» » » الصحراء الغربية حالة طوارئ غير معلنة

أسا بريس : الصحراء الآن-ماء العينين ماسيك 
لقد ظهر للعيان ان كل الوعود التي قطعها المخزن على نفسه من خلال دستور ديمقراطي جديد ، ما هي إلا خطابات لا تمت للواقع بصلة ، فليس هناك اي تنزيل حقوقي او قانوني لهذا الدستور ، و انما هناك تنزيل امني ، تكون فيه الأولوية الأولى و الأخيرة للمقاربة الامنية و بالتالي مصادرة جميع الحريات السياسية و المدنية و الصحراء الغربية مرآة فاضحة لهذا الواقع .
لقد إلتف المخزن المغربي في الصحراء الغربية و باقي المدن الصحراوية على مبدأي ربط المسؤولية بالمحاسبة و مبدأ سمو  ودسترة كل المواثيق الدولية لحقوق الانسان  التي بشر الدستور بها ، ويظهر كل هذا في تقديم مدنيين الى محاكمات عسكرية ، ثم مصادرة كل اشكال الاحتجاج السلمي و حرية التعبير ناهيك عن الكثير من الممارسات الحاطة من الكرامة الانسانية التي يروح ضحيتها الطفل و المرأة و الشيخ الصحراوي .
قلنا ان الدستور المغربي لا يحظى في مدن الصحراء الغربية بتنزيل حقوقي بل فقط بتنزيل امني محكم و فعال جدا !! فهناك تراجع عن كل الوعود التي قطعها الخطاب الرسمي على نفسه ، حيث نجد انتهاكات خطيرة لأغلب فصول باب الحريات و الحقوق الاساسية ، حيث نجد تجاوزات  تمس فصول 21 و 22 و 25 و 28 من دستور 2011  و انتهاك هذا الفصل الاخير اي 28 يظهر في القبض  على   الصحفي علي انوزلا    و هو ما يشكل ضربا   بحرية التعبير و الصحافة ،  و في  الصحراء الغربية هناك اجهاز تام على الفصل 29 من هذا الدستور حيث يمنع بفعل القوة الامنية حق التظاهر و التجمهر السلمي في كل المدن الصحراوية.
ان المقاربة المخزنية الامنية تتناقض مع مبادئ الدستور المغربي الجديد الذي هو اصلا يحمل في طياته الكثير من العموميات بل و الكثير من التناقضات و التهافتات الداخلية في هذه الوثيقة . وعليه ان حالة مصادرة الحريات المدنية السياسية في مدن الصحراء الغربية تتناقض بشكل جوهري مع كل مبادئ حقوق الانسان العالمية التي ادعى الدستور الجديد انه يسعى الى دسترتها و سموها ، ففي الصحراء الغربية هناك قبضة امنية تقف في وجه كل الحريات الجماعية و الفردية ، مما يمثل انتهاك للاعلان العالمي لحقوق الانسان في فصله الثاني الذي يحث على تجريم التعذيب او العقوبة القاسية او الحاطة من الكرامة الانسانية ، انتهاك كذلك للفصل 18 من هذا الاعلان  حيث انه في الصحراء الغربية لا توجد امكانية  لأي تجمهر  سلمي و الذي يتم فضه بالقوة الامنية المفرطة رغم سلمية هذه التجمهرات و هذه القوة الامنية غالبا ما يروح ضحيتها تنسيقية كديم ازيك و المعطلين الصحراويين وكل الفئات المهمشة التي تقابل وقفاتها بالقمع الشديد و المفرط على الرغم من الطابع السلمي لكل هذه الوقفات ، وهذا يمثل تجاوز وضرب للعهد الدولي للحقوق السياسية و المدنية في فصليه 21 و 22 ،و نجد    انتهاك كذلك للعهد الدولي للحقوق الاقتصادية و الاجتماعية في فصله الثامن .
كما انه في الصحراء الغربية هناك انتهاك صريح للحريات الفردية من خلال التعذيب و كل الممارسات الحاطة من الكرامة الانسانية ، ناهيك عن الحقوق الاقتصادية و الاجتماعية للمعطلين الصحراويين وكافة الجماهير الصحراوية وهذا يمثل انتهاك للحق في العمل الذي حث عليه الاعلان العالمي لحقوق الانسان ، و انتهاك ايضا للمادة 2 من العهد الدولي للحقوق الاجتماعية و الاقتصادية و الثقافية التي تحث على حق كل انسان في كسب رزقه و فق عمل يختاره بكل حرية .
ان الاجهاز التام على الحريات المدنية الجماعية و الفردية التي يعاني منها الشعب الصحراوي في مدن الصحراء الغربية و باقي المدن الصحراوية يمثل انتهاك صريح للقانون الدولي ، باعتبار مصادرة الحريات الانسانية الاساسية يمثل حالة طورائ غير معلنة   ، وقد حدد القانون الدولي معايير و شروط حالة الطوارئ و هي :
*يجب ان تكون حالة الطوارئ معلنة و هذا الامر لم تقم به السلطات العمومية  المغربية التي تصادر الحريات الاساسية دون علم المنتظم الدولي بذلك
*يجب ابلاغ التدابير المحددة لعدم التقيد بمعاهدة دولية رسمية الى المنظمات الدولية المختصة و الدول الاطراف الاخرى
*لا يسمح بعدم التقيد الا بالمقدار اللازم للحالة
*يجب عدم التقيد بمجرد ان تسمح الحالة بذلك (الدكتور يوسف بحير ، حقوق الانسان المعايير الدولية و اليات الرقابة ، الطبعة الثانية 2012 ، ص 90)
*يجب عدم مساس الحقوق الخاضعة لعدم التقيد ، مثل الحق في الحياة و الحرية و السلامة الجسدية ، وهذا المعيار لا يلتزم به ابدا المخزن المغربي في مدن الصحراء الغربية حيث يكون التعذيب في كثير من الاحيان كما يظهر في حالة معتقلي كديم ازيك و العديد من المناضلين الصحراويين الذين تعرضوا للتعذيب و الممارسة الحاطة من الكرامة الانسانية حيث حقن بعض المناضلين بمواد مجهولة كما يظهر هذا في حالة المناضلة الصحراوية و المدافعة عن حقوق الانسان سلطانة خيا و عبد الكريم مبيركات و ماء العينين الحمامي و محمد بابر وعفاف الحسيني  الذين كلهم تعرضوا للحقن بمواد مجهولة ، ناهيك عن اقتحام المئات من البيوت الصحراوية من طرف القوة العمومية  ومن  بين هذه البيوت المقتحمة نجد منزلي  الذي تعرض للمداهمة  من طرف افراد في القوات العمومية بلباس مدني و رسمي و تعرضت والدتي اثر هذا الاقتحام لممارسات حاطة من الكرامة الانسانية .
ان الطاغي في المدن الصحراوية هو المقاربة الامنية فقط ، وهذا يمثل كما قلنا سابقا تراجع عن الوعود التي حملها الدستور المغربي و لعل ابرز هذه الوعود هو مبدأ سمو المواثيق الدولية لحقوق الانسان ، وعليه فإن مدن الصحراء الغربية تعيش تأويل و انزال  امني للدستور المغربي ولكافة المواثيق الدولية الرامية الى ترقية واقع حقوق الانسان و هذا ما يجعلنا امام شبه او حالة طوارئ غير معلنة.

كاتب المقال Unknown

حول كاتب المقال : قريبا
«
Next
رسالة أحدث
»
Previous
رسالة أقدم
التعليقات
0 التعليقات