قبائل أيتوسى و "أزمة القيادة"_

أسا بريس : بوجمعة بيناهوا

 بين إخفاقات الماضي والحاضر ورهانات المستقبل "لم أكن ارغب في التحدث عن هذا الأمر ،بل ترددت كثيرا لما له من حساسية ولما يمكن أن يثيره من توجس في نفوس البعض . لكن لدي قناعة راسخة ومبدأ يقين على أن هناك واقع مختل يستحق منا تشريحه من أجل ترميمه . الموضوع هو "أزمة القيادة" والتي إتضح بالملموس على أنها أكبر عائق أمام مكون قبائل أيتوسى والذي يتوفر على مؤهلات كببرة يحسده عليها الكثير. وفي نظرنا المتواضع لا يمكن لأي مجتمع أن يتقدم بدو ن " قيادة" أو "زعامة سياسية" أو " نخب " لأنها تقريبا مصطلحات أو مرادفات متقاربة. إن غياب هاته "القيادة " وبالشروط التي يتطلبها مفهوم الزعامة مثل توفر "كاريزما " معينة بالإضافة إلى الأخلاق و الكرم و الصدق والجرأة ونكران الذات و الغيرة في سبيل المصلحة العامة . إلى جانب ذلك لا يمكن لأي مجتمع أن يتقدم دون إعتماد تلك القيادة على منظرين و خبراء و مثقفين ينتمون لنفس البيئة و يعرفون خباياها يرسمون الإستراتيجيات و يضعون المخططات ،في جانب أخر يتطلب الأمر رجال المال والذين يشكلون العمود الفقري لإقتصاد المجتمع والذي يجب عليهم تقديم الدعم في اللحظات الحاسمة ،ثم لا ننسى القواعد الميدانية والقادرة على تنفيد المخططات بتوجيه من القيادة السياسية ،والأمر المهم هو وجود سياسي مفاوض مناور قادر على الدفاع عن تطلعات مجتمعه والأكيد على أن هذا النوع من التنظيم سيحقق الوحدة والتضامن وسيكون بمثابة قوة ضاغطة على الخصم كيف ما كان نوعه .

" أيتوسى التاريخ " لعله من مكر التاريخ أنه لا يرحم في ظل دولة تفتقد لشيء إسمه "ثقافة إلإعتراف" لأن المحدد اليوم في العلاقات الدولية أصبح هو المصلحة، ونظرا لأصالة ووفاء الإنسان الصحراوي بطبعه جعلت من الرعيل الأول من قبائل أيتوسى يقدم وفاءه مجانا و المسؤولية طبعا يتحملها من تولى التحدث بإسم المكون رغم أن الملك الحسن الثاني كان يعي جيدا بوزن هذا المكون و يحترمه و يقدره لكن ربما غياب وعي وبساطة فكر أو ربما حتى خبث و سوء نية التمثيلية في تلك المرحلة هو ما جعلنا نتجرع مرارة الإقصاء و التهميش و النسيان.

 ". أيتوسى الحاضر ". لا يمكن لأخطاء الماضي أن لا تؤثر على الحاضر فربما ذلك التاريخ جعل الأمور تنقلب بعد إنتفاظة أسا المجيدة سنة 1992 ولعله من مكر التاريخ مرة أخرى بروز قيادة شبابية كان لها دور إيجابي على المنطقة و نظرا لتوجهها و لمبادئها و لوفاءها لأن تنتمي لمجتمع أصيل لا يجيد النفاق السياسي فقد جرمت القبيلة و أصبحت "القبيلة جريمة وطنية" ، فعاشت قبائل أيتوسى و مدينة أسا تحديدا فراغا سياسيا خاصة مع إلإنتخابات الجماعية و النيابية في بداية التسعيينات 1993 مما جعل أناسا مهترئون يتولون تدبير الشأن العام ولأن التمثيلية المحلية مفتاح لأمور كثيرة جعلتهم يتسلقون التمثيلية تلو الأخرى بإسم المكون .فجاءت نكبة مسلسل تحديد الهوية ليبدأ مخطط الدولة إتجاه المكون ضمن تصنيفه ف H61 وبعد التجربة الأولى للمجلس الإستشاري للشؤون الصحراوية و فشلها سيتم في سنة 2006 إحياء نسخة ثانية عرفت إختصارا ب " الكوركاس " ليتولى رئاسته خليهن و لد الرشيد و ليصرح في برنامج تلفزي مباشر حين تقدم إليه صحفي بسؤال عن موقع قبائل شمال الصحراء أو تحديدا المناطق المتواجدة خارج أراضي النزاع ليجيب بأنهم للدعم المعنوي فقط!!!!! بعد ذلك ستتجه الدولة إلى تحديد مجال إشتغال وكالة الجنوب في محاولة منها لإقصاء مكون قبائل أيتوسى ثم بعد ذلك سيخرج مشروع الجهوية الموسعة ويبين سيناريوا جديد يستهدف المكون .

