» » » وجهة نظر حول أكديم إزيك

أسا بريس : الوالي حسني

شكل ملف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان واحد من أبرز الملفات الواسعة التداول ، في وسائل الإعلام بشتى أنواعها ، و تحركت فيه مجموعة من الهيئات و المنظمات الحكومية والغير حكومية وطنية و دولية ، ولعل منطقة جنوب الصحراء لم تكن بمعزل عن هذه الظاهرة التي لا تكاد تخلوا منها جهة من جهاته ، بل لا يكاد يخلوا منها بلد من البلدان العربية ، ولعل ما عايناه من قمع للمتظاهرين في سياق الربيع العربي خير دليل على تفشي هذه الظاهرة و تجذرها في أنظمة الحكم العربية.
و لتسليط مزيد من الضوء الكاشف على هذا الموضوع الحساس ، سنتناول في هذا العرض لمحة عن الجمعيات النشيطة في مجال حقوق الإنسان بمجال بلا البيضان وما تعانيه من تضييق كمحور أول، بعد أن نمهد الطريق بإعطاء بعض التعاريف المتعلقة بحقوق الإنسان، و نقف في محور ثاني مع مثال لانتهاك حقوق الإنسان بالجنوب من خلال نموذج تفكيك مخيم "أكديم إيزيك"، ثم نختم العرض بخلاصة و سرد لأهم المصادر والمراجع المعتمدة في إنجازه.
حول مفهوم حقوق الإنسان.
في إطار تحديد لمفهوم حقوق الإنسان تجدر الإشارة إلى أنه لا يوجد تحديد دقيق و محدد لهذا المفهوم، إلا أن هذا المطلب لا يمنعنا من إعطاء مجموعة من التعاريف لكونها في نظرنا لامست جوهر هذا المفهوم، فعادة ما يعرف الباحثون حقوق الإنسان بأنها "مجموعة الحقوق التي يتمتع بها الإنسان بوصفه إنسانا فهذا التعريف يجد سنده فيما نصت عليه المادة الأولى من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان :"يولد جميع الناس أحرارا و متساوين في الكرامة و الحقوق و هم قد وهبوا العقل والوجدان و عليهم أن يعاملوا بعضهم بعضا بروح الإخاء".
و نجد تعريفا آخر يعرفها بكونها عبارة عن مجموعة من القوانين التي تنظم حقوق الناس فمفهوم حقوق الإنسان هو مفهوم كوني شمولي يخص جميع الناس بغض النظر عن لونهم أو عرقهم أو لغتهم أو دينهم و حتى رأيهم السياسي "المادة الثانية من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان" فحقوق الإنسان تخص الإنسان في جميع الأزمنة و الأمكنة و يعني في تعريف آخر حرية الأشخاص على قدم المساواة و دون أي تمييز بينهم لأي اعتبار في التمتع بالمزايا التي تخولها لهم الطبيعة الإنسانية و تقرها مبادئ العدالة و في تلبية حاجياتهم المختلفة بما يتلاءم مع ظروف كل عصر و لا يضر بحقوق الآخرين و القانون هو الذي يبين الحدود الفاصلة بين حقوق الفرد و حقوق الآخرين، فهذا التعريف أكثر شمولية و يقدم تعريفا جامعا مانعا لمفهوم حقوق الإنسان، في حين يعرفه أحمد الرشيدي: بمجموعة من الاحتياجات أو المطالب التي يلزم توافرها بالنسبة إلى عموم الأشخاص دون أي تمييز بينهم لاعتبارات الجنس أو النوع أو اللون أو العقيدة السياسية أو الأصل الوطني أو لأي اعتبار آخر و قد درجت منظمة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان على اعتبارها تلك الحقوق المتأصلة في طبيعتها البشرية و التي بدونها يستحيل علينا أن نعيش كبشر.
فمصطلح حقوق الإنسان يشير إلى مجموعة من الحقوق اللصيقة و المتماهية بالشخصية الإنسانية و التي نصت عليها المواثيق الدولية و التي يتمتع بها الإنسان و لا يجوز تجريده منها لأي سبب كان، بصرف النظر عن كل مظاهر التمييز(اللغة، الدين العرق،...).
الجمعيات النشيطة في مجال حقوق الإنسان بالصحراء .
تكون الجمعيات بصفة عامة والجمعيات الحقوقية بوجه خاص نموذج الجمعيات الحقوقية بالصحراء.
ورد في المادة 22 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية أن:
1.
لكل فرد حق في حرية تكوين الجمعيات مع آخرين، بما في ذلك حق إنشاء النقابات والانضمام إليها من اجل حماية مصالحه.
2.
لا يجوز أن يوضع من القيود على ممارسة هذا الحق إلا تلك التي ينص عليها القانون وتشكل تدابير ضرورية في مجتمع ديمقراطي لصيانة الأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم، ولا تحول هذه المادة دون إخضاع أفراد القوات المسلحة ورجال الشرطة لقيود قانونية على ممارسة هذا الحق.
ويقر الدستور المغربي بحرية تأسيس الجمعيات في الفصل 9 منه، لكن القانون المغربي الخاص بتأسيس الجمعيات، فيما يعد ليبراليا في بعض أوجهه، فهو يخرق المعايير الدولية من بعض الأوجه الأخرى والملاحظ أن الفصل 3 يقضي ببطلان الجمعيات التي لها "هدف غير مشروع يتنافى مع القوانين أو الآداب العامة أو قد يهدف إلى المس بالدين الإسلامي أو بوحدة التراب الوطني أو بالنظام الملكي أو تدعو إلى كافة أشكال التمييز" ، ويتم استخدام هذه المعايير لحظر جمعيات ذات أجندات سياسية معينة، منها الترويج لحق الصحراويين في تقرير المصير ، ولا يحتاج الأفراد لإذن مسبق لتأسيس جمعية، لكن عليهم أن يعلموا السلطات المحلية رسميا عن تأسيسها ويجب عليهم توفير المعلومات التفصيلية عن عنوان الجمعية ومن يرتادون مقرها، ويفرض القانون عقوبات على الأفراد الذين يضطلعون بأنشطة بالنيابة عن جمعية غير ملتزمة بهذه الإجراءات.
وحين تقدم الجمعيات أوراق التأسيس الخاصة بها فإن السلطات المحلية عليها أن تقدم ما يشهد على تلقيها للأوراق، ويجب على السلطات أن تقدم إشعارها خلال 60 يوما، وان لم تفعل يمكن للجمعية أن تبادر بالعمل في أنشطتها بما يتفق مع أوراق التأسيس، وإذا وأثناء فترة الستين يوما عارضت السلطات إضفاء الصفة القانونية على الجمعية، فعليها أن تعرض أسبابها لهذا، ويمكن للجمعية بعدها أن تطعن في الرفض في المحكمة الإدارية بدعوى إن السلطات تجاوزت ولايتها القانونية المجازة لها.
