» » » الصحراء: قتلت أوفقير والدليمي والبصري فمن ستقتل بعدهم؟


أسا بريس : الأسبوع الصحفي
 الصحراويون يحكونأنه هناك غير بعيد من “الطاح ” ركب جوج شلوح ” يعني من الأطلس، على ناگة، وهماغير متعودين على ركوب الناگة، وفرحا بالركوب عليها، إلى أن وصلا لوضعية النزول، فبركت الناگة إلى الخلف، ليسقط الشلح الراكب في الخلف سقطة كشفت عما تحت دراعيته، فالتفت إليه الشلح الجالس إلى الأمام، يضحك عليه، فقال له الشلح الساقط ما تخاف، راه الناگة عندها جوج بَرْكات، لتحرك الناگة ظهرها إلى الأمام ويسقط الراكبالأمامي.
   والحقيقة أن الناگة الصحراوية، عندها جوج بَرْكات.
   الدرس المستخلص إذن، هو ناگة الصحراء، تسقط الذين لا يعرفونها قبل ركوبها، أولا يعرفون ما بين تاريخ الناگةوتاريخ الصحراء.. لما فيهما من تكامل وتشابه وعادات.
   يلخص المؤلف الصحراوي مولاي با علي محمد، هذه الازدواجية (…) في المجال السياسي عن الصحراويين، حتىقبل المسيرة الخضراء بسبعين عاما فيكتب : ((حدث عن سياسة زعيم السياسة وكبيرها محمد بن الخليل بن حمد، الذيجعل الفرنسيين في يده اليسرى، والمجاهدين في يده اليمنى، وصوره الفرنسيون رافعا يده، واحدة ينادي بها المجاهدين هلموا، والأخرى يلوح بها للفرنسيين: اطمئنوا، ومكث بهذا ما يقارب من أربعين سنة إلى أن وافاه الأجل المحتوم سنة 1927)) (مولاي با عليخلافة الشرفاء الرگيبان).
   في سنة 1992 ، وكان إدريس البصري، مكلفا بملف الصحراء، ونحن نتساءل اليوم، من هو المكلف بملفالصحراء وقد قرأنا هذا الأسبوع أن مفاوضات تجري مع البوليساريو بمشاركة المعلق الصحفي طارق اتلاتي، فجمع البصري في مكتبه بوزارة الداخلية، كل الصحراويين المسؤولين (…) ليتوجه بالسؤال إلى بيد الله : هل كانت هناكدولة في الصحراء، من قبل، ليجيبه بيد اللهأبدا ثم توجه بالسؤال، إلى عمر الحضرمي، فأجابه نعم كانت هناك دولة الأدارسة، وحدث هرج ومرج سمع به الملك الحسن الثاني، الذي استدعى أحد الحاضرين، رشيد الدويهي، الذي سبقله أن كان من مؤسسي جبهة التحرير والوحدة مع الجنرال الدليمي، وسأله عما جرى في اجتماع إدريس البصري، ومادار عن موضوع دولة الأدارسة.
   حقا إن الصحراويين عرب، عندما يتعلق الأمر بأن تنطبق عليهم مقولة العرب اتفقوا على أن لا يتفقوا.. وإذا كانفيهم من سيغضبون، فلنسألهم عما حصل في المجلس الاستشاري الصحراوي منذ 1981  والذي يرأسه خليهن ولدالرشيد، وكأنه في طول المدة، معمر القذافي، وكنا نسمع في الخطب الملكية أنه سيتم إعادة تشكيل هذا المجلس، فلميحصل شيء، ولازالت المأدبة الدائمة لخليهن على حالها، ولعلها الحيرة أمام ما يجب القيام به، فماذا جرى من الجانبالصحراوي: حصلت عدة ردود فعل، تتناقض مع الرغبة الملكية، في تكييف المجلس الاستشاري الصحراوي.
   فعندما ركب أصحاب حزب الأصالة والمعاصرة، على الناگة الصحراوية (…) تجاوز قطب الحزب، اختصاصاتالمجلس الاستشاري، وأسس بيد الله تحت رئاسته: جمعية المنتخبين الصحراويين، ليقوم الصحراوي الاستقلالي، أخ رئيس المجلس الاستشاري، حمدي ولد الرشيد، وأسس ضدا على المجلس الاستشاري، وعلى جمعية بيد الله، جمعيةسماها “لاساريو” يعني منتخبوا الساقية الحمراء وواد الذهب، ليتوجه بن كيران مع أقطاب حزبه إلى الداخلة ويعلنوا أنهم جاؤوا لمحاربة الانفصاليين، متناسين أن أغلب الدول المغربية أتت من الصحراء، ومتناسين أيضا، أن التاريخ قديعيد نفسه.
