أسا بريس :سواخ ابراهيم:طالب بالمعهد الملكي لتكوين أطر الشبيبة و
الرياضة(السنة الثالثة)
الموسم
الديني و التجاري لزاوية آسا، في ما لا شك فيه هو ذلك الحدث التاريخي الذي تبرز
فيه رمزية و قيمة ووزن قبيلة أيتوسى بين مختلف أطياف المجتمع الصحراوي، وما يحتضن هذا
الموسم من طقوس و عادات و تقاليد تنوعت رمزيتها ولو أنها في بعض الأحيان تأخذ منحى
ميتافيزيقيا و أسطوري، لكنها لا تخرج عن دائرة التعبير الحقيقي عن عمق الهوية
البدائية الصحراوية. فهذا الموروث الثقافي و الديني الذي أسسه الأجداد و الذي شكل
بوابة لرواج اقتصادي وتجاري في أشد ظروف البداوة ،و بعداً علائقياً بين مكون قبيلة
أيتوسى و المكونات القبلية الأخرى، لتتجاوز في بعض الأحيان هذه العلاقات حدود
الإنسان الأيتوسي لتحتضن في مجالها الترابي القوافل الزائرة من مختلف بقاع
المعمور، هذه الأخيرة تأتي لخلفية تجارية بالأساس و البعض الآخر ربما لم يقوده إلى
هناك سوى رمزية الموسم ،لما يتميز به من تمظهرات مميزة يبدعها أبناء القبيلة ،فإذا
كان إستحضار التاريخ مسألة مؤكدة لأنه على الأقل برهان و تأكيد لما كان سائداً في
ذاكرة القبيلة، فالسؤال المطروح؟
كيفية ترجمة هذا الأثر التاريخي في حاضرنا في ظل مجموعة من المتغيرات؟على ٱعتبار
أن الموسم الديني و التجاري و التقافي لزاوية آسا يحضى بأهمية و رمزية تبرز فيها
التمة الكارزماتية التاريخية لهذا المكون٠
فالإجابة
على هذا الإشكال يستدعي بناء تشخيص و تحليل يستمد قوته و شرعيته من مقاربة نقدية
بالأساس لهذا الحدت و التشوهات التي مسته وهو ما لامسناه في كم من مرة و نحن
نتأمل في واقعنا الذي أصبح يخرج عن إطاره الحيقي، وإن الإجابة على هذا الإشكال ،والذي
يعد تعبيراً عن حس مشترك للعديد من الغيورين على الذاكرة و الموروت ،لابد من
التفكير بين المزج بين ماهو تقليدي و ماهو حداتي، متأكدين أن أجوبتنا ستضل في خانة
ضيقة لا تتسع فقط لإبداء أحكام معينة وفرضيات قد تبدو للبعض مخمورة و توجيهات لن
ترقى في إعتقادي إلى حلحلتها و الإيمان بصحتها و ترجتمها على أرض الواقع، فالخطاب
يبقى سوى خطاب ما دام لم يحضى بالشرعية أو آلأهلية التي نسارع من أجل القبضة بها،
لعلنا نشفي مآسينا أو على الأقل لن نلبس جلباباً حتى نعي ما قيمة هذا الجلباب في
حمايتنا في ليالي البرد أو التخلي عنه في فصل الصيف، ولن نرفع يافطة حتى نكون
مؤمينين و مقتنعين بصحة ما هو مكتوب عليها٬ عموماً من يعيش على أنقاض التاريخ
ويحاول فقط إسترجاع التاريخ كما هو بكل تجلياته و تمظهراته فأقل مايمكن الحكم عليه
''هو أنه رجعي و منتزع لصلاحية و طبيعة إشتغال ذلك الفوتوغرافي الذي يتجول في
الشوارع الكبرى ويحضر في المناسبات الإحتفالية لإلتقاط الصور حتى تبقى أثراً تاريخيا لذلك
الحدت الذي إنتهى بمجرد إلتقاط تلك الصور ''، كما يمكن القول لأصحاب هذا التوجه
إنهم تقليديين ولم يعو بعد أننا اليوم نعيش في ضيافة الحداثة و التقدم و التطور
الفكري و السلوكي بل و حتى على مستوى التقافة وما تشمله هذه الأخيرة من مكونات
تجسد هوية ذلك المكون البشري أو ذاك، ولكن أليس إستحضار تاريخ موسم زاوية آسا
بعاداته و طقوسه و أعرافه التقليدية البسيطة كماهي تجسيد للوفاء بالأجداد؟ وقد