وما إن تحظى الجمعية بالاعتراف القانوني، لا يحق إلا للمحكمة الأمر بحلها بناء على تعديل ادخل عام 2002 على قانون تأسيس الجمعيات، ويحدد القانون عدة أسس للحل في الفصول 3 و 7 و 36 منه، ويفرض غرامات وعقوبات بالحبس على الأفراد الذين يستمرون في العمل لصالح جمعيات بعد فقدانها لصفتها القانونية.
و توجد بالصحراء العديد من المنظمات غير حكومية، والمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان الذي تأسس بموجب قرار ملكي عام 1990 من اجل حماية حقوق الإنسان في المغرب، فتح مقرا له بمدينة العيون .
والمجلس الاستشاري للشؤون الصحراوية، الذي أسسه الملك محمد السادس عام 2006 للدفاع عن حقوق الإنسان والحريات العامة وسكان المخيمات .
وقد اقتصرنا في هذا العمل على الحديث عن الجمعيات التي تنشط في مجال حقوق الإنسان والتي تتعرض لمضايقات من طرف السلطات المغربية، التي عمدت إلى حل فرع الصحراء التابع للمنتدى المغربي من اجل الحقيقة والإنصاف، كما رفضت الاعتراف رسميا بالجمعية الصحراوية لضحايا الانتهاكات الجسيمة المرتكبة من طرف الدولة المغربية، والكوديسا، وعرقلت عمل الفرع المحلي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان المعترف بها رسميا، عبر إجراءات إدارية واعتقال رئيسها عدة مرات.
رغم حرمان الجمعية الصحراوية لضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان و الكوديسا، من التسجيل القانوني إلا أنهما استمرتا في العمل وهو ما يعرضهما لإجراءات المنع والقمع وبالتالي عرقلة عملهما، وفي ما يلي سنعرض أهم الجمعيات المهتمة بحقوق الإنسان بالصحراء:
1
ـ فرع الصحراء من المنتدى المغربي من اجل الحقيقة والإنصاف:
تأسس المنتدى المغربي من اجل الحقيقة والإنصاف عام 1999م، كمنظمة مغربية وطنية لحقوق الإنسان، تركز على الدفاع عن ضحايا الانتهاكات السابقين والذين ما زالوا على قيد الحياة، وعلى وضع حد للإفلات من العقاب جراء ما يتم ارتكابه من انتهاكات لحقوق الإنسان، و سجل المنتدى المغربي فرعا له بمدينة العيون يدعى المنتدى المغربي من اجل الحقيقة والإنصاف- فرع الصحراء.
لقد نبذ فرع الصحراء من المنتدى المغربي علنا انتهاكات حقوق الإنسان القائمة المنسوبة إلى السلطات المغربية، ويشمل هذا اطلاع الزوار الدوليين على هذه الانتهاكات. وفي 11 فبراير 2002 على سبيل المثال أطلع فرع الصحراء من المنتدى المغربي وفدا زائرا من اللجنة المعنية بالصحراء في البرلمان الأوروبي على الأوضاع.
في ابريل 2003، التمس "الوكيل من الغرفة الابتدائية بمحكمة العيون" الأمر بالحل القانوني لفرع الصحراء من المنتدى المغربي، والدليل الأساسي ضد فرع الصحراء من المنتدى المغربي كان تقرير أعدته الشرطة القضائية في العيون، تزعم فيه أن أعضاء الفرع استخدموا حقوق الإنسان كغطاء للأنشطة "الانفصالية" العنيفة والدبلوماسية، وورد في تقرير الشرطة بين عدة أشياء عدة اجتماعات لهذا الفرع مع دبلوماسيين وصحفيين أجانب ومنظمات مجتمع مدني أجنبية.
ورد في التماس الوكيل أن فرع الصحراء من المنتدى يجب إغلاقه بناء على الأسباب التالية:
ــ عدم الالتزام بالقانون الأساسي للجمعية في ما يتعلق بالتسمية التي تبناها حيث حذف كلمة "مغربي" من الاسم الأصلي المودع لدى السلطات، وبالنسبة للوكيل فإن في هذا إشارة من بين عدة أمارات أخرى، إلى أجندة المنظمة الانفصالية.
ــ القيام بأنشطة من شأنها المساس بالأمن العمومي وهو ما يتجلى من خلال الدفع ببعض الشباب المستاءين من الوضعية الاجتماعية إلى ارتكاب جرائم ذات طابع شغبي وتخريبي بمختلف المدن والأقاليم الصحراوية.
ــ التحريض على التظاهر بالشارع العام عن طريق شباب مدججين بالعصي والهراوات والسكاكين.
ــ الاضطلاع بأنشطة من شأنها المساس بوحدة التراب الوطني في المملكة، من الاتصال بجهات أجنبية قصد المس بالوحدة الترابية للمملكة، والتآمر مع هيئات ومنظمات دولية معادية للمغرب من أجل الإضرار بالوضع الدبلوماسي للمملكة، وترديد شعارات مناهضة للوحدة الترابية، وحمل أعلام الجمهورية الوهمية وتوزيعها على العامة ....
وفيما أبدى المكتب التنفيذي للمنتدى المغربي من اجل الحقيقة والإنصاف في الرباط تحفظاته على كيفية عمل الفرع الصحراوي وإدارته للأمور، فقد قرر في مطلع عام 2003 تجميد أنشطة الفرع، إلا أن المكتب التنفيذي عارض وانتقد علنا تحرك السلطات من اجل حل الفرع.
وفي 18 يونيو حكمت "الغرفة الابتدائية بمحكمة العيون" بحل الفرع، وفور تلقي قرار المحكمة ودون الانتظار لمعرفة إن كان الفرع سيطعن في القرار، قامت الشرطة بإغلاق مكتب الفرع بالمدينة، طبقا لما ذكر الحسين موثيق وهو محاسب يقيم بالعيون وكان رئيس الفرع. وفي نهاية المطاف حسب قول موثيق، سمح الوكيل لمالك المبنى وليس للمنتدى بالاطلاع على المقر، ودون قرار من القضاء، ولم يتمكن المنتدى قط من استعادة المواد التي كانت في المكتب لدى إغلاق الشرطة له، حسب قول موثيق ، وفي 20 فبراير 2006، حاول موثيق الوفاء بالإجراءات المطلوبة للحصول على الاعتراف القانوني للمنتدى، وهذه المرة تحت اسم المنتدى المغربي من اجل الحقيقة والإنصاف، لكن حين حاول تقديم أوراق التأسيس، رفضت السلطات المحلية إصدار بيان بتلقي الأوراق حسب ما قاله الحسين.
