» » مفاهيم قانونية..غسيل الأموال


إستمرار من مدونة تيحونا بريس في نشر الثقافة القانونية بكافة تجلياتها لدى مختلف شرائح المجتمع المتعلمة وغير المتعلمة نواصل في هذه السلسلة الخاصة بالقانون الجنائي قبل الإنتقال إلى محاور أخرى كقانون الأسرة والعقار و الشغل إلخ...
ملف اليوم يتناول إحدى الجرائم الإقتصادية الراقية التي لا يقدم عليها إلا بعض الفئات التي تحاول الإغتناء و تكديس الثروات بشكل غير مشروع عبر تسخير جميع الوسائل من إستغلال النفوذ والسلطة والعلاقات وكل ما من شأنه تحقيق أكبر قدر من الغنى في أقل وقت.ولعل البرلمانيين خير من يجسد هذه الفئات اليوم خصوصا في الصحراء- ومن ضمنها آسا وكليميم-.
نتحدث اليوم عن جريمة تبييض أو غسل الأموال كمظهر من مظاهر الجرائم الإقتصادية المعاقب عليها.
فالكثير منا في فترة من فترات عمره خصوصا في مرحلة الطفولة عند سماعنا لمصطلح جريمة غسل الأموال كنا نعتقد أن الأمر يتعلق بالغسيل المتعارف عليه تقليديا...أي أن يضع شخص ما المال في " بانيو فيه الما والتيد" ويقوم بغسل هذه الأموال كي تصبح بيضاء كما هو مصطلح تبييض الأموال..ولو أن بعض سيقول أنني بالغت في هذا الوصف...لكن قسما  برب السماء هناك من كانت لديه هذه الفكرة تبعا لمستواه التعليمي.
بداية...وكي نقرب الصورة أكثر عن هذه الجريمة نقول بأن تبييض الأموال باختصار هو استخدام أموال نتجت عن القيام بجريمة في مشاريع يسمح بها القانون...فقد يعتقد مجتمع بأكمله أن شخصا ما رجل أعمال ناجح و عبقري إقتصاديا لأنه تمكن في مدة وجيزة من تشييد الكثير من المشاريع وبناء الفيلات  وتحقيق قدر كبير من الرفاهية ...و لكنه في حقيقة الأمر تجده تاجر مخدرات أو لاعب قمار ..
وللقيام بجريمة تبييض الأموال على المجرم القيام بعدة عمليات يمكن تلخيصها في مرحلتين:
المرحلة الأولى: هي تحويل الأموال التي نتجت عن الجريمة ( أموال تجارة المخدرات مثلا)، و يقوم المجرم بذالك من أجل التخلص من السيولة النقدية الكبيرة لأنه لو حاول وضعها في أي بنك سيكتشف أمره بسهولة عند بحث البنك عن مصدر هذه الثروة...كما أنه يريد إخفاء الجريمة الأولى نهائيا ( المتاجرة بالمخدرات)، و تكون عملية التحويل بأن يشتري المجرم بهذه الأموال عقارات أو سيارات فارهة باهضة الثمن أو بتحويل هذه الأموال إلى حسابات بنكية أخرى في أسماء أقاربه أو زوجته.
المرحلة الثانية : فهي تشتيت هذه الأموال بمعنى توزيعها على نشاطات تجارية مختلفة فينشأ هذا المجرم شركات وهمية  أو مقاولات" غير فالورق صافي" لكي يبعث إشارات بأن هذه الأموال المحصل عليها هي من عرق جبينه داخل هذه المقاولات..
وجريمة تبييض الأموال منطقيا هي خليط من جريمتين واحدة اصلية و الأخرى  تبعية, لأن الأولى تفترض تحقق المصدر غير المشروع للأموال المراد تبيضها( كتجارة المخدرات) والجريمة الثانية التبعية هي تبييض الأموال، ولكنها رغم ذلك تبقى جريمة مستقلة عن االجريمة الاولى. وهذا الاستقلال هو إستقلال موضوعي يترتب عليه إمكانية ملاحقة الفاعل ومعاقبته ولو كان فاعل الجريمة غير معاقب مثلا في تجارة المخدرات, لتوافر موانع المسؤولية الجزائية في حقه....واقيلا ما فهمتوا والو
يعني أن هناك جريمتان عمليا ،تجارة المخدرات ثم تبييض الأموال المتحصل عليها من هذه التجارة،لكن تم دمج الجريمتين معا في طابع واحد تبعا لقاعدة التبعي يلحق بالأصلي أو العكس.
تتكون العناصر اللازم توفرها لقيام  جريمة تبييض الأموال في :
 إخفاء مصدر الأموال: أي القيام بشكل سري بتحصيل الأموال من أعمال غير مشروعة.
  فعل التمويه:   أي  اصطناع مصدر مشروع وحقيقي للأموال غير المشروعة كالقيام مثلا بإنشاء شركات صورية من تلك الأموال أو شراء عقارات بغية التمويه على تلك المصادر غير المشروعة.
المصدر غير المشروع للأموال المبيضة :حيث  تعتبر جريمة غسل الأموال جريمة تابعة تفترض ابتداء وجود جريمة سابقة هي مصدر الأموال موضوع الغسل أو التبييض وتكون غالبا الاتجار في المخدرات أو تهريب السلاح أو القمار إلخ... 
خلاصة: لنجمل كل ما أوردناه بخصوص جريمة غسل الأموال نقول ما يلي :
هذه الجريمة تدخل في خانة الجرائم الاقتصادية المعاقب عليها.
تتطلب وجود عناصر لقيام هذه الجرييمة،مصدر غير مشروع للأموال ثم إخفاء هذه الأموال ثم التمويه بمصادر مشروعة غير حقيقية. .
بالنسبة للعقوبة المقررة لها نجدها تتراوح بين عقوبات أصلية و إضافية:
 العقوبات الأصلية: بالنسبة للأشخاص الطبيعيين بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وبغرامة مالية من عشرين ألف درهم إلى مليون ( 20000 إلى 1000000 )درهم.
أما فيما يخص الأشخاص المعنويين فتتحدد العقوبة في غرامة من خمسمائة ألف إلى ثلاثة ملايين (500000 إلى 3000000 ) درهم دون الإخلال بالعقوبات التي يمكن إصدارها على مسيرها أو المستخدمين العاملين بها المتورطين في هذه الجرائم،.
العقوبات الإضافية: المصادرة الجزئية أو الكلية للوسائل المستعملة في الجريمة.