يدهب البعض إلى أن تغيير ملامح هذا الموروت الديني و التقافي '' ماهو إلا تكريس
لتبعية التقافية و بوادر للإنسلاخ التقافي و القيمي و ما إحدات تغيرات لطبيعة
الموسم و إرفاقه ببعض الأنشطة الموازية ماهي إلا آليات لإبادة الهوية و الخصوصية
التاريخية للقبيلة أيتوسى أولاً وللمجتمع الصحراوي بشكل عام''٠لكون القبيلة ماهي
إلا إمتداد تاريخي و جغرافي للنسيج القبلي الصحراوي ككل٠
كلها
أراء و خطابات تنضج بمجرد ظهور الإرهاصات الأولى لتخليد ذكرى الموسم و تذوب بعد
إنتهائه، لكن لا يمكن الجزم بأننا تقليديين أو رجعيين أو دوغمائيين في أفكارنا و
توجهاتنا ليأتي أهل المنطقة و الزوار ليعبرو عن أساطيرهم التي لا تفارق مخيلتهم
ويطلبو'' التسليم '' من الزاوية و يستنجدون بها لرحمة و غفران الذنوب، ولا يمكن
أيضا السير في إتجاه التقدمية العمياء ونقول '' لداودية وغيرها٠٠٠'' مرحباً بك في
حاظرة آسا على شرف تخليد الموسم الديني و التجاري و التقافي لآسا، بل يجب التفكير
في إعطاء أجوبة '' معقولة و جريئة '' في ظل جدلية الخصوصية التاريخية و الهيمنة
التقافية؟ أي من المنطق أن نسلم بأن نقل التاريخ كماهو لا يمكن تحقيقه في الحاظر ،
وإن الدفاع على كون المجتمع الصحراوي هو مجتمع محافظ راكم هذه السمة من البداوة
التي لم تكن تحظى بمؤشرات المدينة و الحضارة و التقافة ، فإنه اليوم خاضع لهيمنة
تقافية و كذلك فكرية أكثر مما مضى و التي إخترقت حتى شبكة الأسرة الصحراوية
المتراصة و الممتماسكة لتنتقل الأسرة الصحراوية من'' الأسرة الممتدة إلى الأسرة
النووية''، فإذا كانت هذه الجدلية حقيقة موضوعية كيف سوف تدبر؟ و ماهي آلياتها؟
ومن سيحمل على عاتقه فك ألغاز هذه المعادلة الصعبة؟ وماهي سماته و مقوماته
الفكرية؟ و هل هناك فعلاً وعي بهذه الإشكالية؟ التي أصبحت تعيشها مختلف المجتمعات
و الشعوب التي كانت رمزاً للدفاع عن الخصوصية وهاهي اليوم تعيش إنسلاخاً سافراً
لمقومات الهوية لأن مايتحكم في سياسة أمورها تحالف مع البنيات الفوقية لإبادة
شعوبها، بدل إعطاء حلولاً إجرائية لحفظ الذاكرة في إطار التبادل و الإنفتاح
التقافي مع الإبقاء على مايعطيها قوة و جودها داخل مختلف المجتمعات الأخرى
بحكم
إنتمائنا إلى هذا المجال و إلى هذه الهوية الصحراوية التي نفتخر بها والتي ندافع عنها
في مواجهة أصحاب العقول القاصرة والمذاهب الشوفينية ، حاولنا إيجاد مجموعة من
المخارج لهذه الإشكالية ، التي تأسست مداخيلها من مقاربة تشخيصية لواقع الموسم
الديني و التجاري و التقافي السنة الفارطة؛ فالمتتبع لما جرى من تمظهرات في هذا
الحدت لن يقف عن إصدار الأحكام فيما و قع من تجليات واضحة لإبادة خصوصية القبيلة
بشكل خاص و المجتمع الصحراوي بشكل عام، فقد ظهرت مايسمى پ '' الكرنفلات و السهرات
و كمبانة و...'' للإحتفال بهذا الموسمالتقافي و الديني، فقد يمكن أن نغض
الطرف على هذه التمظهرات لأن هناك من يحبدها ومن الواجب الأخلاقي أن نحترم هذه
الأراء و الإمتتال إليها في ظل غياب تحليل للسياق الذي من خلاله وجدت هذه
الإحتفالات و السهرات على آختلاف تلاوينها، لذلك سنحاول إعطاء مقاربة تحليلية لهذه
السلوكات الدخيلة حتى نحاول في الأخير إعطاء جواب معتدل يجمع بين الحفاظ على الخصوصية
التاريخية والإنفتاح.
