» » .!!... لقد ولى زمن المقاربة الأمنية


في البدء كانت الزرواطة عنوان للمرحلة , و في البدء كانت العصا الغليظة ضريبة تقع على من لم يتقبل الألة القمعية والهمجية للإدارة المغربية التي إختارت غطاءا سلميا " المسيرة الخضراء " لإخفاء الوجه الأخر لدخول المغرب " لصحرائه" . صحيح , أنني لأنتمي للجيل الذي عايش تلك المرحلة العصيبة , لكنني سمعت و قرأت الكثير عن فضائح – بل فضاعات – الجيش المغربي الذي عاث فسادا بأرض الصحراء من إغتصاب لنساء بريئات ذنبهم أنهن صحراويات , من إعتقالات تعسفية للأنام والأنعام , لن يصدق أحد ذلك , لقد قتلوا قطعانا من الإبل لمجرد الشك في كونها محسوبة على جبهة البوليساريو , أرايتم غباءا و عنجهية مثل التي كان يتعامل بها الجيش المغربي مع الصحراويين فور" إسترجاع" الأقاليم الصحراوية .



لا , لم يتوقف الأمر عند هذا الحد , كما قلت سابقا إنها البداية فقط , لقد فتحت الدولة المغربية أبواب المعتقلات السرية بأكدز و تازمامارت ومكونة في وجه الصحراويين الأحرار الذين رفضوا الإنصياع لإستعمار يريد التلاعب بحقائق التاريخ والجغرافيا , و للأسف كان بعضهم ضحية الحسابات الضيقة من جانب المتعاونين مع الإدارة المغربية , كانوا أبرياء لا ناقة لهم و لا جمل زج بهم في غياهب السجون لمجرد تقلي وشاية كاذبة  والتهمة جاهزة التعاطف مع جبهة البوليساريو . 
تخيلوا معي لحظات لم نعشها نحن الأجيال التي إزدادت في سبعينيات و ثمانينيات القرن الماضي , رجل غريب يطرق الباب في الهزيع الأخير من  الليل , و أخرون معه يسترقون السمع من الثقوب الصغيرة  لنوافذ المنزل ينتظرون ساعة الصفر للإنقضاض على فريستهم ..ربما يفتح الأب الباب فيباغتونه باللكمات و الألفاظ النابية كنوع من الترهيب و الترويع و من ثم يظهر الإبن الذي ربما  فكر قبل قليل في الهرب , لكن أنى لقلبه أن يسعفه بعد أن رأى كرامة أبيه تهان , لبسلم نفسه , ربما لم يكن مذنبا غير أن الألة القمعية المغربية حصدت كل من وجدت في طريقها من الصحراويين في ذلك الوقت . 
إخترت بأن أبدأ مقالي هذا بالتذكير بعجالة بما إقترفته الألة القمع المغربية من جرائم  ضد كل القيم و المبادئ الإنسانية في حق أناس أبرياء حديثي العهد بالتمدن لا زالوا متمسكين  طباعهم البدوية بكل ما يعني ذلك من كرم ودماثة أخلاق و طيبوبة . كان ذلك جزء يسير مما فعلوه من جرائم نترك للزمن بأن يكشف الحقيقة الكاملة . 
تزامن وصول العاهل المغربي مع مأساة فضيعة بدأت بالتدخل الوحشي ضد الطلبة الصحراويين الذين كانوا يطالبون بشكل سلمي بحقهم في العمل , ثم جاءت إنتفاضة  2005 لتكسر الطوق الأمني الذي فرضته القوات الأمنية المغربية طوال سنوات بالعيون , و كان مجددا رد الفعل وحشي من جانب قوات الأمن . بعد خمس سنوات , و في شهر نونبر    2010  , وقعت المهزلة الأمنية الكبرى , أحداث كديم يزيك و التدخل الهمجي ضد مدنيين عزل رفعوا صوتهم سلميا إحتجاجا على التهميش و الإقصاء و نهب خيرات من دون حسيب ولا رقيب . الكل يعرف  ما حدث بالعيون في تلك الفترة , كشر المخزن عن أنيابه من جديد و بدل الحوار ومعرفة مطالب المحتجين , لبس المخزن وجهه الحقيقي غير أنه وضع قناعا عليه حين كان يخاطب المنتظم الدولي محاولا بأن يظهر بمظهر الضحية . 
كل ذلك إنتهى الأن بعد الصفعة الأمريكية التي أزاحت القناع و فضحت الوجه الحقيقي للألة القمعية المخزنية أمام العالم بأسره . هلل المغرب بنصر دبلوماسي حين لم يتم إعتماد المقترح الأمريكي بتوسيع مهام المينورسو , غير أن ذلك كان نتيجة تعهد و إلتزام المغرب أمام الأمم المتحدة و الدول العظمى بإحترام حقوق الإنسان بالصحراء , و ليس طبعا نتيجة حنكة الدبلوماسية المغربية .
على المغرب بأن يلتزم بما تعهد به , بمعنى لا مجال لإنتهاج نفس المقاربة الأمنية التي يعتمد عليها لعقود في تكميم الأفواه و قمع الأصوات التي لا تغرد بما يشتهيه ......بمعنى أكثر وضوحا باي باي المقاربة الأمنية .  

محمد البشير مبيريك

كاتب المقال Unknown

حول كاتب المقال : قريبا
«
Next
رسالة أحدث
»
Previous
رسالة أقدم
التعليقات
0 التعليقات