                       حل الشركة المعنوية .
                      نشر الحكم في الجرائد.
أخيرا وكنصيحة مني إليكم،إعلم عزيزي القارئ بأن الذين يقومون بتبييض الأموال هم أشخاص أذكياء جدا و " شاطرين" و مستعدين لتبييض أموالهم بأي طريقة كانت و حتى لا تكون ضحية هؤلاء المجرمين أوصيك بما يلي:
قد يحصل أن تأتيك رسالة  إلكترونية إلى بريدك أو على هاتفك تطلب منك فيها إرسال رقم حسابك البريدي أو البنكي لتستلم مبلغا ماليا ، وسأكون صريحا معك أكثر عزيزي القارئ ...قد تجد مبلغا ماليا في حسابك البريدي حقا ...
في هذه الحالة لا تسحب المبلغ و أبلغ الشرطة أو البنك العميل فورا بذالك قصد إخلاء مسؤوليتك ، لأنك لو سحبت المبلغ قد تحاول تلك الشبكة إبتزازك فيخيرونك بين التعامل معهم فتجعل حسابك مصبا لأموالهم القذرة أو أن يبلغوا الشرطة ، و في الحالة الثانية سيعتبرك القانون عضوا من الشبكة لأنك كنت تسحب أموالا لا تخصك ...فسيعتبرها القانون عمولة من الشبكة مقابل استخدام حسابك.
ومثل هذه الحالة وقعت بمدينة  كليميم في فرع البنك المغربي للتجارة الخارجية عندما قام أحد البرلمانيي السابقين " ز" بضخ مبلغ كبير في حساب أحد المحامين " بن عبد الله" ثم قام المحامي" بيه السلعة" بسحب المبلغ كاملا قبل أن يبتزه البرلماني السابق برد المبلغ إله أو التبليغ عنه ولا زالت تداعيات هذه القضية مستمرة إلى يومنا هذا.
أظنكم الآن فهمتم سر الثروات التي يسبح فيها بعض المنتخبين والبرلمانيين...فالأكيد أن مصدرها ليس راتبهم أو الإمتيازات المخولة لهم بل هي من نعيم تجارة المخدرات...وكي أكون واضحا أكثر " كل برلماني عندنا فاش يمشي للرباط هاز معاه باليزة ديال الكوكايين مستغلا الحصانة العمياء التي يخولها القانون  لممثلي الأمة"
موضوع الحصانة هذا سيكون أيضا موضوع مقال لاحق سنحاول الإلمام بكافة تفاصيله القانونية والواقعية.
مع تحيات مراسل كليميم


كاتب المقال مراسل كليميم

حول كاتب المقال : قريبا
«
Next
رسالة أحدث
»
Previous
رسالة أقدم
التعليقات
0 التعليقات

ليست هناك تعليقات:

دع تعليقك