الحديت
عن مجتمع مثل المجتمع الصحراوي فهو مصنف ضمن المجتمعات البدائية التي لم تحتضن
بوادر التمدن و الإرهاصات الأولى للتمدن إلى في السنوات الأخيرة لكن سمات الإنعتاق
كانت تولدت لهذا الأخير ولو أنه لم يتقف نفسه بعد في مجابهته للإجتياحات
المتتالية، وإن هذا الحس لم يتوقف بل شكل إمتداداً ينضج يوما بعد يوم في ضل الوضع
الإجتماعي و الإقتصادي و الإجتماعي الذي شكل إفرازاً لهذه النزعة التحررية ، لذلك
تعددت آليات المجابهة و الصراع مع القوى الفوقية لإجهاض هذا الفكر ، ولعل سياسة
التخدير المستمرة بمثل هذه السهرات و غيرها هي تأكيد لبلوغ هذه القوى الفوقية
أهدافها في إجهاض هذا الحس و سعياً منها لطمس خصوصية هذا المكون الصحراوي الأعزل
الذي يحضى بمميزات جعلته مميزاً عن غيره من عادات و تقاليد و طقوس و أعراف،لأن
طمسها في حقيقة الأمر طمس للوجود، ونحن نستحضر مايقوم به الشيعيين عند تخليدهم
لأحد مواسمهم الإحتفالية و لو أننا نختلف معهم جدرياً فإنهم يسارعون في تعذيب
ذواتهم ليقولو للعالم أن هناك أقلية في هذا الوجود و مامدى إرتباطهم الوثيق
بهويتهم التي هي أساس وجودهم٠
هل
أبناء آسا اليوم في حاجة اليوم إلى هذه المسلكيات العمياء التي ينظر أصحابها إلى
واقع أبناء المنطقة بنظرات سوداء إلى الواقع الإقتصادي و الإجتماعي المزري
للمنطقة، فالميزانيات و الوجبات التي تصرف على هذه الإحتفالات قد تغطي على الأقل
أقلية من حاجيات الفقراء الذين يتخبطون في ظلمات الويلات و المعاناة،كيف لنا أن
نحتضن هذه المخططات التي من شأنها في واقع الأمر أن توزع ميزانيتها بشكل عادل على
المحرومين و الفقراء ، أم أن الكعكة كما يقال لا تخرج عن حدود الوطن الإنتهازي و
البرجوازي ورجال المال و السلطة السياسية ألم يحن الوقت لتستحي هذه العقليات و
تعبر عن معاناة الفقراء و المساكين، و تنتضر فرض '' كالموسم الديني و التجاري و
التقافي ''كأرضية خصبة لنهب حقوق المضظهدين ،فهذه حقيقة و ليس حكماً مسبق بل وإن
التعبير و إستشراف الأمل لا بد أن يخضع لمقاربة نقدية صريحة ،و إن الإختفاء وراء
الستار للحديت يبقى دون جدوى و إنما من باب التشخيص و التشريح لواقع المنطقة لا بد
من إستحضار '' الموضوعية'' في إبداء الأراء ولو نهجنا هذا النهج
لبلغنا أشواطا متقدمة من التغيير المنشود ، عموماً فإن بوز هذه السمات
الدخيلة على موسم آسا فقد أشرنا إلى خلفياتها الأساسية ليبقى إعطاء جواب لهذه
الإشكالية التي طرحناها فيما قبل ، فالإنفتاح على التقافات الأخرى أصبحت مسألة
مؤكدة و إن نهب حقوق الفقراء و المساكين أصبحت هي الأخرى قاعدة كونية، لكن كيف سوف
تدبر هذه الأزمة في آرتباطها بالموسم ؟
نحن
حداتيين و تقدميين لكن هذا لا يعني التخلي عن كل كبيرة و صغيرة للموسم من طقوس و