وهذا الرفض لقبول أوراق تأسيس المنتدى فرع الصحراء يعرض المنتدى لازمة قانونية، فلا يمكنه استئجار قاعة لعقد الاجتماعات العامة تحت اسمه لأنه لم يحظ بالاعتراف القانوني، وبذلك لا يتم عقد أي اجتماعات للفرع إلا إذا تقدم المقر الرئيسي بطلب بالنيابة عن الفرع، حسب ما صرح به موثيق لهيومن رايتس.
2
ــ الجمعية الصحراوية لضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان المرتكبة من طرف الدولة.
إن الضحايا الصحراويون السابقون للاختفاءات القسرية من بين المؤسسين للجمعية الصحراوية لضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، وهدفهم هو ضمان وجود درجة من المحاسبة متناسبة مع جسامة الانتهاكات التي ارتكبتها الدولة المغربية في حق مئات الصحراويين.
سعت الجمعية إلى الحصول على الصفة القانونية بإتباع الإجراءات الواردة في القانون الخاص بتأسيس الجمعيات، وفي يناير 2005 اخبر مؤسسو الجمعية باشا مدينة العيون باعتزامهم عقد تجمع تأسيسي، وطبقا لنائبة رئيس الجمعية، الغالية الدحيمي، فإن الباشا رفض شفهيا هذا الطلب، دون إبداء أي أسباب، فقام المؤسسون بإرسال الإخبار بالبريد، وفي عدم تلقي أي رد مضت الجمعية قدما في عقد تجمعها التأسيسي على سطح احد البنايات في العيون بتاريخ 7 ماي 2005، ثم حاولوا تسليم الباشا يدا بيد الأوراق المطلوب قانونا تسليمها لدى تأسيس جمعية، ومنها قائمة بالأعضاء المنتخبين للعمل ضمن المكتب التنفيذي للجمعية ، وأقسام أخرى بالجمعية ، حسب ما صرحت به الغالية الدحيمي لهيومن رايتس ووتش ، وفي حال رفض الباشا قبول الأوراق أو إصدار ما يفيد استقباله لها أرسلوها بالبريد مع طلب إيصال بريدي بالاستلام.
وفي يونيو 2005 بعد شهر من عقد الجمعية لأول اجتماعاتها، داهمت الشرطة المقر المؤقت بالعيون وصادرت صورا ووثائق واستجوبت الأمين العام للجمعية إبراهيم صبار.
وفي ماي 2005 رفعت الجمعية قضية ضد الباشوية في المحكمة الإدارية بأكادير، وفي 21 سبتمبر 2006 حكمت المحكمة لصالح الجمعية، وأعلنت إن رفض الباشوية لإصدار ما يفيد استقبال الأوراق هو رفض غير نافذ، وورد في قرار المحكمة الكتابي مايلي:
إن تأسيس الجمعيات ،حسب القانون ليس رهن الاتفاق مع الأمر الصادر عن الباشوية، ولا يحق لها ولاية قانونية على الموضوع باستثناء أنها إذا شاءت اقتراح أو تعديل ما تراه مخالفا للقانون بشأن الجمعية، وفي هذه الحالة فلا يحق إلا للمحكمة أن تنظر في مثل هذه الأمور.
و قالت المحكمة إن إصدار ما يفيد باستقبال أوراق التأسيس هو التزام على الباشا ليس لها أن تفسره، وأصبح هذا الحكم نهائيا حين رفضت السلطات الطعن فيه أمام المحكمة الأعلى درجة.
وبرغم قرار المحكمة، فإن السلطات المغربية مستمرة في معاملة الجمعية بصفتها "غير معترف بها"، ويواجه أعضاءها المضايقات والمحاكمات بناء على اتهامات تشمل "الانتماء إلى جمعية غير معترف بها"، ونادرا ما تقاضي الحكومة النشطاء الصحراويين بناء على هذه التهمة وحدها، بل تضيف إليها اتهامات أخرى أكثر جسامة.
وفي نونبر 2007، اعتقلت الغرفة الابتدائية بمحكمة العيون "الصديق بلاهي" ، وهو من سكان كلميم، وعضو المكتب التنفيذي للجمعية، بأنه عضو بجمعية غير معترف بها، فيما برأته من تهمة المشاركة في التحريض على المظاهرات غير القانونية واعتقلته في كلميم يوم 27 يوليو من ذلك العام ونقلته إلى العيون، حسب ما قاله لهيومن رايتس ووتش، حيث تم احتجازه إلى 29 يوليو، وحكمت عليه المحكمة بشأن العضوية بالحبس ستة أشهر وغرامة 5000 درهم، وظل طليقا بانتظار محاكمة الاستئناف، التي تمت في 6 أكتوبر 2008، وفي 20 أكتوبر 2008 أعلنت محكمة استئناف العيون براءة بلاهي من الاتهام.
و أدانت محكمة في العيون الكاتب العام للجمعية إبراهيم الصبار بتهمة العضوية في جمعية غير معترف بها، بالإضافة إلى اتهامات أكثر جسامة، وهي عصيان ضابط شرطة والاعتداء عليه، والتحريض على العنف أثناء اضطرابات 2005 و2006م، وأمضى عقوبة بالسجن لمدة عامين وتم إخلاء سبيله في يونيو 2008.
وفي معرض تفسير سبب احتجاز الشرطة لعضو المكتب التنفيذي بالجمعية، الدح الرحموني، في ديسمبر 2007م، وصفته السلطات بأنه " عضو في جمعية غير معترف بها في واقع الأمر واجهة للبوليساريو في المحافظات الجنوبية وتسعى للمس بالوحدة والهوية المغربية وتروج للانفصال" .
3
ــ كوديسا
سعت مجموعة من النشطاء، والعديد منهم أعضاء سابقون في المنتدى المغربي من اجل الحقيقة والإنصاف، فرع الصحراء، إلى تأسيس جمعية لحقوق الإنسان تدعى " تجمع المدافعين الصحراويين عن حقوق الإنسان"، لكن السلطات منعتهم منذ البداية، إذ حالت دون عقدهم للاجتماع التأسيسي الذي اعتزموا تنظيمه في 7 أكتوبر 2007 ، وكان من المقرر انتخاب أعضاء المكتب التنفيذي فيه.
وقالت السلطات أنها تعترف بالوضع القانوني لكوديسا ولن تقابل أعضاء المجموعة لأنها تعتبرها فرعا من جبهة البوليساريو، والسند القانوني لهذا الرفض، حسب قولهم يعود أولا لمبادئ الكوديسا وأنها تمس " الوحدة الترابية " للمغرب ، وثانيا لأنها تركز على الترويج لحقوق الصحراويين التي تخرق أحكام عدم التميز الواردة في القوانين المغربية :
عدم السماح بتنظيم جمع عام تأسيسي لما يسمى" تجمع المدافعين الصحراويين عن حقوق الإنسان"، كان يهدف تجنب انفلات امني محتمل وحتى لا يتم استغلاله كمطية أخرى للترويج لدعاية الانفصاليين.
