أيام السجن طيلة سنة كاملة في زنزانة حرمت فيها حتى من قلم الكتابة والورق، الأكيد أنها بئيسة وحرمتك من اللقاء بقرائك الأوفياء الذين بقوا على العهد وتوجوا جريدة المساء كأول جريدة في المغرب للسنة الخامسة على التوالي، رغم أن شوف تشوف توشح بالسواد منذ أول يوم من اعتقالك وإيداعك السجن، كان ذلك اليوم حزينا ونحن نرى معاشر القراء غياب أشهر كاتب عمود في المغرب وأكثر كتاب هذا البلد متابعة وإثارة للجدل، لم نكن نعتقد انك ستغيب عنا كل هذه المدة، ولكن جرت رياحهم بما لا تشتهيه سفننا، شيء واحد أنا متأكد منه عزيزي رشيد، هو أن أيام الزنزانة لن تزيدك إلا إصرارا على البقاء في وعدك لقرائك بالعمل على كشف المفسدين وناهبي المال العام، وأيضا بالاعتراف لكل من قدم جميلا وصنيعا لهذا الوطن.
صديقي رشيد
لقد حركت مياها راكدة كثيرة بمقالاتك المتميزة، وجعلتنا ننتقل من دار غافلون إلى دار عالمون، حيث تعرفنا على عدد كبير من سراقنا الذين كانوا أوفياء في سرقة هذا الوطن، وأوفياء لتضخيم أرصدتهم البنكية، وهاهم بعض من كشفت عن ملفاتهم يساقون إلى المحاكم ويعانقون الزنازين قبل أن تعانق أنت الحرية، فثبت للجميع أن رشيد كان على حق وان كل ما كان يكتبه لم يكن من محض الخيال، ولا من قبيل تصفية حسابات وخدمة لجهات معينة ضد أخرى، لقد أثبتت أنك تعمل لصالح جهة واحدة هي الوطن، نعم الوطن الذي يعرف كل الناس انك تحبه أيما يكون الحب، وتعمل ليل نهار من اجل المساهمة في إصلاح اختلالاته، والمساهمة في تطويره والدفع به إلى الأمام، واضعا نصب عينيك مقدساته التي يعزها كل المغاربة والتي لا يتناطح فيها عنزان.
عزيزي رشيد
إننا والله مشتاقون إليك أيما يكون الإشتياق، اشتقنا لذلك النفس العظيم من الأنفة المغربية التي تبحث عنها وتذوذ عنها في كل مقالاتك الفذة، قلدك الكثيرون في ذلك، ولكن لم يجد احدهم إيصال الصورة كما تجيدها أنت، لذلك ننتظر بشغف أول مقال ستكتبه بعد معانقتك للحرية، بعد سنة من السجن والحرمان حتى من أبسط الحقوق التي لا يحرم منها أي من السجناء مهما كانت درجة قساوة جريمتهم أو فظاعتها، ولكن عزاؤنا في ذلك أنك ستعود إلينا وتتحفنا كما عهدنا فيك ذلك.
صديقي رشيد
لقد حدثت في غيابك الاضطراري أشياء كثيرة في المغرب أنت على علم بها طبعا، دستور جديد وحكومة جديدة، وأشياء أخرى كثيرة، الكثيرون داخل الوطن وخارجه يقولون أننا قطعنا شوطا كبيرا من اجل الوصول إلى الديمقراطية الحقيقية التي تنشدها جميع الشعوب العربية من المحيط إلى الخليج، نعم سنكون بلدا ديمقراطيا عندما تخرج صديقي رشيد وتعود للكتابة دون أي قيد أو شرط، ودون خوف من حرماننا منك والزج بك من جديد في السجن، نعم سنكون كذلك عندما تفتح الجهات المختصة تحقيقا مع كل الذين كتبت عنهم مبرزا للشعب المغربي اختلاساتهم للمال العام، فإما أن يبرؤوا هم وتعود أنت إلى السجن، ولكن هذه المرة بجريرة أنت مرتكبها حقا، وإما أن يزج بناهبي البلاد في السجون ويعاد لك الاعتبار أنت وجميع الأقلام الشريفة في هذه المملكة السعيدة.
عزيزي رشيد
سننتظرك عند متم اليوم 365، حينما يقف العداد معلنا نهاية معاناة أشهر صحفي في المغرب المعاصر، وحينها سيعلن صاحب عمود شوف تشوف نهاية الحداد وعودته إلى جمهوره، نتمناها عودة دائمة بلا انقطاع مهما كانت الأسباب، لان المغرب يتسع فعلا لجميع أبنائه، وهو في حاجة ماسة إليهم من اجل أن يبنوا جميعا غدا أفضل لهذه الأمة العظيمة.