» » » » زمن الأعطاب

 أسا بريس :عبد الله العبضلاوي
كنت إلى زمن قريب لا أومن بعلم المستقبليات كعلم قائم الذات وله قوانين واسس يقوم عليها; ولكن بعد أن ازداد اهتمامي و اطلاعي المتواصل بالموضوع ودراستي للكتب التي تهتم بهذا العلم, اكتشفت ما مدى تتطابق تنبأته مع احداث غزار شاهدناها ومازلنا نتابعها تتسارع الواحدة تلوى الأخرى,
ولقد توصلت الى نتيجة مفادها ان أي دولة  او مجتمع لم يؤسس قوانينه على هذا العلم  لن يعي معنى الماضي والحاضر وسيضل المستقبل تغشاه غمامة  قد يقود الى حفر ومنعرجات مجتمعية و حياتية غاية في الخطورة, كنا قد درسنا استراتيجيات النهوض  بالمقاولة والشركات وكيفية معالجة مشاكلها المختلفة ولم نكن نعي في الحقيقة اننا كنا ندرس المستقبل ولو بشكل مبسط ,اذ ان هذا العلم يحتم علينا دراسة الماضي دراسة نقدية بناءة قصد الاستفادة من هفواته لتجاوزها, وذلك لبناء حاضر يقوم على المعرفة المتجددة ,هده المعرفة هي من سيمكننا من وضع استراتيجيات ورؤى تقود الى تطور دائم ينبني على فهم عميق لمجريات الامور والاحداث,
وتعد المعرفة بمفهومها الشامل الركيزة الاساسية للاستفادة من هذا العلم, لكن ومع الاسف هذه الركيزة تكاد تنعدم في مجتمعاتنا العربية الا بنسب ضئيلة في بعض المجتمعات, ولكم ان تقوموا بجولة قصيرة وتقارنوا بين رواد المقاهي ورواد المكتبات لتكتشفوا هول الكارثة التي وصلت اليها مجتمعاتنا,
كنا في الفترة الطلابية ,وخاصة نحن طلبة الصحراء نستعمل في تنقلاتنا حافلات سوبراتور وكنت احب ان اراقب الركاب وما يفعلونه خلال سفرهم وكالعادة كنا نحن العرب نقطع المسافة اما في الدردشة الفارغة اوفي النوم العميق بينما كان الغربيون غارقون في تصفح الكتب ودراستها بل انني قد تفاجأت بعجوز احدودب ظهرها تحمل كتابا ضخما وقلما ثم معجما فقلت لعلها لازالت تحضر لنيل درجة الدكتوراه, إنه الفارق الذي يصنع الحضارة,,,
في سنة الفين كنت قد قرات كتاب ’عولمة العولمة ‘للأستاذ الكبير المهدي المنجرة وكان من بين ما احتفظت به ذاكرتي جملة غاية في الدقة والدلالة حيث سئل عن المنهج التعليمي المغربي فقال على انه كارثة وطنية لن تظهر مخلفاتها الابعد مرور عشر سنوات, وبعد مرور العشر العجاف جاءت الاحداث كما تنبا بها الرجل ,مستوى تعليمي غاية في التدني و الركود, ارتفاع نسب الجريمة في صفوف التلاميذ والعطالة في صفوف خريجي الجامعات والمعاهد دون نسيان العنوسة  والعزوبية في صفوف الشباب والشابات, وهذه كلها مشاكل مرتبطة بنيويا حيث الواحدة تجر نحو الاخرى, وهكذا توالت قراءتي لكتب الرجل, فبعد عولمة العولمة قرات ’حوار التواصل’ ثم ’قيمة القيم’’,’’الاهانة,,ميكاامبريالية’’,,,وفي احدى هذه الكتب اورد استاذي الكبير ثلاث سيناريوهات للتغيير على مستوى دول العالم العربي والاسلامي
- سيناريو الاستقرار والذي استبعده بالمرة حيث ان الانظمة والمجتمعات في ظل الظروف والاحداث المتسارعة الحالية لا يمكن ان تظل على حالها لأسباب اقتصادية, اجتماعية  محبطة وغاية في التدني,
سيناريو الاصلاح والذي اعتبره غير مجدي لأنه سيكون اصلاح لم يتم في وقته المناسب أي انه جاء متأخرا وترقيعيا-
سيناريو التغيير البنيوي الجذري والذي سيقود الى اصلاح شامل, وهذا التغيير حسب فهمي المتواضع هو ما هزت احداثه قلاع وحصون زعماء  دولا عربية كثيرة ولازالت دولا اخرى على اعصابها مخافة من رياح التغيير الهوجاء, انها اعطاب عميقة اصابت انظمة كانت الى الامس القريب تتبجح بإصلاحات وتنمية بينما كانت في الحقيقة اصلاحات للأرصدة والممتلكات الشخصية ,
ان هذا السيناريو الاخير انطلقت احداثه من المغرب ,وخاصة بأحداث كديم ازيك لتنتشر زوبعته نحو تونس ثم مصر فليبيا ,,,لكن المغرب وبحنكة كبيرة تمكن من تهدئة الوضع والتقليل من حدته ولو الى حين, وبعد ان طاف هذا الزائر الغير مرغوب فيه بدول الشرق ابى الا ان يعود الى مسقط راسه الصحراء لينطلق منها من جديد, مرتديا هذه المرة لضراعية حقوق الانسان بعد ان ازاح عنه جبة الحقوق الاجتماعية والمعيشية, انه البدوي الاصيل ,,
لا اريد ان يفهم من كلامي على اني انفصالي او محب للفوضى ,ولكن التغيير سنة من سنن الله الكونية ,ليس هناك شيء ثابت لا يتغير ,كما اني لست من دعاة الانفصال بل من دعاة الغاء الحدود بين الدول العربية فضلا عن الدول الاسلامية ,,,فو الله ما اصبنا هذا الخنوع وهذا الانهزام الا بوجود هذه الحدود لا اطال الله في عمرها,,,
انه اذن التنبؤ المستقبلي من خلال قرائن وعلامات لوقوع احداث وزوال امم, ليست قراءة في فنجان ولا قراءة في ابراج واكوان ,وانما علم استفادت منه امم وجاء دورنا لنستفيد منه, لأننا الاحق منهم به, ولأننا المطالبون بان نسير في الارض لنعتبر مما مضى ,,,,

كاتب المقال Unknown

حول كاتب المقال : قريبا
«
Next
رسالة أحدث
»
Previous
رسالة أقدم
التعليقات
0 التعليقات