كما أن منع تكوين هذه الجمعية من طرف السلطات المغربية جاء على ضرورة احترام الثوابت الوطنية، إذ أن هذه الجماعة تحاول استعمال غطاء تكوين جمعية الدفاع عن حقوق الإنسان لخلق منظمة سياسية مرتبطة بجبهة البوليساريو، تهدف إلى المس بوحدة التراب الوطني من خلال الترويج للأطروحة الانفصالية، مما يعتبر مخالفا لمقتضيات المادة 03 من الظهير الخاص بتأسيس الجمعيات والتي تنص على أن" كل جمعية تؤسس لغاية أو لهدف غير مشروع يتنافى مع القوانين أو الآداب العامة أو قد تهدف إلى المس بالدين الإسلامي أو بوحدة التراب الوطني أو بالنظام الملكي أو تدعو إلى كافة أشكال التمييز تكون باطلة.
وأوضح والي العيون بوجدور محمد الظريف المزيد عن رفض تنظيم الوضع القانوني لكوديسا:
مشكلة كوديسا والجمعية الصحراوية لضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان المرتكبة من طرف الدولة المغربية بشأن وضعها القانوني هي أنهما لا يحترمان الدستور، الذي يقضي باحترام الوحدة الترابية للمغرب، ويجب عليهما أولا نبذ كل كتابات البوليساريو.. فكوديسا هي مجرد ذراع للبوليساريو، ومنذ شهرين إلى ثلاثة أشهر، تقدموا بطلب لعقد تجمع وتم رفضه لان الوثائق المعروضة على الولاية، بيان ووثيقة تقدم كوديسا ووثيقة ثالثة، تتبع خط البوليساريو، وبالرجوع إلى القانون والدستور لا يمكننا السماح بعقد التجمع إذا عرضوا طلبا بتنظيم الوضع القانوني يتفق مع القانون، مثل الجمعية المغربية لحقوق الإنسان أو المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، فسوف تتم الموافقة عليه .
ومن بين تبريرات الداخلية لرفض طلب الكوديسا بتنظيم وضعها القانوني هو أن أهدافها تتعارض مع الحظر على التمييز، وهذا استخدام لمصطلح "التمييز" بعيد كل البعد عن معناه في القانون الدولي، فالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية يسمح بالفعل في بعض الظروف بفرض قيود بالنسبة لحق تكوين الجمعيات على الجماعات التي تروج للكراهية والعنصرية، لكن تعريف هذه الاستثناءات يجب أن يكون محدودا للغاية .
و لتبرير الإخلال الشديد بحرية تكوين الجمعيات بناء على هذه الأسس، على السلطات أن توفر أدلة واضحة على أن الجمعيات منخرطة في أعمال تمييز ضد غير الصحراويين أو في أعمال كراهية عنصرية أو عنف عنصري.
وبالفعل فإن جماعات مثل كوديسا والجمعية الصحراوية تركز على انتهاكات حقوق الإنسان التي يزعم فيها بأن السلطات المغربية هي من ارتكبها والتي يقع ضحاياها من صفوف الصحراويين والمنظمات من جميع أنحاء العالم تختار التركيز على موضوعات أو مناطق أو جماعات معينة، كالأطفال أو الأشخاص المصابين بالعمى، ومجرد التركيز في مجال حقوق الإنسان على أقلية أو جماعة أثنية معينة، أو على أشخاص تجمعهم قضية سياسية محددة، هو في حد ذاته ليس تمييزا ، ولا هو ترويج للكراهية العنصرية.
4
ــ الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ــ فرع العيون.
الجمعية المغربية لحقوق الإنسان هي جمعية وطنية معترف بها قانونيا وهي جمعية مستقلة تم تأسيسها عام 1979م، وهي إحدى أهم المنظمات الحقوقية بالمغرب، وفرعها في العيون معترف به قانونا لكنه يتعرض لمختلف ضروب المضايقات، فقد قامت الشرطة باعتقال رئيس الفرع، حمودي إكيليد ثلاث مرات منذ عام 2005م، ثانيا ضايقت السلطات الفرع إداريا، وورد في الفصل الخامس من قانون تأسيس الجمعيات أن تخبر الجمعية على الفور السلطات كتابة حين ينتج عن تنظيم انتخاباتها الداخلية تغييرا في أعضاء مكتبها، وحين حاولت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان تقديم إخبارها اثر انتخابها في نونبر 2006م، رفضت السلطات المحلية قبول الإخبار، وطبقا لأقوال اكيليد ، فإن المكتب المركزي للجمعية اضطر للتدخل عدة مرات قبل أن تستدعي السلطات المحلية أخيرا أعضاء الفرع لمنحهم ما يفيد استقبال الإخبار، زاعمة بأنها لم تستقبل قط إعلان هذا الفرع.
وقال اكيليد أيضا بأن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان اضطرت للخروج من مكتب لها كانت قد استأجرته في العيون عام 2007م، بعد أن ضغطت السلطات على مالك البناية. "وكنا قد وقعنا عقدا بإيجار المكان الجديد في يوليو، ولم ننتقل على الفور نظرا لإجراء بعض أعمال التجديد المطلوبة ، وسألتنا كوديسا أن يعقدوا اجتماعهم التأسيسي في المقر الخاص بنا في أكتوبر، واجبنا بالإيجاب شريطة الانتهاء من أعمال التجديد أولا. وأثناء تلك الفترة بدأت السلطات المحلية تهدد مالك البناية بالملاحقة القضائية جراء مساعدة الانفصاليين والمس بوحدة التراب الوطني، ثم تقدم احد الجيران بشكوى ضد مالك البناية والجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وزعم فيها بأن أعمال الإصلاح تعرض البناية للخطر.
واتصل بي مالك البناية وقال انه لا يمكنه تحمل الدخول في نزاع قانوني وطلب مني إلغاء الإيجار وشرح أن الشرطة تكرر تهديدها له بالوقوع في مشاكل قانونية وحذرته قائلة انه من غير الفطنة تأجير المكان لأمثالنا، وقال انه لن يخاطر بخسارة وظيفته، من تم هجرنا المكان رغم توقيع الطرفين على العقد .
وبدلا من الانتقال إلى المكان المؤجر واستخدامه كمكتب له، فان فرع الصحراء بالجمعية المغربية لحقوق الإنسان في الوقت الحالي بأسلوب ارتجالي من داخل حجرة في مقر الكونفدرالية الديمقراطية للشغل في العيون، وهي مؤسسة نقابية. (هذا حينما أدلى اكليد لهيومن رايتس ووتش سنة 2007 ، أما ألان ونحن ننجز هذا العرض فلا ندري هل الجمعية لا زالت على حالها أم أنها حصلت على مقر خاص بها).