عادات و أعراف تعبر عن عمق الترات المادي و اللامادي للقبيلة، بل يجب أن يتعزز
بماهو سياسي لمعالجة الإشكاليات السياسية للقبيلة في المرحلة الراهنة بمعية
القبائل الصحراوية الأخرى و ما تفرضه من وقفة تأملية لرسم الأفق في ضل المتغيرات
المحلية و الدولية ، أما فيما يخص الأنشطة المرافقة للموسم سواء ذات الطابع
الرياضي أو الترفيهي أو الإحتفالي ، فلا يمكن قمع حرية الأفراد الساهرين عليها و
اللذين يقبلون عليها ولو أن هذه الأخيرة كما أشرنا سلفاً لها أتاراً سلبية على
الهوية المحلية وكذلك لكونها نافدة لتكديس الأموال على حساب الضعفاء و المضظهدين
دون أن ننسى كذلك أنها تفرغ من سياقه الحقيقي لتكون هذه الأنشطة هي الواجهة رغم أن
واقع الأمر الموسم الديني و التجاري و التقافي هو الواجهة التي يجب أن يتجند لها
أبناء القبيلة على ٱختلاف مشاربهم ،ولكن هذا لا يعني أن تقام هذه الأنشطة في سياق
آخر غير سياق الموسم مع النظر إلى طبيعة هذه الأنشطة آلتي نسعى من خلالها أن تعطي
قيمة مضافة للإقليم و ليس إحتضانها مبني على خلفيات سياسية تصفوية لعقليات المنطقة
و إمتداد لنهب أموال الفقراء٠ .
عموما فإن إبداء متل هذه
الأراءلا نود منها إلا أن تكون بداية لبلورة نظرة تصحيحية جريئة لواقع القبيلة
أولا وواقع المكون الصحراوي ككل ثانيا ، من خلال وقفة تأملية ينخرط فيها
''المتقڤ'' بمفهومه العضوي و التحرري من مآسي الواقع و يحاول بناء تشخيص موضوعي من
خلال تبني توجه نظري جريء لا يراعي فيه ذاتيه و يحاول إسقاطه على الواقع، بدل
إجترار الكلام و الخطب لأن المتقف التقليدي حسب غرامشي لا يخرج قط عن دائرة إجترار
الحديت و لا يؤتر و لا يتأتر بمتغيرات الزمان و المكان، وهو مالاتحتاجه قبيلة
أيتوسى و المجتمع الصحراوي ككل، بل نحن في حاجة إلى دافعية تقافية و سياسية قوية
لإنقاد ما يمكن إنقاده متجاوزين الأحكام الجاهزة و الخلافات الضيقة التي شكلت
الهوة التنظير و إسقاط الأفكار على الواقع ، لأن الصراع هو صراع أزلي ومحتوم ضد
قوى فوقية متعددة تارة خفية و تارة ظاهرة و كذلك متعددة التاكتيكات و الأوجه
للوصول إلى أهدافها النهائية، لذلك نطمح إلى خلق صورة نوعية للموسم الديني و
التجاري و التقافي لقبيلة أيتوسى في إستحضار طقوسه التاريخية وفتح نقاشات جريئة
تنسجم مع المرحلة الراهنة وإن خلق أنشطة من شأنها أن تشوش على السير العام لهذا
الموروت الذي بصم تاريخ القبيلة يجب إبعادها حتى تؤطر في سياقها الخاص دون أن تلغف
بخلفيات سياسوية و مافيوية ٠٠٠، فإن أيسر مدخل إلى روح أي مجتمع هو مجموع شعارات
ذلك المجتمع، لذلك علينا أن نؤسس على هذه الشعارات مداخيل لمخارج موضوعية تعبر عن
عمق إحتياجات القبيلة و المنطقة الصحراوية بشكل عام حتى لا نكون شوفينيين وحتى
كذلك نؤسس مشروع متكامل يضم مختلف طموحات وانتظارات القبائل الصحراوية ككل.