 ما الحل إذن ؟ منذ سنة 2010 وفي متمها تحديدا سيتم طرح تصور لأطر أيتوسى في مذكرة شهيرة عنونت بأطر أيتوسى تعلن ميلاد حركة قبائل أيتوسى لرفع التهميش و الصادرة في 03 دجنبر 2010 وسيتم الإعلان بشكل صريح عن مطلب عمالة المحبس إجديرية . إنه إذن مطلب يجسد غيرة فئة نوعية من المكون و الإحساس بالمخاطر المستقبلية وبداية تشكل وعي سياسي حقيقي وواقعي يضع مصلحة المنطقة والمكون فوق كل إعتبار . سنعود بكم إلى أزمة القيادة و المتمثل في تخليد ذكرى المولد النبوي الشريف في زاوية أسا لسنة2011 حيث كانت سنة إستثنائية بحيث توافدت على القبيلة حوالي 26 نحيرة .لكن من يمثلون القبيلة لم يستوعبوا المغزى من هذا الآهتمام الغير مسبوق من مختلف القبائل ،فلطاما كان يتم تخليذ الذكرى وتنحر أيتوسى ناقتها و لكن ممثلينا إكتفوا بالمأذبة فقط بينما وفد قبائل تكنة و أقصد تحديدا قبيلة إزركيين و التي كانت ترغب في نقاش سياسي ورسم تحالفات سياسية نفس الشيء بالنسبة لقبيلة الركيبات و التي حظرت بتمثيلية وازنة لكن و أسفاه مرة أخرى من له صفة التمثيلية يخلف الموعد و يعاكس التاريخ . ملاحظات جوهرية في تاريخ نزاع الصحراء : ونحن نقف على مراحل مختلفة من زمن الصراع السياسي بين المغرب و البوليساريوا لا يمكن إغفال مجموعة من الملاحظات: لطالما وصف أبناء المكون و مناطقهم من طرف الطرح الرسمي للبوليساريو ب "جنوب المغرب ".هذا الأمر لا يخلوا من دلالة ؟. وصف الطرح الرسمي للمغرب أبناء المكون ومناطقهم بأنها خارج منطقة النزاع أي أراضي 1958. بل العكس و لو لم ترد بشكل صريح لكنها أمور ضمنية وغالبا ما يتم التلويح بها على أنكم لستم معنيين ،هذه أمور خطيرة و لطالما تجاهلها المكون زيادة على الإتهام بتهمة الإنفصال .

 رهانات و تحديات المستقبل : لكل زمان رجاله و اليوم تتوفر قبائل أيتوسى على مقومات بشرية هائلة وتشكل نخب حقيقية في جميع المجالات ،الحقوقية ، والسياسية،الفكرية ،الإعلامية ،الرياضية،وحتى الثقافية(شعراء المكون) دون أن ننسى الدور الكبير الذي لعبته مجموعة شباب أسا للتراث الحساني في تلميع صورة المكون خاصة مابين سنوات 1998إلى 2006 . يجب فقط إستثمار هاته الطاقات بشكل جيد .لأن جيل اليوم مطالب بتحمل المسؤولية كاملة في الدفاع عن الهوية و الثوابث والتي تعد الأرض و الكرامة رمزا لها. رسائل يجب أن تبعث: يجب أن يعي الجميع بما في ذلك الدولة المغربية والبوليساريوا على أن جزء كبير من أراضي أيتوسى يدخل ضمن اراضي النزاع ولا يمكن التفريط فيه بأي وجه كان من أجل ضمان السلم والامن في المنطقة و تجنيبها حرب التطاحنات القبلية و لا زلنا نتذكر جواب الحسن الثاني لأحد الصحفيين لما سألم عن ما يمكن فعله ف حال خسر الصحراء و جوابه كان واضحا لما قال سأقوم بتسليح أبناء الشمال منذرا بنشوب حرب أهلية .في النهاية لا يسعني الا أن أشكر كل من تسبب في اذكاء الفتنة لأنها كانت سببا في مراجعة الذات و فرصة لاعادة البناء.