   وصدق إدريس البصري مرة في منفاه بباريس، عندما صرح بقوله : ’’إن المسؤولين لا يطلعون الملك محمد السادسعلى ما يجري‘‘، وكأن إدريس البصري، يريد أن ينسى أن الصحراء، قتلت الجنرال الدليمي، الذي قاتل فيها الانفصال، وقبله قتلت الجنرال أوفقير، الذي يقولون إنه انتحر، لا لأنه في الواقع قتل بالرصاص، ولكنه لأنه قام بعملية انتحارية،عندما هاجم الطائرة الملكية، فلم يوف بوعده تجاه الصحراويين عندما قال لهم من طنطان سنة 1971 ، وقبل انقلابه بسنة : ’’قريبا ستفرحون يا أبناء الصحراء‘‘، قالها وهو يمسك بيد عامله التعارجي.
   طبعا، لاشك أن الازدواجية التي تعلمها المسؤولون من الصحراء، هي التي قتلت الرجل الذي كان مكلفا بملفالصحراء، إدريس البصري، حسا، أو معنى؟ لا ندري، المهم أنه كان يعتبر نفسه عبدا “مشرط الحناك  في باب القصرالملكي، مكلفا بإنجاح المسيرة الخضراء، ما إن وجد نفسه لاجئا هاربا (…)إلى باريس، يبحث عن وثيقة تعريف، حتىأخذ ينطق بما سكن (…)فقال للصحفية “منى البنا  في إذاعة فرنسا : ((إني أستثني فكرة الحل الثالث يعني الحكم الذاتي، إن المستقبل: إما الاستقلال، وإما البقاء مع المغرب)) وحتى قبل المنفى، وعندما عاد من هوستن، حيث أمضىمع زميله عبد اللطيف الفيلالي وزير الخارجية، وثيقة شبه اعتراف بدولة الصحراء، فقد صرح البصري بقوله : ((إذا نجح البوليساريو في الاستفتاء فسنكون أول من يعترف به)).
   حتى وزير الخارجية عبد اللطيف الفيلالي، الذي عاش أطرافا شاسعة من قضية الصحراء، ألف في آخر حياته كتابهالمغرب والعالم العربي ” فسكت عن الملف الحقيقي للصحراء وعما جرى، وما كان شاهدا عليه، وحدثنا عن جزئيات من قبيل، إرغامه على نزع حذائه عندما كان في طهران سيدخل على الإمام خامنائي، ولكنه عندما تحدث عنا كتب فقط : ((أتأسف بعمق عن كون المغرب يجتاز فترة صعبة، لكن في حياة الأمم هناك انتصارات وهزائم، أنا مقتنع أنه بالرغممن كل المحن، سننتهي بتجاوز كل الصعاب)) (المغرب والعالم العربيعبد اللطيف الفيلالي).
   الدكتور(…)الفيلالي، كلمنا إذن بمنطق الشوافة، التي قرأت فنجان أحد التعساء، وقالت له سنة سوداء هاته التياجتزتها، فقال لها: أرجوك انظري لي ماذا سيقع هذه السنة، فسارعته بالقول ستكون مثل سابقتها، فازداد هلعه وقال لهاوماذا سيحدث لي في المستقبل، أجابته ستكون قد تعودت على المصائب والمحن، وهو التفسير لقول الفيلالي عنالمغرب ((سننتهي بتجاوز كل الصعاب)).
   لذلك يصح اعتبار الفيلالي، وزيرا آخر ممن قتلتهم الصحراء، فربما لم يحك لنا حقيقتها خوفا منها.
   فمن منهم (…)ستقتل الصحراء مستقبلا.
   هل تقتل وزير الخارجية الحالي العثماني، الذي بعد أن انسحب المغرب من الوحدة الإفريقية سنة 1984 ، رافعالرأس رافضا أي تنازل عن الكرامة المغربية، ها هو العثماني يخاطر بعجرفة المغرب، ويذهب إلى المؤتمر الأخير (مايو 2013) للوحدة الإفريقية ليقف مقهورا في باب قاعة المؤتمر، وكأنه يطلب الصدقة من مجلس يتوسطه رئيسالبوليساريو محمد عبد العزيز، والوزير الرسمي للمغرب واقف بالباب في انتظار القرار النهائي الذي كان في غير صالح المغرب.
   ناكة الصحراء، لازالت تسقط الراكبين عليها واحدا واحدا، كلما بَرْكت، حتى المبعوثين الأمميين، رغم أنهم يمثلونالأمم المتحدة، فإنهم تكردعوا واحدا واحدا.