أسا بريس :سواخ ابراهيم:طالب بالمعهد الملكي لتكوين أطر الشبيبة و
الرياضة(السنة الثالثة)
الموسم
الديني و التجاري لزاوية آسا، في ما لا شك فيه هو ذلك الحدث التاريخي الذي تبرز
فيه رمزية و قيمة ووزن قبيلة أيتوسى بين مختلف أطياف المجتمع الصحراوي، وما يحتضن هذا
الموسم من طقوس و عادات و تقاليد تنوعت رمزيتها ولو أنها في بعض الأحيان تأخذ منحى
ميتافيزيقيا و أسطوري، لكنها لا تخرج عن دائرة التعبير الحقيقي عن عمق الهوية
البدائية الصحراوية. فهذا الموروث الثقافي و الديني الذي أسسه الأجداد و الذي شكل
بوابة لرواج اقتصادي وتجاري في أشد ظروف البداوة ،و بعداً علائقياً بين مكون قبيلة
أيتوسى و المكونات القبلية الأخرى، لتتجاوز في بعض الأحيان هذه العلاقات حدود
الإنسان الأيتوسي لتحتضن في مجالها الترابي القوافل الزائرة من مختلف بقاع
المعمور، هذه الأخيرة تأتي لخلفية تجارية بالأساس و البعض الآخر ربما لم يقوده إلى
هناك سوى رمزية الموسم ،لما يتميز به من تمظهرات مميزة يبدعها أبناء القبيلة ،فإذا
كان إستحضار التاريخ مسألة مؤكدة لأنه على الأقل برهان و تأكيد لما كان سائداً في
ذاكرة القبيلة، فالسؤال المطروح؟
كيفية ترجمة هذا الأثر التاريخي في حاضرنا في ظل مجموعة من المتغيرات؟على ٱعتبار
أن الموسم الديني و التجاري و التقافي لزاوية آسا يحضى بأهمية و رمزية تبرز فيها
التمة الكارزماتية التاريخية لهذا المكون٠
فالإجابة
على هذا الإشكال يستدعي بناء تشخيص و تحليل يستمد قوته و شرعيته من مقاربة نقدية
بالأساس لهذا الحدت و التشوهات التي مسته وهو ما لامسناه في كم من مرة و نحن
نتأمل في واقعنا الذي أصبح يخرج عن إطاره الحيقي، وإن الإجابة على هذا الإشكال ،والذي
يعد تعبيراً عن حس مشترك للعديد من الغيورين على الذاكرة و الموروت ،لابد من
التفكير بين المزج بين ماهو تقليدي و ماهو حداتي، متأكدين أن أجوبتنا ستضل في خانة
ضيقة لا تتسع فقط لإبداء أحكام معينة وفرضيات قد تبدو للبعض مخمورة و توجيهات لن
ترقى في إعتقادي إلى حلحلتها و الإيمان بصحتها و ترجتمها على أرض الواقع، فالخطاب
يبقى سوى خطاب ما دام لم يحضى بالشرعية أو آلأهلية التي نسارع من أجل القبضة بها،
لعلنا نشفي مآسينا أو على الأقل لن نلبس جلباباً حتى نعي ما قيمة هذا الجلباب في
حمايتنا في ليالي البرد أو التخلي عنه في فصل الصيف، ولن نرفع يافطة حتى نكون
مؤمينين و مقتنعين بصحة ما هو مكتوب عليها٬ عموماً من يعيش على أنقاض التاريخ
ويحاول فقط إسترجاع التاريخ كما هو بكل تجلياته و تمظهراته فأقل مايمكن الحكم عليه
''هو أنه رجعي و منتزع لصلاحية و طبيعة إشتغال ذلك الفوتوغرافي الذي يتجول في
الشوارع الكبرى ويحضر في المناسبات الإحتفالية لإلتقاط الصور حتى تبقى أثراً تاريخيا لذلك
الحدت الذي إنتهى بمجرد إلتقاط تلك الصور ''، كما يمكن القول لأصحاب هذا التوجه
إنهم تقليديين ولم يعو بعد أننا اليوم نعيش في ضيافة الحداثة و التقدم و التطور
الفكري و السلوكي بل و حتى على مستوى التقافة وما تشمله هذه الأخيرة من مكونات
تجسد هوية ذلك المكون البشري أو ذاك، ولكن أليس إستحضار تاريخ موسم زاوية آسا
بعاداته و طقوسه و أعرافه التقليدية البسيطة كماهي تجسيد للوفاء بالأجداد؟ وقد