عموما فإن الجمعيات الحقوقية بالصحراء والمغرب عموما كانت ولازالت تلقى مضايقات من طرف أجهزة الأمن والمسئولين الذين سعوا إلى وضع العراقيل في وجه هذه الجمعيات، فحقل حقوق الإنسان رغم ما بدلته الجمعيات الحقوقية فإنه لازال يحتاج لمجهودات كبيرة.
*
انتهاكات حقوق الإنسان بالصحراء مخيم اكديم ازيك نموذجا.
-
الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية بالعيون قبل أكتوبر 2010.
رغم أن المنطقة الصحراوية غنية بالفوسفاط وموجودة في موقع استراتيجي إضافة إلى تمتعها بعدة ثروات طبيعية أخرى كالنحاس، والحديد واليورانيوم والبترول والأسماك حيث تقدر كميات الأسماك التي يتم صيدها على طول السواحل بمليون طن من مختلف الأنواع ويستفيد من ذلك خاصة أصحاب البواخر العالمية الكبرى ، إضافة إلى المنعم عليهم من جنرالات الجيش والدرك فإن الأوضاع المعيشية للسكان الصحراويين تثير الدهشة إن لم نقل الشفقة بفعل الفقر المدقع الذي لا يختلف في مجال ظواهر عن ما تعرفه الأحزمة العشوائية حول المدن الكبرى (الكاريانات).
فجل السكان الصحراويين يعيشون تحت خط الفقر، إذ أن أهم المداخيل لا تتجاوز 1730درهم أو ما يسمى ب"الكارطية" والتي تعتبر أداة ابتزاز في يد السلطات التي تستعملها تجيش المنتفعين والضغط عليهم لحضور الأنشطة الفلكلورية والمهرجانات المسماة وطنية وفي حالة رفضهم يتم حرمانهم من هذا الدخل غير القار.
إضافة إلى ما سبق فهناك عامل ثقل الوصاية السياسية، والذي لا يقصد به تلك الوصايا الإدارية التقليدية التي تعرفها مختلف الجماعات المحلية في باقي مناطق المملكة، بل إننا نقصد السلوك المهين والمتميز لممثلي الإدارة الترابية الذي ظل سائدا طيلة ما يقارب ثلاثة عقود من الزمن تقريبا، هذا الثقل الذي كان يعرف أقصى مراحله وأشدها طراوة في عهد ممثل الإدارة الترابية ذو الأصول الصحراوية حيث كانت الدولة تسهر على شرعية القرارات التي يتخذها وتعترض على كل عمل ترى أنه لا يتلاءم والمصلحة التي يحددونها.
ولقد سببت تلك الرقابة السياسية في افتقاد لتقويم والمحاسبة في مجال الشأن العام المحلي وفي انتشار ثقافة الترهيب والخنوع والانتظار والارتماء في أحضان السلطة .
لقد أسهم المشكل السياسي في تفاقم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، فالازدهار الاقتصادي للإقليم الصحراوي أمر يهم المغرب لبدء المشروع في استغلال الثروات الطبيعية الكامنة فيه، ولتخفيف ثقل النفقات المدنية في الإقليم (دون ذكر نفقات جيش قوامه 170 ألف عنصر) إلا أن المستثمرين الخواص المغاربة كانوا دوما في تخوف من الاستثمار في "الصحراء الغربية"، وحسب بعض المصادر فإن أموال البنك الدولي لم تستعمل في أي مشروع في الإقليم، كما تنعدم الأدلة حول استخدام أموال ومساعدات خارجية بسبب الوضع السياسي والشرعي للإقليم.
ويقول النشطاء الصحراويين إن التوظيف يعطى أساسا لأهل المناطق الداخلية لترغيمهم والإبقاء عليهم داخل هذه الأقاليم، وقد ذكرت جريدة البيضاوي في أحد أعدادها أن عدد الموظفين يبلغ (نحو 100 ألف موظف مغربي بالإقليم) وبالنسبة لذوي الأصول الصحراوية فالبطالة واسعة الانتشار كما انه يتم إبعادهم واستثناءهم عن الوظائف الحكومية وعن تولي المناصب الإدارية أو تقاضي رواتب مرضية، أما صناعة الفوسفاط فيعمل بها حوالي 1900 بين منجم بوكراع وقطاع الشحن بميناء العيون، 50°/° يقومون بأعمال يدوية ، 30 °/° يعملون كخبراء ، و20 °/° تقنيين ويقول الصحراويين إن عدد عمال الفوسفاط لا يتعدى 200 عامل بدلا من 5676 أواخر 1976 و 1600 عامل عام 1968، والمتبقي منهم يوظف في وظائف وضيعة كما أن رواتبهم توقف في أحايين كثيرة بدون تفسير ، وهذا ما ينطبق على كل القطاعات الأخرى في ظل أرقام مهولة بالنسبة للصحراء.
وإذا كانت الحكومة المغربية قد أسست عدة مؤسسات أبرزها وكالة الإنعاش والتنمية الاقتصادية والاجتماعية للأقاليم الصحراوية، فهذه الأخيرة تمثل حلقة من حلقات التنمية المفقودة بمنطقة الصحراء لأن الوكالة عجزت عن إدماج أطر صحراوية والتي لا يتجاوز عددها ستة أفراد وفي جميع الاختصاصات قدمت ملفاتها وتم إقصاؤها ورفضها لأسباب لازال الرأي العام الصحراوي يجابهها، وفي تقييم للحصيلة الاجتماعية لعمل الدولة منذ إعتلاء الملك محمد السادس عرش البلاد يؤكد الناشط والباحث في شؤون التنمية بالأقاليم الصحراوية ، الناجم السويح أنه رغم أن الأقاليم الصحراوية قد عرفت عدة مشاريع تهم البنيات التحتية فإنها ليست بالجودة و المردودية التي تتطلع إلى مستقبل أفضل فإن هناك انتظارات كثيرة التوظيف، السكن، محاربة الفقر...) كما أن هناك مشاكل تنتظر الحل العاجل (إرجاع كل الأطر المهجرة وليس البعض منها كرجال التعليم )، تعويض المؤطرين عن تحديد الهوية، حل مشكل أشبال الحسن الثاني، وكذلك مستخدمي شركة فوسبوكراع سابقا .. حل مشكل التجار الصغار الذين كانوا يعتمدون في دخلهم على السلع المستوردة من الجزر الكناري ....وملف الصيد البحري ...إلخ.
2 : مخيم أكديم إزيك أسباب النشأة التنظيم والتفكيك.
