» » مفاهيم قانونية : إصدار شيك بدون رصيد أو مؤونة..محاولة للفهم



إستكمالا لما بدأناه في سلسلة نشر المعرفة القانونية بجميع فروعها ،نختم الشق المتعلق بالتجريم والعقاب قبل الإنتقال إلى تناول بعض المساطر الإدارية والقضائية التي تهم حياة الناس أكثر كمساطر تحفيظ الأراضي وإشكالياتها أو مساطر البيع أو الكراء إلخ...
إذا- وكما قلت – سيكون ختام السلسلة الخاصة بالجرائم بقضية تسيل دائما الكثير من المداد على مر التاريخ،و نالت آسا حظها أيضا بهذا الخصوص في إحدى القضايا التي تعتبر الأشهر في تاريخ هذا الموضوع فيما بات يعرف بقضية "ت و س"...موضوعنا هو : الشيك وإشكالياته العملية.
 يعتبر الشيك من أخطر الأوراق التي قد يوقعها المرء في حياته ، ذلك أن الخطأ في التعامل مع هذه الورقة قد يكلف المرء الكثير...باعتبار أنه إذا كان بإمكاننا التراجع عن بعض ما نقول" كأن تقول  ياويلي ما قلت شي"...فلا يمكننا بأي حال من الأحوال أن نتراجع عما نخطه بأيدينا....
فقد ظهر الشيك لأول مرة في بريطانيا سنة 1765...أما فرنسا فلم ترخص التعامل به إلا في سنة 1865 ...أما على المستوى الدولي فقد خصصت له ثلاثة إتفاقيات خلال مؤتمر جنيف سنة ألف و تسع مئة وواحد و ثلاثين .
 و الشيك عبارة عن أمر بدفع مبلغ محدد إلى شخص معين ، و يوجه هذا الأمر إلى شخص ثالث عادة ما يكون مؤسسة مصرفية أو بنكية .
 ولصحة الشيك يشترط القانون فيه شكلا خاصا بحسب القوانين ، غير أن الجريمة التي أود عرضها يصطلح على تسميتها بجريمة إصدار شيك بدون رصيد أو مؤونة، و هي تحرير شيك بقيمة مالية أكبر من قيمة المبلغ الموجود في الرصيد حقيقة..." يعني قيمة الشيك كتكون أكبر من الفلوس اللي في الكونط" و قد ينتقل هذا الشيك إلى شخص آخر........و ما يميز هذه الجريمة هو أن القانون دائما يفترض سوء نية الشخص الذي كتب هذا الشيك دون النظر في مبرراته " ما يعقل عليك القانون"...فقد تكون كتابة هذا الرقم مجرد سهو وقع فيه كإظافة صفر زائد "فبدل مثلا أن نكتب الف درهم يصبح المبلغ عشرة آلاف درهم بجرة قلم صغيرة" ، لسان حال القانون يقول :....كان عليك التأكد من وجود المبلغ الكامل في رصيدك قبل كتابة الشيك !!!
لكن في بعض الحالات تقوم النيابة العامة  قبل توجيه التهمة بإعطاء الشخص المتهم فرصة لضخ المبلغ في الرصيد ، و قد تكون هذه الفرصة مهلة زمنية أو ما شابه و حتى لو أصرت على اتهامه...تستطيع فرض غرامة يدفعها مباشرة دون حاجة إلى محاكمة....لكن هذه الإمكانية لا تعطى لجميع المتهمين لأنه ببساطة " خاص تكون عندك جداتك في المعروف" كما وقع تماما في قضية الشيك الشهير بين احد النواب البرلمانيين السابقين وربطها بصعود- ر.ت- لمنصب رئيس المجلس الإقليمي،ولا أريد الدخول في تفاصيل هذه القضية المعروفة.
أنا حين أدعو لتعميم هذه الإمكانية على الجميع دون تمييز لا أدافع عن مرتكبي هذه الجريمة ، و لكنني اصادف أحيانا قضايا تخص إصدار شيك بدون رصيد...و كان المبلغ تافها...في الوقت الذي تشكو فيه المحاكم من كثرة القضايا ، بينما إذا كان الأمر يتعلق بمبالغ كبيرة...كان لهذه الإجراءات و المحاكمات في هذه الجريمة ما يبررها...لأنها تشكل زجرا للمجرم و تحذيرا لبقية أفراد المجتمع........
لقيام   هذه الجريمة لا بد من توافر ثلاث شروط:
1- ضرورة توافر أو وجود الشيك.
2- عدم القيام بتوفير مؤونة الشيك أو إغفال توفيرها وقت تقديم الشيك للأداء.
3- القصد الجنائي
أما فيما يخص سحب الشخص لمبلغ من رصيده الخاص فقد شاع استخدام بطاقات إلكترونية " كارت كيشي"في السحب.....و بهذا الخصوص أتذكر دائما كلام والدي الذي كان يفضل الشيك.. ( رغم خطورته).....ربما لأنه يحب البساطة في كل ما يقوم به وكان يقول مازحا تعليقا على البطاقات الإلكترونية " من النهار اللي عادو لفلوس يخرجو من لحيوط ماتلات فيهم بركة"....
و أخيرا أنصحك عزيزي القارئ بتوخي الحذر في كل ما تكتب فالشيك ورقة صغيرة...و لكنها قد تصبح كبيرة إذا ما لم يحسن إستعمالها...فلا يعذر أحد بجهله للقانون....


كاتب المقال مراسل كليميم

حول كاتب المقال : قريبا
«
Next
رسالة أحدث
»
Previous
رسالة أقدم
التعليقات
0 التعليقات

ليست هناك تعليقات:

دع تعليقك