يدهب البعض إلى أن تغيير ملامح هذا الموروت الديني و التقافي '' ماهو إلا تكريس
لتبعية التقافية و بوادر للإنسلاخ التقافي و القيمي و ما إحدات تغيرات لطبيعة
الموسم و إرفاقه ببعض الأنشطة الموازية ماهي إلا آليات لإبادة الهوية و الخصوصية
التاريخية للقبيلة أيتوسى أولاً وللمجتمع الصحراوي بشكل عام''٠لكون القبيلة ماهي
إلا إمتداد تاريخي و جغرافي للنسيج القبلي الصحراوي ككل٠
كلها
أراء و خطابات تنضج بمجرد ظهور الإرهاصات الأولى لتخليد ذكرى الموسم و تذوب بعد
إنتهائه، لكن لا يمكن الجزم بأننا تقليديين أو رجعيين أو دوغمائيين في أفكارنا و
توجهاتنا ليأتي أهل المنطقة و الزوار ليعبرو عن أساطيرهم التي لا تفارق مخيلتهم
ويطلبو'' التسليم '' من الزاوية و يستنجدون بها لرحمة و غفران الذنوب، ولا يمكن
أيضا السير في إتجاه التقدمية العمياء ونقول '' لداودية وغيرها٠٠٠'' مرحباً بك في
حاظرة آسا على شرف تخليد الموسم الديني و التجاري و التقافي لآسا، بل يجب التفكير
في إعطاء أجوبة '' معقولة و جريئة '' في ظل جدلية الخصوصية التاريخية و الهيمنة
التقافية؟ أي من المنطق أن نسلم بأن نقل التاريخ كماهو لا يمكن تحقيقه في الحاظر ،
وإن الدفاع على كون المجتمع الصحراوي هو مجتمع محافظ راكم هذه السمة من البداوة
التي لم تكن تحظى بمؤشرات المدينة و الحضارة و التقافة ، فإنه اليوم خاضع لهيمنة
تقافية و كذلك فكرية أكثر مما مضى و التي إخترقت حتى شبكة الأسرة الصحراوية
المتراصة و الممتماسكة لتنتقل الأسرة الصحراوية من'' الأسرة الممتدة إلى الأسرة
النووية''، فإذا كانت هذه الجدلية حقيقة موضوعية كيف سوف تدبر؟ و ماهي آلياتها؟
ومن سيحمل على عاتقه فك ألغاز هذه المعادلة الصعبة؟ وماهي سماته و مقوماته
الفكرية؟ و هل هناك فعلاً وعي بهذه الإشكالية؟ التي أصبحت تعيشها مختلف المجتمعات
و الشعوب التي كانت رمزاً للدفاع عن الخصوصية وهاهي اليوم تعيش إنسلاخاً سافراً
لمقومات الهوية لأن مايتحكم في سياسة أمورها تحالف مع البنيات الفوقية لإبادة
شعوبها، بدل إعطاء حلولاً إجرائية لحفظ الذاكرة في إطار التبادل و الإنفتاح
التقافي مع الإبقاء على مايعطيها قوة و جودها داخل مختلف المجتمعات الأخرى
بحكم
إنتمائنا إلى هذا المجال و إلى هذه الهوية الصحراوية التي نفتخر بها والتي ندافع عنها
في مواجهة أصحاب العقول القاصرة والمذاهب الشوفينية ، حاولنا إيجاد مجموعة من
المخارج لهذه الإشكالية ، التي تأسست مداخيلها من مقاربة تشخيصية لواقع الموسم
الديني و التجاري و التقافي السنة الفارطة؛ فالمتتبع لما جرى من تمظهرات في هذا
الحدت لن يقف عن إصدار الأحكام فيما و قع من تجليات واضحة لإبادة خصوصية القبيلة
بشكل خاص و المجتمع الصحراوي بشكل عام، فقد ظهرت مايسمى پ '' الكرنفلات و السهرات
و كمبانة و...'' للإحتفال بهذا الموسمالتقافي و الديني، فقد يمكن أن نغض
الطرف على هذه التمظهرات لأن هناك من يحبدها ومن الواجب الأخلاقي أن نحترم هذه
الأراء و الإمتتال إليها في ظل غياب تحليل للسياق الذي من خلاله وجدت هذه
الإحتفالات و السهرات على آختلاف تلاوينها، لذلك سنحاول إعطاء مقاربة تحليلية لهذه
السلوكات الدخيلة حتى نحاول في الأخير إعطاء جواب معتدل يجمع بين الحفاظ على الخصوصية
التاريخية والإنفتاح.