للمرة الثانية يطفو الحديث على المستويين الوطني والدولي عن منطقة "أكديم إزيك" التي تبعد 12 كلم شرق مدينة العيون في اتجاه مدينة السمارة، كانت المرة الأولى منتصف يناير 2006 حين وارى الصحراويين هناك جثمان شهيد الانتفاضة "حمدي لمباركي" الذي سقط بتاريخ 30 أكتوبر 2005، تحت عصا الشرطة، وها هو الحديث عن نفس المكان يعود مجددا بعد خمس سنوات. وفي أكتوبر كذلك. هذه المرة أكثر إشعاعا وأكثر حضورا في رزمانة مختلف وسائل الإعلام الدولية والمنابر العالمية والمنظمات الوازنة، خاصة بعد أن سقط في ساحة أكديم إزيك شهداء آخرين برصاص الأمن المغربي.
ومرد الحديث هذه المرة عن اكديم إزيك هو شكل جديد غير مسبوق ، وكان عبارة عن نزوح جماعي لآلاف الصحراويين خارج مدينة العيون حيث اختاروا عن قصد ووعي وإصرار منطقة اكديم إزيك، لتكون مكانا لشكلهم الاحتجاجي.
وبشكل سريع تشكلت لوحة فريدة ونادرة تنطق بدون تعليق، الآف الخيم منصوبة بإتقان وتسلسل وترتيب وتنظيم واصطفاف قل نظيره، حيث قاموا بتكوين لجان تسهر على حسن سير المخيم، من أجل الضغط على الدولة في سبيل تحقيق مطالبهم الاجتماعية، "فمن منا لم يرى كيف استطاعت قرابة عشرين ألف صحراوي العيش بانتظام فريد في مخيم فاقت خيامه العشرة آلاف خيمة" ، ومن منا لم يرى كيف قسموا لجانهم حسب الحاجة والتخصص بنوع مميز من تقسيم العمل، والتي كانت على الشكل التالي:
اللجنة التنسيقية: تشرف على تأطير وتنظيم المخيم الذي قسمته إلى عدة دوائر وقامت بتحديد بوابات الولوج والخروج منه وإليه، ومن بين مهامها الكثيرة السهر على التنسيق بين جميع اللجان فيما بينها وبين هذه اللجان والنازحين الصحراوين.
لجنة التفاوض: هي لجنة مكلفة من طرف النازحين بالمخيم بالتفاوض مع السلطات، لها صلاحيات الحوار دون التقرير، تعود في كل صغيرة وكبيرة للجماهير الصحراوية بالمخيم التي لها الكلمة الأولي والأخيرة ولا يمكن لأي كان من خارج هذه اللجنة التحدث باسم النازحين أو تمثيلهم أو التفاوض بالنيابة عنهم.
لجنة الإعلام : مهمتها الإشراف على التغطية الإعلامية الشاملة للمخيم بكل حيثياته وتفاصيله وتبليغ النازحين بجديد الأخبار، بخصوص قضيتهم وآخر التطورات، إضافة إلى تنسيق مع كل وسيلة إعلامية تود تغطية الشكل ويومياته، كما أنها لا تسمح لأي كان بالتقاط أية صورة أو فيديو أو إجراء حوار مع أي من النازحين إلا بموافقتها وبإشرافها وتحت أعينها من أجل تفادي استغلال المخزن للحدث وتفويت الفرصة على عملائه.
اللجنة الطبية: تتكون من أناس ليسوا أطباء ولا ممرضين. بل فقط متطوعين صحراويين لديهم الحد الأدنى من الإلمام بالإسعافات الأولية ولديهم بعد الأدوية البسيطة المرضية العادية كالزكام و البرد ... إلخ.
لجنة التموين: تشرف على التموين حيث تتكلف بإيواء وتغذية أفراد اللجان التي تشرف على المخيم وتموين بعض النازحين المحتاجين بقدر الإمكان حيث تعمل على تنسيق الجهود مع المتضامنين الصحراويين من تجار وعمال وموظفين وداعمين بالمدن الصحراوية لجمع التبرعات العينية والمالية.
لجنة النظافة: تشرف على نظافة المخيم، حيث يسهر المتطوعين بها على كنس وتنظيف كافة جنبات المخيم مستعينين بسيارات الدفع الرباعي (لاندروفر) خاصة ببعض النازحين يتم جمع الأزبال بها ورميها خارج المخيم.
شرطة المخيم: وهي لجنة مكلفة بالأمن بها المئات من الشباب الصحراوي بزيهم الموحد، بلون موحد تسهر بنضج ودارية وإلمام على استتباب الأمن بكل جنبات المخيم في الليل والنهار، تراقب عن كثب الوضع داخل وخارج المخيم ويرابط العديد من أفرادها ببوابات المخيم مهمتهم مرافقة الداخل والخارج والتحقق من الهوية وتفتيش السيارات كما أنها تعتقل كل من يخل بالضوابط والآداب العامة والنظام العام وتطرده وتبعده من المخيم.
أولا : أسباب النشأة
نظرا لما آلت إليه الوضعية الاجتماعية والاقتصادية من تدهور مس أغلب فئات المجتمع الصحراوي في ظل فشل مساعي الأمم المتحدة في إيجاد حل للنزاع القائم على الإقليم، اندلعت مجموعة من المظاهرات الصحراوية كتعبير عن احتجاجهم تمثلت في عملية النزوح الجماعي للصحراويين لمنطقة اكديم إزيك، فسياسات الإقصاء والتهميش المنتهجة من طرف الدولة المغربية، والتوظيف المستمر للمقاربة الأمنية في التعاطي مع جميع المشاكل بالمنطقة دفع بالنازحين الصحراويين لخوض هذه الحركة الاحتجاجية السلمية من أجل المطالبة بحقوقهم الاقتصادية والاجتماعية، وقد سبق للجمعية الصحراوية، رغم المنع الذي يطال حقها في التنظيم والعمل القانوني، أن أشارت في تقارير سابقة إلى المس بالحقوق الأساسية للصحراويين بإقليم "الصحراء الغربية".
والمتتبع للشأن الاقتصادي والاجتماعية في "الصحراء الغربية". يتضح له جليا أن الثروات التي يزخر بها الإقليم لا يستفيد سكانه من عائدات استغلالها والذي يتنافى مع المادة 73 من ميثاق الأمم المتحدة للمبادئ الأساسية التي تسري على الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي.
