القضاء الأوروبي سينظر في اتفاقية الزراعة بين المغرب والاتحاد الأوروبي
ستنظر المحكمة الأوروبية في اتفاقية التبادل الزراعي بين المغرب والاتحاد الأوروبي وربما قد تعمد الى إبطالها على شاكلة ما فعل البرلمان الأوروبي مع اتفاقية الصيد البحري مع المغرب، وذلك بسبب دعوى تقدمت بها جبهة البوليساريو الى القضاء الأوروبي. وهذا التطور يبرز مدى استراتيجية التضييق ضد المصالح المغربية في الاتحاد الأوروبي في غياب استراتيجية استباقية للرباط.
وتكشف جريدة لراثون في موقعها في شبكة الإنترنت أن جبهة البوليساريو كانت قد تقدمت أمام المحكمة الأوروبية في نوفمبر الماضي بدعوى ضد اتفاقية الزراعة الموقعة بين المغرب والاتحاد الأوروبي مطالبة بإلغاءها تحت ذريعة أن هذه الاتفاقية تشمل منتوجات فلاحية تنتج في الصحراء المغربية وأنه لا يجوز قبولها بحكم النزاع القائم حول السيادة على هذه المنطقة.
ووقع المغرب والاتحاد الأوروبي الاتفاقية الزراعية سنة 2010، وصادق عليها البرلمان الأوروبي يوم 16 فبراير من السنة الماضية بعد جلسات عاصفة، حيث هدد بعض النواب وعلى رأسهم النائب الفرنسي المثير للجدل جوسي بوفي باللجوء الى القضاء الأوروبي. ودخلت الاتفاقية حيز التنفيذ في أكتوبر الماضي.
ونشرت الجريدة الرسمية للاتحاد الأوروبي منذ يومين النص الرسمي للدعوى التي قدمها البوليساريو، وهذا يعني قبولها. واعتمدت الدعوى في براهينها على مدى تناقض الاتفاقية مع القانون الدولي خاصة بالمناطق المتنازع عليها. ومما جاء في الدعوى: "أحقية البوليساريو لكي تأخذ المؤسسات الأوروبية برأيه طالما أن الأمر يتعلق بمنطقة الصحراء المتنازع عليها، وصفة البوليساريو كمخاطب رئيسي للأمم المتحدة في هذا الشأن". ثم ترتكز الدعوى على مقهوم "الاتفاقية لا تحترم تقرير مصير الصحراويين وبهذا تشجع ما تعتبره الدعوى "ضم المغرب للصحراء كقوة احتلال".
وقدمت جريدة لراثون أرباح وخسائر اسبانيا من هذه الدعوى. وتكتب أنه إذا حكم القضاء الأوروبي بإلغاء الاتفاقية فسيكون ربحا حقيقيا للمزارعين الإسبان المتضررين من المنتوجات الزراعية المغربية التي تنافسهم، في حين ستنعكس سلببا على اتفاقية الصيد البحري التي لن يتم تجديدها اعتمادا على نفس أسباب إلغاء الزراعية. وإذا حكم القضاء الأوروبي ضد دعوى البوليساريو، اي استمرار الاتفاقية، وقتها سيفيد هذا في تبرير تجديد اتفاقية الصيد البحري التي ألغاها البرلمان يوم 14 ديسمبر 2011.
وكان النواب الإسبان في البرلمان الأوروبي سواء اليمين الحاكم أو اليسار المعارض قد صوتوا ضد الاتفاقية خلال فبراير الماضي، وهددوا باللجوء الى القضاء الأوروبي، ويبدو أن هذا الدور ينفذه البوليساريو حاليا.
في الوقت ذاته، يأتي هذا المعطى الجديد ليبرز مدى تراجع جودة العلاقات بين المغرب والاتحاد الأوروبي رغم التوقيع على اتفاقية الشراكة المتقدمة. كما يبرز مدى افتقار المغرب لرؤية استراتيجية للعلاقات مع الشريك الاقتصادي والسياسي الأول وهو الاتحاد الأوروبي. وإذا حدث وتم إلغاء الاتفاقية، وقتها سيكون المغرب قد تلقى أكبر ضربة اقتصادية في تاريخه وهزيمة دبلوماسية تفوق بأضعاف هزيمة قرار البرلمان الأوروبي إلغاء اتفاقية الصيد البحري يوم 14 ديسمبر من سنة 2011.