الحديت
عن مجتمع مثل المجتمع الصحراوي فهو مصنف ضمن المجتمعات البدائية التي لم تحتضن
بوادر التمدن و الإرهاصات الأولى للتمدن إلى في السنوات الأخيرة لكن سمات الإنعتاق
كانت تولدت لهذا الأخير ولو أنه لم يتقف نفسه بعد في مجابهته للإجتياحات
المتتالية، وإن هذا الحس لم يتوقف بل شكل إمتداداً ينضج يوما بعد يوم في ضل الوضع
الإجتماعي و الإقتصادي و الإجتماعي الذي شكل إفرازاً لهذه النزعة التحررية ، لذلك
تعددت آليات المجابهة و الصراع مع القوى الفوقية لإجهاض هذا الفكر ، ولعل سياسة
التخدير المستمرة بمثل هذه السهرات و غيرها هي تأكيد لبلوغ هذه القوى الفوقية
أهدافها في إجهاض هذا الحس و سعياً منها لطمس خصوصية هذا المكون الصحراوي الأعزل
الذي يحضى بمميزات جعلته مميزاً عن غيره من عادات و تقاليد و طقوس و أعراف،لأن
طمسها في حقيقة الأمر طمس للوجود، ونحن نستحضر مايقوم به الشيعيين عند تخليدهم
لأحد مواسمهم الإحتفالية و لو أننا نختلف معهم جدرياً فإنهم يسارعون في تعذيب
ذواتهم ليقولو للعالم أن هناك أقلية في هذا الوجود و مامدى إرتباطهم الوثيق
بهويتهم التي هي أساس وجودهم٠
هل
أبناء آسا اليوم في حاجة اليوم إلى هذه المسلكيات العمياء التي ينظر أصحابها إلى
واقع أبناء المنطقة بنظرات سوداء إلى الواقع الإقتصادي و الإجتماعي المزري
للمنطقة، فالميزانيات و الوجبات التي تصرف على هذه الإحتفالات قد تغطي على الأقل
أقلية من حاجيات الفقراء الذين يتخبطون في ظلمات الويلات و المعاناة،كيف لنا أن
نحتضن هذه المخططات التي من شأنها في واقع الأمر أن توزع ميزانيتها بشكل عادل على
المحرومين و الفقراء ، أم أن الكعكة كما يقال لا تخرج عن حدود الوطن الإنتهازي و
البرجوازي ورجال المال و السلطة السياسية ألم يحن الوقت لتستحي هذه العقليات و
تعبر عن معاناة الفقراء و المساكين، و تنتضر فرض '' كالموسم الديني و التجاري و
التقافي ''كأرضية خصبة لنهب حقوق المضظهدين ،فهذه حقيقة و ليس حكماً مسبق بل وإن
التعبير و إستشراف الأمل لا بد أن يخضع لمقاربة نقدية صريحة ،و إن الإختفاء وراء
الستار للحديت يبقى دون جدوى و إنما من باب التشخيص و التشريح لواقع المنطقة لا بد
من إستحضار '' الموضوعية'' في إبداء الأراء ولو نهجنا هذا النهج
لبلغنا أشواطا متقدمة من التغيير المنشود ، عموماً فإن بوز هذه السمات
الدخيلة على موسم آسا فقد أشرنا إلى خلفياتها الأساسية ليبقى إعطاء جواب لهذه
الإشكالية التي طرحناها فيما قبل ، فالإنفتاح على التقافات الأخرى أصبحت مسألة
مؤكدة و إن نهب حقوق الفقراء و المساكين أصبحت هي الأخرى قاعدة كونية، لكن كيف سوف
تدبر هذه الأزمة في آرتباطها بالموسم ؟
نحن
حداتيين و تقدميين لكن هذا لا يعني التخلي عن كل كبيرة و صغيرة للموسم من طقوس و