إن المتواجد من القطاع الخاص بالإقليم يهدف بالدرجة الأولى إلى استغلال الثروات دون محاولة لاستثمار العائدات المربحة، بما يعود بالنفع على المنطقة وساكنتها الأصلية، فأغلب العاملين في كل من شركة فوسبوكراع الفوسفاطية والصيد البحري على طول السواحل البحرية لإقليم الصحراء الغربية، هم من أصول مغربية أي من المناطق الداخلية، فمناجم الفوسفاط ببوكراع والمصالح المسيرة للقطاع، وهي لا تضم من بين أطرها ومستخدميها إلا العدد القليل من الصحراوين على عكس ما كان عليه إبان الاستعمار الإسباني، رغم أن القطاع يشكل أحد أكبر الثروات الاقتصادية بالإقليم. وحتى الشركات المتعاقدة مع الدولة لتدبير منجم بوكراع، لا تشغل سوى المنحدرين من الداخل على حساب الشاب الصحراوي المعطل كما أن عائدات الفوسفاط المستغل لا يتم استثمارها بالإقليم.
كل ذلك إلى جانب أسباب أخرى ساهمت في تفاقم واستفحال ظاهرة البطالة خاصة في صفوف الشباب، فلم تجد هذه الفئة في وقت من الأوقات من معالجة لها سوى ركوب مخاطر البحر نحو الديار الإسبانية والهجرة السرية، وتشير التقديرات إلى أن مناصب التوظيف والتشغيل التي يوفرها القطاعين المنجمي والصيد البحري كفيلة بامتصاص كافة اليد العاملة الصحراوية المعطلة، وإخراج العديد من الأسر الصحراوية من الفقر وتدني مستوى المعيشة.
فالمطالبة بالحقوق المشروعة في التشغيل والسكن من أبرز أسباب هذا النزوح فمشكل السكن والذي تعترضه العديد من الإشكالات و الإختلالات البنيوية منذ سنة 1975، مع بداية الإدارة المغربية للإقليم نظرا لغياب سياسة حضرية وعمرانية، تعتمد التخطيط الحضري والتوجيه العمراني كأساس لتوسيع المجال الحضري كما يمكن التساؤل كيف أن برامج السكن الاجتماعي والتي شرعت الدولة المغربية فيها رغم أن "الوفاء العقارية" بالمدينة وعلى غرار باقي مدن "الصحراء الغربية"، لا يشكل أي عائق أمام الدولة، إن توافرت الإرادة الحقيقية في العناية بمطالب الساكنة بحقها في السكن في الوقت الذي دأب فيه عدد من المنتخبين المحليين والأعيان والمنتقدين سياسيا واقتصاديا بالإقليم على السطو على مساحات شاسعة من الأراضي بمدينة العيون والعمل على تسوية إجراءاتها الإدارية والقانونية بتحفيظها واستخراج رسومها العقارية بطرق غير مشروعة في ظل الواقع الأمني المتسم بانعدام حرية التظاهر والتعبير والتجمع داخل الإقليم جعل الصحراويين يفكرون بالنزوح خارج المدينة، علهم في ذلك يسمعون أصواتهم إلى المسؤولين عن إدارة الشأن العام للإقليم، كما أن هذا المخيم شهد مجموعة من المشاكل تمثلت في تعرض أحد الأشخاص يدعى أحمد الداودي الملقب ب:"الدجيجة" إلى محاولة اغتصاب فتاة وإضرام النار بالمخيم، مما أدى إلى ضربه وطرده من المخيم، الشيء الذي جعله يفكر في اقتحام المخيم هو ومجموعة من الشبان على متن سيارة ذات الدفع الرباعي محملة بمجموعة من قنينات الغاز، الشيء الذي جعلهم يخترقون الحاجز الامني بالقوة ، مما أدى إلى إستعمال الذخيرة الحية من طرف الدرك الملكي، الذي راح على إثره الشاب الناجم الكارحي (14 سنة) وجرح خمسة آخرين نقلوا إلى المستشفى، ومن ضمنهم أحمد الداودي .
الحوار الدائر بين السلطات العمومية ولجنة الحوار الممثلة لساكنة المخيم :
ــ انطلاق الحوار بين والي العيون ومسؤولين الإدارة المركزية بوزارة الداخلية مع حوار عن ساكنة تجمع الخيام.
ـــ اجتماع وزير الداخلية بمدينة العيون مع منتخبي المنطقة وشيوخ القبائل.
ـــ حضور وزير الداخلية لقاءين مع لجنة الحوار عن تجمع ساكنة الخيام.
ـــ اتفاق بين لجنة الحوار والسلطات العمومية على تنفيذ التزامات متعلقة بالشغل والسكن تتضمن:
ـ تشغيل كل حاملي الشهادات العليا.
ـ تشغيل كل حاملي شهادات التكوين المهني.
ـ توزيع 2700 قطعة أرضية.
ـ إطلاق وزير الإسكان مشروعا جديدا حول إعادة تهيئة المدينة في أفق 2015 .
ثانيا : اقتحام وتفكيك المخيم:
بحلول يوم الأحد 7 نوفمبر 2010 شوهدت مزيد من التعزيزات الأمنية وعدد كبير من سيارات الدرك الملكي والقوات المساعدة نوع "سطافيط" وآليات خراطيم المياه الخاصة بتفريق التجمهر على ساحة مخيم أكديم إزيك. وعلى الساعة الثانية من بعد زوال نفس اليوم عمدت الشرطة على قطع الطريق الرئيسية في اتجاه المخيم ومنع جميع السيارات من الخروج من المدينة وقد شوهدت عناصر الشرطة عند المخرج الشرقي للمدينة وهم يحملون الأسلحة كما أن تواجدهم كان مكثف، وتوقفت آليتين لتفريق التظاهر بخراطيم المياه التابعة للشرطة.
وفجر يوم الاثنين 8 نوفمبر 2010 ، مابين الساعة الخامسة والسادسة فجرا حيث لازال الظلام هو الغالب استيقظ النازحون على نداء ينبعث من طائرة الهيلكوبتر، يدعو قاطني الخيام بإخلاء المخيم، وبالموازاة مع ذلك وبدون ترك أدنى فرصة لآلاف من المدنيين للاستيقاظ والتأكد مما جاء في نداء الطائرة المذكورة، بادرت قوات الجيش، والدرك الملكي والقوات المساعدة وآليات خراطيم المياه والسيارات ذات الدفع الرباعي والشاحنات العسكرية على اقتحام المخيم واجتياحه وإزالة الخيام وتحطيمها دون التأكد من خلوها من النزلاء كل ذلك تزامن مع انطلاق جولة جديدة من المفاوضات الغير الرسمية بين المملكة المغربية وجبهة البوليساريو.
ولم تسري على تفكيك المخيم الآليات والطرق المتبعة في إنهاء الاعتصامات أو التجمهرات، كما أن عملية إخلاء مخيم امتد إلى مدة قرابة الشهر تتطلب على الأقل العمل بالأسلوب المعروف في إخلاء الأحياء والتجمعات السكنية وإجلاء القاطنين بها وأن السلطات في هذا الصدد لم تعطي الفرصة والوقت الكافيين للمقيمين من أجل جمع أمتعتهم والاستعداد لإخلاء المكان.