   جيمس بيكر، قال في إذاعة “الام ب سي  سنة 1997 ،((بحتمية الحل التوافقي واستحالة الاستفتاء في الصحراء))ويعود سنة 2003 ، ليتحدث عن اقتسام الصحراء بين المغرب والبوليساريو، وأخيرا ها هو المبعوث كريستوفر روسيتأرجح في المواقف، ليكشف مؤخرا ميله لأطروحة البوليساريو(…) فيعلن المغرب للملأ منذ سنة(مايو 2012 ) توقفه عن التعامل مع هذا المبعوث، ثم يتراجع المغرب عن موقفه.
   ازدواجية الناگة طبعا، ونقول هنا جميعا، الصحراء صحراؤنا، شعرا ونثرا..  غناء على المسارح وعنادا في مواقفالأحزاب، ليأتي الرجل المقرب، فؤاد الهمة ويصارحنا بما ربما لم نكن نسمعه : ((إن وضع الصحراء اليوم يوجد بينيدي المنتظم الدولي(…) الذي لا يعترف(…)بوجود سيادة مغربية(…) فوق الأرض، لكنه يعترف بالمقابل بوجودإدارة(…) مغربية للتراب)) (الجريدة الأولى 18/12/2009).
   ستقتل الصحراء، أب أزمتها وصانع ملتها، عبد العزيز بوتفليقة، الذي سيموت بغصة الصحراء وهو الذي لم يركبناگة من قبل، حين تربى في وجدة التي لا توجد بها جمال ولا ناگة ولكنه أيضا تعامل بازدواجية الناگة، وبعد أن صرف الملايير من أموال الشعب الجزائري الذي يموت بالأزمات، لتحيا الجمهورية الصحراوية واضطر في الأخير، أن يقولللمبعوث الأممي “روس  إني أقبل حل الملك الحسن الثاني، باقتسام الصحراء بين المغرب وموريطانيا، فاعطوا للصحراويين النصف الذي أعطاه الحسن الثاني لموريطانيا.
   حقا إن الصحراء قتلت وستقتل الكثيرين، هل ستقتلهم بالتناقض في المواقف، أم ستقتلهم بما قتل به الدليمي،وأوفقير والبصري.
   حكيم صحراوي من أقطاب الانفصال، البشير مصطفى السيد يحدثنا عن طريقة أخرى للقتل ويقول : ((ربما بعضالسياسيين يخشون السم(…) ويخشون السم في الدسم، ولكن في الحقيقة وفي الوقت الذي مررت بالمغرب، أعرف أنالحكومة المغربية تقدر كذلك الناس، وتعرف مع من ممكن الشراكة معها، وبالتالي ربما تغتال)) طبعا يقصد اغتيالالحكومة المتفهمة (قناة الجزيرةحوار سامي كليب 2010).
   قرأت مؤخرا، تفاصيل لقاء سري(…) بين الصحفية الاتحادية بديعة الراضي، مع المسؤول الجزائري، عبد العزيزبلخادم حيث أعربت الزائرة(…) عن تفاؤل كبير من الجانب الجزائري ولكنه، بدهاء، ربما لم تفطن إليه الصحفية الاتحادية، حين رسم لها حدود التعاون المغربي الجزائري القادم،((وانتقاده لحكومة بن كيران، مستبعدا التعاونالمغربي الجزائري من استعمال الدين والخونجة(…) مقترحا تأسيس جبهة من الجزائر والمغرب لمواجهة الأصوليةالدينية المتطرفة)) (الاتحاد الاشتراكي 30 مايو 2013).
   عبد العزيز بلخادم وكأنه عبد العزيز بوتفليقة، بلغ بديعة، بين السطور، أنه لن يتعامل في المغرب مع حكومة بنكيران، وطبعا لن يتعامل في الجزائر مع حزب الإسلاميين، حزب جبهة الإنقاذ، لعلي بن الحاج، الذي أعلن مؤخرا، أنالصحراء مغربية.
   يحكي الفيلسوف الزموري، المحجوبي أحرضان، أنه بعد حرب الرمال، وصدور الأوامر للجيش بعدم الدخول إلىتندوف (…)، صرح الجنرال أوفقيرلقد كسبنا الحرب، ويكتب أحرضان((لقد كسبنا الحرب، وخسرنا الأرض)).

كاتب المقال Unknown

حول كاتب المقال : قريبا
«
Next
رسالة أحدث
»
Previous
رسالة أقدم
التعليقات
0 التعليقات