عادات و أعراف تعبر عن عمق الترات المادي و اللامادي للقبيلة، بل يجب أن يتعزز
بماهو سياسي لمعالجة الإشكاليات السياسية للقبيلة في المرحلة الراهنة بمعية
القبائل الصحراوية الأخرى و ما تفرضه من وقفة تأملية لرسم الأفق في ضل المتغيرات
المحلية و الدولية ، أما فيما يخص الأنشطة المرافقة للموسم سواء ذات الطابع
الرياضي أو الترفيهي أو الإحتفالي ، فلا يمكن قمع حرية الأفراد الساهرين عليها و
اللذين يقبلون عليها ولو أن هذه الأخيرة كما أشرنا سلفاً لها أتاراً سلبية على
الهوية المحلية وكذلك لكونها نافدة لتكديس الأموال على حساب الضعفاء و المضظهدين
دون أن ننسى كذلك أنها تفرغ من سياقه الحقيقي لتكون هذه الأنشطة هي الواجهة رغم أن
واقع الأمر الموسم الديني و التجاري و التقافي هو الواجهة التي يجب أن يتجند لها
أبناء القبيلة على ٱختلاف مشاربهم ،ولكن هذا لا يعني أن تقام هذه الأنشطة في سياق
آخر غير سياق الموسم مع النظر إلى طبيعة هذه الأنشطة آلتي نسعى من خلالها أن تعطي
قيمة مضافة للإقليم و ليس إحتضانها مبني على خلفيات سياسية تصفوية لعقليات المنطقة
و إمتداد لنهب أموال الفقراء٠ .
عموما فإن إبداء متل هذه
الأراءلا نود منها إلا أن تكون بداية لبلورة نظرة تصحيحية جريئة لواقع القبيلة
أولا وواقع المكون الصحراوي ككل ثانيا ، من خلال وقفة تأملية ينخرط فيها
''المتقڤ'' بمفهومه العضوي و التحرري من مآسي الواقع و يحاول بناء تشخيص موضوعي من
خلال تبني توجه نظري جريء لا يراعي فيه ذاتيه و يحاول إسقاطه على الواقع، بدل
إجترار الكلام و الخطب لأن المتقف التقليدي حسب غرامشي لا يخرج قط عن دائرة إجترار
الحديت و لا يؤتر و لا يتأتر بمتغيرات الزمان و المكان، وهو مالاتحتاجه قبيلة
أيتوسى و المجتمع الصحراوي ككل، بل نحن في حاجة إلى دافعية تقافية و سياسية قوية
لإنقاد ما يمكن إنقاده متجاوزين الأحكام الجاهزة و الخلافات الضيقة التي شكلت
الهوة التنظير و إسقاط الأفكار على الواقع ، لأن الصراع هو صراع أزلي ومحتوم ضد
قوى فوقية متعددة تارة خفية و تارة ظاهرة و كذلك متعددة التاكتيكات و الأوجه
للوصول إلى أهدافها النهائية، لذلك نطمح إلى خلق صورة نوعية للموسم الديني و
التجاري و التقافي لقبيلة أيتوسى في إستحضار طقوسه التاريخية وفتح نقاشات جريئة
تنسجم مع المرحلة الراهنة وإن خلق أنشطة من شأنها أن تشوش على السير العام لهذا
الموروت الذي بصم تاريخ القبيلة يجب إبعادها حتى تؤطر في سياقها الخاص دون أن تلغف
بخلفيات سياسوية و مافيوية ٠٠٠، فإن أيسر مدخل إلى روح أي مجتمع هو مجموع شعارات
ذلك المجتمع، لذلك علينا أن نؤسس على هذه الشعارات مداخيل لمخارج موضوعية تعبر عن
عمق إحتياجات القبيلة و المنطقة الصحراوية بشكل عام حتى لا نكون شوفينيين وحتى
كذلك نؤسس مشروع متكامل يضم مختلف طموحات وانتظارات القبائل الصحراوية ككل.