وكيف أن السلطات التي كانت تتفاوض مع النازحين ممثلين في لجنة التفاوض لم تخبر هذه الأخيرة بأمر تفكيك المخيم.
كما أن السلطات لم تعطي الدليل على تقدم أي من النازحين بشكاية يدعي فيها تعرضه للاحتجاج من طرف عناصر إجرامية كما دعت ذلك والذي كان المبرر الوحيد الذي أعطته الدولة من أجل اقتحام المخيم.
كما عمد الجيش وباقي القوات الأمن على إحراق الخيام بإشعال النيران في العديد منها كما استخدمت قنابل الغاز المسيلة للدموع، والرصاص المطاطي، وتم إجبار آلاف النازحين على الاتجاه نحو مدينة العيون مشيا على الأقدام، علما أن من بينهم شيوخ ونساء وأطفال وذوي الحاجات الخاصة.
وحدثت اشتباكات بين النازحين والقوات المتدخلة في اقتحام المخيم تحولت إلى صدامات خلفت العديد من الضحايا المدنين وفي صفوف الجيش وقوات الأمن، وقد أعلنت البيانات المتلاحقة لوزارة الداخلية سقوط أحد عشر قتيلا من قوات الأمن.
ومنذ الساعات الأولى لصباح يوم الاثنين وبعد انتشار خبر اقتحام مخيم أكديم إزيك خرج الصحراويون في مدينة العيون والمرسى للاستفسار وتقصي ما حدث لذويهم ولباقي العائلات الصحراوية وما إن تأكد الخبر حتى انطلقت جموع الصحراويين خاصة الشباب في موجة من الغضب الشديد لم يسبق لها مثيل بالمدينة مرددين العديد من الشعارات المطالبة بحق تقرير المصير أقدم المتظاهرين وهم في حالة من الغضب الشديد على قطع الطرقات وإشعال العديد من إطارات السيارات، كما تم تخريب وإضرام النار في عدد من الإدارات العمومية كالأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين، ومحكمة الاستئناف، ومقر جهة العيون بوجدور الساقية الحمراء، والمركز الجهوي للاستثمار ومندوبية وزارة الطاقة والمعادن، مقر قناة العيون الجهوية، وإعدادية التعاون، وعدد من المقاطعات المحلية، ومجموعة من المراكز البريدية، و إحراق 40 سيارة مصلحة عمومية، كما تم حرق ثمانية وكالات بنكية ، وعدد من المحلات التجارية الخاصة، وثلاث صيدليات ومنازل سكنية إضافة إلى المركز الاجتماعي للعصبة المغربية لحماية الطفولة و مخزن للصباغة مما تسبب في انفجار عمارة يقطنها عدد من السكان .
كما سقط الضحية بادي محمود الكركار بعدما دهسته سيارة تابعة للشرطة، وقد تسبب هذا الحادث في زيادة الغليان بالمدينة، وأجج من غضب الصحراويين مما جعلهم يعترضون شهود عيان، أن عنصر القوات المساعدة سقط على رأسه من السيارة وفارق الحياة وأثناء الاشتباكات بين الأمن والصحراويين في العيون استخدمت القوى العمومية بعض المدنيين المغاربة وحرضتهم على الصحراويين مدججين بالعصي والهراوات واستعملت كذلك الرصاص الحي في ضرب الصحراويين.
ثالثا: قرارات السلطات العمومية.
سجل فريق المنظمة أن السلطات القضائية اتخذت عددا من القرارات منذ نصب الخيام إلى ما بعد الأحداث:
ــــ فتح تحقيق من طرف النيابة العامة بعد وفاة الشاب الناجم الكارحي على اثر استعمال الذخيرة الحية يوم 24 أكتوبر 2010.
ــــ قرار وكيل العام بفك تجمع ساكنة الخيام بما يضمن السلامة الجسمانية للساكنة به بتاريخ 7 نونبر 2010.
ـــــ فتح تحقيق في ملابسات وفاة السيد محمود الكركار بالمستشفى بعد أن دهسته سيارة الدرك الملكي بتاريخ 8 نونبر 2010.
ــــ إطلاق سراح حوالي 120 معتقلا يوم 12 نونبر من بينهم قاصرون لم تثبت مشاركتهم في أعمال العنف.
ـــــ إحالة سبعة معتقلين على المحكمة العسكرية بالرباط بتاريخ 14 نونبر 2010.
ـــــ حجز سيارات وعشرات السيوف والخناجر وقنينات الغاز والزجاجات الحارقة .
خاتمة:
في الختام لا بد أن نأكد على أن مسألة الإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان لم تكن بالأمر الجديد في المنطقة، بل عانى منها سكان هذه الأقاليم منذ سنوات الجمر و الرصاص، كما أكد ذلك الأستاذ ماء العينين ماء العينين في كتابه أنشودة الصحراء الدامية، وهذه الإنتهاكات لم تكن مقتصرة على هذه المنطقة فقط بل شملت مختلف مناطق الصحراء
غير أن ما يستوقفنا هنا هو التضارب الحاصل حول عدد ضحايا أحداث "أكديم إزيك"، فإذا كانت السلطة و وسائل الإعلام المغربية تحصر الحصيلة في 11 فرد من القوات المساعدة و الدرك الملكي، و 3 مواطنين صحراويين، فإن للرواية الشفوية المنتشرة بين سكان المنطقة قول آخر إذ أفادنا أحد معتقلي أكديم إزيك المفرج عنهم و هو أحد أفراد اللجنة المنظمة للمخيم، أن عدد الضحايا، يصل إلى 153 فرد من الدرك الملكي و القوات المساعدة، و الأمن، و ثلاثة مواطنين صحراويين، هذا بخصوص القتلى، أما الجرحى فيبقى عددهم كبير و غير محدد لان أغلب الجرحى لم يتوجهوا نحو المستشفيات قصد تلقي العلاج خوفا من الإعتقال.
و بناءا على كل ما سبق يمكننا القول أن هذا الموضوع لا زال يتطلب المزيد من البحث، للكشف عن حقيقة ما وقع يوم 08/10/2010م، و تحديد الحصيلة الحقيقية لهذه الأحداث الدامية.
كما تجدر الإشارة إلى أن مجموعة من المفكرين و الباحثين يعتبرون أن أحداث أكديم إزيك كانت هي الملهم لثورات الربيع العربي، و على رأسهم المفكر و الفيلسوف الأمريكي نعوم تشومكي الذي أكد هذا الطرح من خلال تصريح أدلى به لقناة الديموقراطية العالمية الأمريكية

كاتب المقال Unknown

حول كاتب المقال : قريبا
«
Next
رسالة أحدث
»
Previous
رسالة أقدم
التعليقات
0 التعليقات